.أمام ضريح «سيدى مفرح» بساحة المساجد، وقفت تتحسس جدران المقام متشحة بزى أسود ونظارة بنفس اللون، يبدو على هيئتها «الثراء»، تتمتم بكلمات غير مفهومة، لكن الواقف بجوارها يستطيع تمييز بعض العبارات مثل «خائن».. «اشفِ غليلى»، وأخرى غير مفهومة اختلطت بالبكاء. «أصلهم بييجوا هنا مفكرين إن أى واحدة جوزها خانها أو سابها، صاحب المقام بيرجعه ليها».. هكذا علق «عبدالغنى السيد»، أحد رواد المسجد، على موقف السيدة «الثرية» أمام الضريح، وسبب اختيارها له دونا عن باقى الأضرحة الموجودة فى نفس المكان، وأشهرها «المرسى أبوالعباس». حالة السيدة أمام الضريح وطريقتها فى مناجاة صاحب المقام لم تكن هى الوحيدة فى سلسلة معتقدات يؤمن بها أبناء الإسكندرية، فمن الاعتقاد من ببركة الأولياء إلى مياه البحر التى تقى البرد فى شهر طوبة (الشهر الخامس فى السنة القبطة وتوافق بدايته 7 يناير)، والتى يعتقد فيها العديد من أهل منطقة بحرى تحديداً بأنها تحمى من الأمراض، خاصة البرد، إذ تنخفض درجة حرارة الجو بشدة، ويزداد احتمال الإصابة به فى هذا التوقيت، حتى ارتبطت هذه العادة بأحد الأمثال الشعبية التى يحفظها السكندريون عن ظهر قلب، تقول: «طوبة يخلى الصبية كركوبة، من كثرة البرد والرطوبة». داخل دكانه العتيق بمنطقة المنشية يجلس نبيل فاضل، صاحب أحد محال الزينة، كما يبيع كف «خمسة وخميسة» والخرزة الزرقاء، ويرى أن الاعتقاد فى هذه الأمور غير صحيح، وأن أغلب مستخدميها يعرفون أنها مجرد «خرافات» تتداول منذ الأجداد إلا أن التطور العلمى الآن وانتشار الوعى ساهما فى التقليل من حدة الاعتقاد فيها. يتحدث وهو ممسك بعقد خرزى أزرق «ضخم» يتأمله ولسان حاله يسأل: كيف لهذه الخرزة أن تكون صاحبة الحظ والسعادة فى وجود خالق الخرزة وطالب السعادة؟».. ويقول: «الخرزة الزرقة عليها إقبال كبير بين المواطنين لكن ليس لها علاقة بالحسد.. البعض يستخدمها كديكور.. والدين للديّان». «نوع من أنواع التفاؤل».. هكذا يبادرك «نبيل» ليرد على سؤال حول سبب انتشارها على مداخل المنازل، وتبارك الناس بها، ويطرح هو الآخر بدوره سؤالاً، قائلاً: الشعب الإسبانى يتفاءل باللون الأحمر، والليبى يتفاءل بالأخضر، والأوروبى يميل للون الأزرق السماوى.. فهل هم أيضًا يؤمنون بالحسد ويستخدمون هذه الألوان لدرئه؟».