«هنا تجد العظماء والقادرين من الناس (والناس يحترمونهم كثيراً- فى الظاهر على الأقل) ولكن لا أحد يعتبر نفسه أقل منهم فى شىء، فقد يأتى رجل ليزورنى فيقبل يدىّ ثم يجلس على مبعدة على البساط من قبيل الاحترام، ولكنه يدخن غليونه ويشرب قهوته ويضحك ويتحدث ويسأل الأسئلة فى حرية كما لو كان هو أفندى وأنا فلاحة، فهو ليس أقل منى وإنما هو أخ لى تصادف أنه فقير. «..» ثم إن قواعد الأدب واحدة للجميع، فالمار فى الطريق يحيى الجالس والقادم إلى حجرة يحيى الموجودين فيها بلا تمييز بين الرتب، وأنا إذا حييت الرجال قاموا بتحيتى، فإن لم أفعل لم يلقوا إلى بالا. ولهذا كله وقع محبب لطيف. لا يحظى الشخص بالتقدير نتيجة احتمال ترقيه وحصوله على لقب بك أو باشا، لأن العبيد والتابعين فقط من تسنح لهم تلك الفرصة ولا تسنح كثيراً لخيار القوم وأهل الفطنة والذكاء بينهم.. وهكذا نجد أن الطبقة الوحيدة الشريفة التى تحافظ على كرامتها وكبريائها هى الطبقة التى لا تتطلع إلى شىء- ولا أقول لا تخشى شيئاً- فالكل هنا يخشون أموراً قد تحل بهم». مقطع من رسائل ليدى دوف جوردون التى كتبتها من سنة 1862 حتى 1869، وضمها كتاب يعد من أبرز كتب أدب الرحلات، نشر حديثاً ضمن إصدارات سطور جديدة.