تسبب ضعف مستوى مهارات العمال داخل المصانع، والتى أرجعها عدد من المستثمرين إلى تدنى التعليم الفنى فى المحافظة، إلى تبنى أصحاب المصانع فى مختلف المناطق الصناعية مبادرة أطلقوا عليها «ابنى معهدك» على غرار مشروع «ابنى بيتك»، بحيث تتحد المصانع التى تعمل فى مجال صناعى واحد لبناء معهد فنى متخصص فى صناعة معينة، وذلك لتأهيل العمال على العمل فى الصناعات التى تفتقد العمالة المدربة. وأكد عدد من الاقتصاديين أن المبادرة لن تحل مشكلة نقص العمالة فى المحافظة، والتى تضم نحو 60% من حجم الصناعات المصرية، لكنها ستساهم فى حل مشكلة العمالة فى جميع المحافظات التى تحتوى على مناطق صناعية. وقال الدكتور عبدالواحد سليمان، رئيس جمعية مستثمرى النهضة الصناعية ل«إسكندرية اليوم»، إن تدنى مستوى العمالة وافتقار المصانع عمال المدربين دفع أصحاب المصانع إلى تبنى فكرة إقامة مراكز متخصصة لتدريب العمال، مشيراً إلى أن زيادة نسبة البطالة فى المحافظة أصبح أمراً يهدد استقرار المجتمع السكندرى، خاصة مع زيادة عدد المناطق الصناعية التى تعانى أشد المعاناة من مشكلة نقص العمالة، مما دفعها إلى جلب عمال أجانب، كلفوا المستثمرين الكثير من الأموال للتغلب على هذه المشكلة. أضاف «سليمان» أن المصانع لديها استعداد لإقامة معاهد متخصصة لتعليم فنيات الصناعات المختلفة، موضحا أن المصانع المتشابهة ستقوم بعمل اتحادات صناعية لتقيم من خلال هذه الاتحادات أماكن متخصصة فى الصناعة التى يعملون بها، حيث يمكن أن تقام هذه المعاهد داخل المصانع إذا لم يتمكنوا من توفير أماكن منفصلة، مشيراً إلى أنه يمكن تدريس الجانبين النظرى والعملى لاحتواء المصانع على جميع الماكينات الحديثة التى سيقوم العمال بالتدريب عليها. ولفت إلى أن المشكلة التى ساهمت فى تدنى مستوى خريجى المعاهد الفنية الحكومية تكمن فى تدريب العمال طوال مدة الدراسة على ماكينات قديمة لا تعمل بها المصانع، مما ترتب عليه تخريج طلاب لا يوجد لديهم أدنى فكرة عن الماكينات التى تعمل بها مصانع المناطق الصناعية فى المحافظة، وبالتالى ارتفاع نسبة البطالة فى المحافظة. وأكد أن تدريب العامل فى اتحاد المصانع المتشابهة يؤهله للعمل فى أى من المصانع التى ساهمت فى تدريبه من خلال هذا الاتحاد، حيث ستتيح هذه المصانع للعامل حرية اختيار المصنع والمنطقة الصناعية التى يرغب فى العمل بها، وفقاً للأسس التى تدرب عليها. وأوضح المهندس نبيل أبوحمدة ، رئيس جمعية مستثمرى منطقة ميرغم الصناعية ، أن تكلفة استيراد العمالة المدربة من الخارج تكلف المصانع الكثير، وأن التكلفة التى ستنفقها المصانع لإنشاء المعاهد المتخصصة لتدريب العمال المحليين ستوفر هذه المبالغ، مشيراً إلى أن الحكومة تنفق مبالغ كبيرة على الطلاب فى المدارس والمعاهد الحكومية دون جدوى، وبالرغم من كل هذه التكاليف تظل معاناة المناطق الصناعية فى زيادة مستمرة، وهو ما يتطلب تغيير أسلوب التعامل مع المشكلة. وأشار إلى أن مبادرة المصانع إنشاء معاهد داخل مصانعها لتعليم العمال ستكون الأولى، وسيتم تعميم المبادرة فى باقى المحافظات حال نجاح الفكرة، مشيراً إلى أن المصانع يمكنها استقدام الأساتذة المتخصصين والخبراء لشرح الجانب النظرى، فضلا عن تلقين العمال كل الجوانب العملية من خلال شرح المقررات اللازمة على الماكينات الموجودة، لافتاً إلى أن كل معهد سيهتم بالصناعة التى يحتاجها اتحاد المصانع التابع له، حيث سيهتم اتحاد الصناعات النسيجية بهذه الصناعة وكيفية تلقين العمال كل المعلومات التى تحتاجها هذه الصناعة، وكذلك للصناعات الأخرى. أضاف «أبوحمدة» أن منطقة ميرغم الصناعية تحتاج إلى حوالى 15 ألف عامل مدربين، فضلا عن احتياج باقى المناطق الصناعية الأخرى إلى آلاف العمال، وهو ما يمكن أن يتوفر من خلال هذه المعاهد المتخصصة، مؤكداً أن نجاح المبادرة سيكون له أثر إيجابى كبير على المنظومة الاقتصادية وسيساهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية المطلوبة بالمدينة. وطالب المهندس محمد محرم، عضو جمعية رجال الأعمال بالمحافظة، أحد مستثمرى منطقة ميرغم الصناعية، بضرورة تدخل المحافظة ومشاركة المستثمرين فى هذه المعاهد، حتى يتم الاعتراف بها وتمنح المتدربين شهادات تساعدهم فى العمل فى أى محافظة أخرى، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من مصانع المحافظات الأخرى تفتقر عمال المدربين، مشيراً إلى أن هذه المعاهد لن تحل مشكلة العمالة فى المحافظة فقط، ولكنها ستمتد إلى حل مشاكل المحافظات الأخرى، مشدداً على أهمية دعم المحافظة لمبادرة المصانع من خلال مشاركة جامعة الإسكندرية بإمداد هذه المعاهد بالأساتذة الجامعيين المتخصصين لشرح الجوانب النظرية، وأساتذة من كلية الهندسة لتلقين الطلاب الجوانب الدقيقة التى تتعلق بأمن الماكينات. وأكد «محرم» أن التعليم داخل هذه المعاهد لن يرتبط بسن معينة، أسوة بما هو معمول به فى الدول الأوروبية أو أى شروط تعوق التقدم إليها، مشيراً إلى أن التعليم لن يقتصر فقط على العمال الجدد، ولكنه سيعيد تهيئة العاملين داخل المصانع، الذين يفتقرون التدريبات اللازمة لتطوير آدائهم ، لافتاً إلى أنه سيتم رفع مذكرة للواء المحافظ عادل لبيب، تتضمن توضيح مدى استعداد المصانع لإتمام المبادرة وتفعيلها خلال الفترة المقبلة.