ختام البرنامج الثاني من فعاليات مبادرة الحزم التدريبية لكوادر الإدارة الحكومية    المستشارة أمل عمار: تنسيق كامل مع الهيئة الوطنية للانتخابات لتوفير الدعم للسيدات    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط في يومها الثاني    مدبولى: زيادة حجم أسطول مصر للطيران ب28 طائرة جديدة    لحظة تحطم طائرة عسكرية تركية على متنها 20 شخصا في جورجيا (فيديو)    المنظمة الدولية للهجرة تحذر من قرب انهيار عمليات الإغاثة في السودان    ممداني وهاشمى وحمود وبيضون..فوز مرشحين مسلمين في انتخابات البلديات هل يغير السياسة الأمريكية المنحازة للصهاينة ؟    وزير الرياضة يتابع بعثة مصر المشاركة في التضامن الإسلامي    مسار يكتسح 15 أغسطس بخماسية في مجموعة الموت بدوري أبطال أفريقيا للسيدات    إخماد حريق في مخزن دراجات نارية على طريق المحلة- المنصورة في الغربية    كشف ملابسات مقطع فيديو لمشاجرة بسبب أولوية المرور بالقاهرة وضبط المتهمين    بعد استقرار حالته الصحية.. خروج محمد صبحي من العناية المركزة    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعلن جدول أيام الصناعة الكامل في دورته ال46    محافظ المنيا مشيدا بالناخبين: حريصون على المشاركة فى العرس الديمقراطى    انطلاق ورش مهرجان القاهرة للطفل العربي في يومه الأول (تفاصيل)    المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب.. إقبال متوسط بلجان اقتراع الغردقة للإدلاء بالأصوات    الأهلي يواصل استعداداته لمواجهة سموحة في سوبر اليد    أوغندا تهزم فرنسا في كأس العالم للناشئين وتتأهل "كأفضل ثوالث"    الفريق ربيع عن استحداث بدائل لقناة السويس: «غير واقعية ومشروعات محكوم عليها بالفشل قبل أن تبدأ»    فريق طبي بمستشفى العلمين ينجح في إنقاذ حياة شاب بعد اختراق سيخ حديدي لفكه    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    دويدار يهاجم زيزو بعد واقعة السوبر: «ما فعله إهانة للجميع»    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الجيش الملكي يعلن موعد مباراته أمام الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء وحدة استخباراتية جديدة لمواجهة التهديدات العالمية المتصاعدة    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    «الهولوجرام يعيد الكنوز المنهوبة».. مبادرة مصرية لربط التكنولوجيا بالتراث    «تعثر الشرع أثناء دخوله للبيت الأبيض».. حقيقة الصورة المتداولة    الحكومة المصرية تطلق خطة وطنية للقضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    تقنيات جديدة.. المخرج محمد حمدي يكشف تفاصيل ومفاجآت حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ال46| خاص    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    الأزهر للفتوي: إخفاء عيوب السلع أكلٌ للمال بالباطل.. وللمشتري رد السلعة أو خصم قيمة العيب    شاب ينهي حياة والدته بطلق ناري في الوجة بشبرالخيمة    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    الكاف يعلن مواعيد أول مباراتين لبيراميدز في دور المجموعات بدوري أبطال أفريقيا    دار الافتاء توضح كيفية حساب الزكاة على المال المستثمر في الأسهم في البورصة    مراسل "إكسترا نيوز" ينقل كواليس عملية التصويت في محافظة قنا    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    رئيس مياه القناة يتابع سير العمل بمحطات وشبكات صرف الأمطار    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    التغيرات المناخية أبرز التحديات التى تواجه القطاع الزراعى وتعيد رسم خريطة الزراعة.. ارتفاع الحرارة وتداخل الفصول يؤثر على الإنتاجية.. ومنسوب سطح البحر يهدد بملوحة الدلتا.. والمراكز البحثية خط الدفاع الأول    البورصة المصرية تخسر 2.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    وزير الصحة يؤكد على أهمية نقل تكنولوجيا تصنيع هذه الأدوية إلى مصر    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    "طلاب ومعلمون وقادة" في مسيرة "تعليم الإسكندرية" لحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب 2025    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا رقص المصريون؟
نشر في المصري اليوم يوم 25 - 05 - 2014


(1)
دلفت إلى هذه الشقة البديعة في ولاية ماريلاند، قبل عدة سنوات، لمقابلة أكاديمي أمريكي يدرس العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، بغرض إجراء حوار صحفي حول صناعة القرار الانتخابي الأمريكي الداخلي.
