قالت محكمة جنايات شمال القاهرة فى حيثيات حكمها ببراءة 62 من أنصار تنظيم الإخوان فى القضية المتهمين فيها بالشروع فى القتل والبلطجة واستعمال القوة والعنف مع الشرطة وحيازة أسلحة نارية، فى أحداث الأزبكية ومحيط ميدان رمسيس- إن النيابة العامة كان عليها أن تثبت بأدلة يقينية قائمة على منطق الجزم واليقين وليس الشك والترجيح أن المتهمين شاركوا فعلاً فى التظاهر الذى تم فى أحداث ميدان رمسيس يوم 15 يوليو 2013 حتى يمكن أن يسند إليهم جميع الجرائم التى ارتكبها هذا التظاهر الوارد بأمر الإحالة. وأضافت المحكمة فى حيثياتها أن الحراك السياسى للشعب المصرى بدأ فى 25 يناير 2011، ومازال حتى هذه اللحظة، وأن الشارع السياسى يموج باختلاف الآراء ما بين مؤيد لاتجاه ومعارض لاتجاه، وأن من سلسلة الحراك السياسى للشعب المصرى أحداث يونيو 2013 وبداية يوليو، وكان من نتيجة تلك الأحداث أن هناك فريقاً مؤيداً لما حدث، وفريقاً آخر معارضاً، وكل من الفريقين يرى صالح الوطن من وجهة نظره. وتساءلت المحكمة فى حيثيات حكمها: «هل النيابة العامة جاءت بأدلة يقينية مؤسسة على الجزم واليقين على أن هؤلاء المتهمين الماثلين كانوا من ضمن أفراد التجمهر والتظاهر وشاركوا مع المتهمين المجهولين فى ارتكاب الأحداث حتى يمكن مساءلتهم عن جميع جرائم التجمهر؟». واستدركت: «الإجابة على هذا السؤال تقتضى الرجوع إلى نص المادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية التى نصت على أن تكون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابها أو عقب ارتكابها بفترة يسيرة، ونصت الماده 37 من قانون الإجراءات الجنائية لكل من شاهد الجانى متلبساً بجناية أو جنحة يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطى أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه». وتابعت: «هذا حكم القانون فى حالة التلبس بارتكاب الجريمة، فهل المتهمون الماثلون أمام المحكمه تم القبض عليهم متلبسين بارتكاب الجريمة حسبما قررت النيابة العامة؟ فهل هناك أدلة يقينية جازمة أمام المحكمة على أن واقعة القبض على كل المتهمين متلبسين بالمشاركة فى التظاهر وارتكاب الجرائم الثابتة فى أمر الإحالة؟ والإجابة أن القبض على جميع المتهمين تم بواسطة مجهول سواء كان هذا المجهول من قوات الشرطة أو من الناس، وأغفلت تحقيقات الشرطة وشاركتها تحقيقات سلطة النيابة العامة تحقيق واقعة التلبس، ومعرفة من قبض على المتهمين». وقالت الحيثيات إن مكان وزمان الضبط يؤيدان دفاع كل من المتهمين على حدة، موضحة: «زمان الضبط فى شهر رمضان عقب صلاة التراويح، ومكان الضبط ميدان رمسيس وما حوله من شوارع، وهو مركز النشاط التجارى فى وسط المدينة، وبعض المتهمين قبض عليهم فى ميدان العتبة بدائرة قسم الموسكى، وباستعراض دفاع كل متهم عن سبب تواجده بالقرب من منطقة الأحداث، نجد أنه يتواءم مع المنطق والمجرى العادى للأمور، فميدان رمسيس تقع به محطة سكك حديد مصر المحطة الأم، ومحطة مترو الأنفاق الرئيسية ومعبر للقادمين والمغادرين لمدينة القاهرة وطريق وسط المدينة التجارى، وكل من المتهمين أبدى سبباً مقبولاً ومعقولاً لتواجده فى مكان الضبط، ليس بسبب التظاهر، وفى حالة غياب الدليل اليقينى على اشتراكهم فى التظاهر». وأضافت: «أما المتهم أحمد منصور قرنى عبدالعاطى الذى قرر أنه خرج من اعتصام رابعة فى طريقه إلى رمسيس، فلقد نفى اشتراكه فى مظاهرات رمسيس وقرر أنه قبض عليه فى محطة غمرة قبل ميدان رمسيس بنحو ما يقرب من كيلو متر، وخلت الأوراق من دليل على اشتراكه فى التظاهر؛ إذ إن القبض عليه تم بواسطة مجهول أيضاً، والقبض العشوائى أسفر عن القبض على مصور فوتوغرافى يدعى فارسسيسو كوانتريوس وقد أخلى سبيله واستبعد من الاتهام، بينما المتهم محمد بدر المصور الصحفى قبض عليه حاملاً كاميرا وزج به فى قرار الاتهام ويستعصى على منطق الأمور أن يقوم مصور صحفى بالاشتراك فى التظاهر وارتكاب الجرائم وهو يحمل كاميرا صحفية ثم يتم القبض عليه بمعرفة مجهول». واختتمت الحيثيات بأنه «ولما كان ذلك وكان الأوراق خالية من ثمة دليل على اشتراك المتهمين فى التظاهرات التى تمت فى منطقة الأحداث على النحو المتقدم مما يتعين معه القضاء ببراءة جميع المتهمين مما نسب إليهم عملاً بالماده 304 من قانون الإجراءات الجنائية». وكانت المحكمة برئاسة المستشار محمد فتحى صادق وعضوية المستشارين خليل عمر عبدالعزيز وعبدالغفار جادالله، بأمانة سر رفاعى فهمى محمد سليمان وحسام كمال، قد قضت فى جلستها فى 2 فبراير الماضى حضورياً ببراءة المتهمين.