وفور دخولي، سمعت شيئا ما بدا لي مألوفا قليلا، لكنني أحسست تشوشا في الوعي لم أفهم مصدره، وقفت مكاني قرابة 15 ثانية وتتبعت الصوت محاولا تمييزه، وساعيا إلى فك معادلة الشتات الذهني المفاجئ..
رويدا رويدا كان الصوت القادم من كاسيت ضخم يتضح لي شيئا فشيئا..
ميزت الكلمات بهدوء...(النار النار النار.. أنا قلبي قايد نار.. حبيته.. ولاقيته)..إنها أغنية لحكيم!
حاولت استيعاب الموقف بكل ما أوتيت من تركيز..ما الذي يفعله حكيم في شقة أكاديمي أمريكي مسن ممل في ولاية ماريلاند على بعد آلاف الكيلومترات من القاهرة؟
سألت الرجل: ما هذا؟
قال: هاكيم (حكيم)! ثم ابتسم وابتهج كأنه يقدم لي معروفا لن أنساه أبدا!
تجاذبنا أطراف الحديث، وإذا بالأكاديمي العجوز عاشق متيم لأغاني حكيم وإيقاعاته، ويعتقد أنها خلاصة البهجة الإنسانية..
نحيت جانبا موضوع حوارنا الصحفي، حين أخذ يستعرض بحماسة بالغة صور جولاته حول العالم، خاصة في مصر، بينما يحكي لي عن حكيم وكيف سمعه أول مرة في ميكروباص مر بجواره في أحد شوارع القاهرة، فأسر وجدانه منذ ذلك الحين..
ثم أخذ يحكي عن طبائع الشعوب التي زارها حول العالم.. وفي القلب منها الشعب المصري، وعلى رأسه ملك البهجة بالنسبة إليه "حكيم".
وفي مشهد عبثي.. كان يغني لي بنطق عربي ركيك، يليق بأداء الكومبارسات الأجانب في الأفلام العربية البلهاء، بعض أغاني حكيم.. بينما تكاد عيناه تبكيان من السعادة الغامرة.
(2)
في إشارات المرور.. في محطات المترو.. في الراديو.. الفضائيات.. رنات الموبايل..تقفز أغنية «بشرة خير» من كل مكان في وتيرة تكرار تكفل للذكر المصري الطبيعي الذي يقضي 10 ساعات في العمل والمواصلات أن يتعرض لها بمعدل 10 مرات خارج البيت على الأقل و5 بداخله.
بالطبع الإيقاع أخف روحا ودما، والحالة ككل أقل كارثية من رائعة الروائع «تسلم الأيادي».
لكن في التعاطي المرح مع الأغنية وفي عشرات الفيديوهات الساخرة التي رفعها طلبة الجامعات المصرية على يوتيوب في إعادة تمثيل ساخر لمعنى الأغنية.. شيء ما ينبغي أن يلفت الأنظار.
لماذا احتفى المصريون بالأغنية لهذا الحد ولماذا رقصوا كل هذا الرقص؟ ولماذا يرقص أنصار /نصيرات المشير السيسي على هذا النحو؟ ولماذا يتوقع أن تتحول اللجان الانتخابية لمحافل عامة، أغلب الظن ستقدم فواصل مبهجة من الرقص والزمر والغناء على ألحان «بشرة خير»؟
ببساطة ودون كلكعة.. أظن إننا بنتلكك عشان نفرح!
الناس تريد الهروب من المجهول الخانق الذي يضرب أطنابه أركان البلد.. الناس تريد أن تبتهج ولو بتناسي كل هذه المآسي والدماء والآلام التي جرت على مدار 3 سنوات من الاشتباكات والكر والفر والمكائد.
المصريون ببساطة يريدون أن يفرحوا.. وفي إيقاعات بشرة خير تحفيز صريح لدفع كائن المرح المكبوت داخلنا أن يفصح عن ذاته.
طالما كانت أغاني حكيم نقطة تحول دراماتيكية في أفراح التسعينيات، فمع أغاني عمرو دياب ومحمد فؤاد كانت الناس تبتهج وتتمايل وهي تنظر للكاسيت (عصور ما قبل الدي جي) بسعادة رومانسية حالمة.. ومع أول أغنية تصدر من الكاسيت لحكيم، ينقلب الفرح رأسا على عقب إلى طقس رقص جماعي محموم، كأن الحاضرين أبناء قبيلة إفريقية وثنية ويقدمون القرابين للآلهة على إيقاع الرقص الماجن.
(3)
الرقص لم ينفصل تاريخيا عن السياسة، فمذكرات الدبلوماسيين تزخر بالثرثرات الجانبية عن الأزمة الفلانية التي جرى حلها بعد رقصة بين هذا المسؤول وهذه المسؤولة.. أو الأزمة العلانية التي انتهت بعدما أدى هذا المسؤول هذه الرقصة.
والواقعة المصرية الأشهر، هي رقص صلاح سالم مع قبائل الدنكا في السودان بنفس أسلوب رقصهم في إطار احتوائهم سياسيا، بعدما ولاه عبدالناصر الملف السوداني.
فضلا عن وقائع استخدام راقصات مع المفاوضين الإسرائيليين في مفاوضات اتفاقية السلام، للتأثير على مزاجهم العام.
والشاهد هنا يتخطى السياسىة والمصريين، لصالح ظاهرة إنسانية قديم قدم الإنسان ذاته..
فكثيرا ما أشير إلى تحليلات نفسية وأنثروبولوجية عن دور الرقص في حياة الشعوب، وفي مساعدته الأفراد على نفض همومهم عن كواهلهم.
الضرورة التجارية والفنية، وقبلها النفسية، تعيد إنتاج هذه الإيقاعات..
والضرورة السياسية والاجتماعية في الظرف العام الذي نعايشه، ستعيد إنتاج عشرات النسخ من تسلم الأيادي وبشرة خير.. الأمر أشبه بتدريب الأطفال على الغناء لحظات انقطاع التيار الكهربائي، كي يؤنسوا أنفسهم وكي لا يستسلموا لهواجس الخوف والفزع.
ببساطة، سنرقص ونغني كثيرا.. لأننا نريد أن نتخطى الماضي، وأن نتناسى بعض أجزائه، ولأننا نريد أن نفرح، ولأننا نريد أن نكتم هواجسنا، فلا تعاودنا أبدا.
(4)
ليل خارجي/ فيلم الناصر صلاح الدين
عيسى العوام: كيف طاوعك لسانك أن تقول لجنودك مثل هذا الكلام يا صارم؟ كيف طاوعك قلبك أن تفسد عليهم فرحة النصر؟
الصارم: إنهم لا يحتفلون بالنصر، هؤلاء الجنود الذين يغنون ويرقصون إنهم يحتفلون ببقائهم أحياء.. لكنهم يمرون بالضحكات خوفا من صحة الخبر المشؤوم.
(5)
عيسى العوام: هل يمكن أن يتسلل القلق إلى خيمة السلطان؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.