دعوة نبيلة وسديدة تلك التى أطلقها أدباء وكتاب مصر المجتمعون فى اتحاد الكتاب، أمس الأول، حين طالبوا فى نهاية مؤتمرهم، الذى عُقد تحت عنوان «الأدب والوحدة الوطنية» بأن يصبح عام 2011 هو عام الوحدة الوطنية، وهذا لا يعنى أن نرفع فيه شعارات الوحدة، ولا أن يقوم شيخ الأزهر بتقبيل البابا، ولا أن تصدر الحكومة البيانات التى تؤكد الوحدة التاريخية لهذا الشعب، فكل هذا يتم سنوياً كلما وقع حادث فى الكشح أو فى العمرانية، ثم يتكرر مرة أخرى حين يقع انفجار فى الإسكندرية أو غيرها. إن ما قصده الكتاب والأدباء أعضاء الاتحاد بدعوتهم - وقد كان من بينهم بهاء طاهر ويعقوب الشارونى وسلوى بكر وإبراهيم عبدالمجيد وإقبال بركة وعبدالوهاب الأسوانى ومحمد السيد عيد وسعيد الكفراوى وهدى وصفى - هو أن يصبح عام 2011 هو العام الذى تذلل فيه بشكل نهائى العقبات التى تعترض طريق الوحدة الوطنية، والتى تؤدى إلى تكرار تفجر المواجهات الطائفية، فإذا كانت هناك مطالب للأقباط، فإن هذا العام هو عام التعامل معها، ببحثها واتخاذ القرارات بشأنها. لقد وضعت اللجنة الحكومية التى شكلتها الحكومة فى بداية السبعينيات، برئاسة الدكتور جمال العطيفى، وقت الأزمة الطائفية التى شهدتها مصر آنذاك، تقريرا حول هذا الموضوع، ما إن هدأت الأمور حتى أودع الأدراج السحيقة للحكومة، ولم نعد نسمع عنه. ولقد أوضحت الأحداث بما لا يدع مجالا للشك أن أحد الأسباب الرئيسية للاحتقان يعود إلى القانون المنظم لبناء الكنائس، الذى يراه الأقباط مجحفا، فبينما نجد أن من حق كل بواب أو سايس أن يحول جراجه إلى زاوية، يؤذن من خلالها فى الناس 5 مرات فى اليوم، متصورا أنه بذلك يحصل على ثواب، فإن من يريد ترميم - ولا أقول بناء - كنيسة عليه أن يحصل على تصريح بذلك قد يأتى وقد لا يأتى، كما حدث فى العمرانية. فكيف للحكومة أن تتحدث بملء الفم عن الوحدة الوطنية وهى تفرق بين بناء مسجد وبناء كنيسة؟ كيف ينص الدستور فى المادة الأولى منه على مبدأ المواطنة بينما لا تقوم الحكومة بمراعاة المساواة فى المعاملة فى الحالتين؟ لقد تقدم المجلس القومى لحقوق الإنسان، والذى كثيرا ما يتهم بأنه مجلس حكومى، بمشروع قانون موحد لبناء دور العبادة، منذ بضع سنوات، لكن كما حدث مع تقرير السبعينيات حدث مع تقرير القرن ال21، فما إن هدأت الأمور حتى استقر المشروع داخل أدراج مجلس الشعب التى يبدو أنها سحيقة هى الأخرى، ويقال إن الدكتورة زينب رضوان قد أشرفت أخيراً على إعداد تقرير جديد حول هذا الموضوع، لكننا لم نسمع من الحزب الذى لم يرشح فى الانتخابات الأخيرة إلا نسبة ضئيلة جدا من الأقباط، أنه التفت إلى هذا التقرير أو إلى ما سبقه من اقتراحات، ولو فعل لربما تفادينا الكثير من هذا الاحتقان، الذى يظهر على سطح المجتمع بين الحين والحين وتسيل فيه الدماء وتزهق الأرواح. إن دعوة الأدباء والكتاب التى أطلقوها فى مؤتمرهم الذى استمر طوال اليوم باتحاد كتاب مصر، أمس الأول، لاعتبار عام 2011 هو عام الوحدة الوطنية، يعنى أن علينا أن نواجه المشاكل بإيجاد الحلول المتضمنة فى مثل هذه التقارير، وليس بترديد الشعارات وبتقبيل الرؤوس. لقدت ترددت فى الأيام الأخيرة دعوة مضحكة تطالب الشباب - خاصة الأقباط منهم - بأن «يغضبوا فى هدوء»، إن الشباب الأقباط أكثر وعيا من هذا، لقد خرجوا يوم الأحد الماضى فى شبرا يصيحون.. وليس فى هدوء.. «شعب واحد مش شعبين.. اسمى جرجس وأخويا حسين!».. « تحيا مصر جرس وأذان.. الهلال مع الصليب والإنجيل مع القرآن!». لكن ضبط النفس هذا، والذى أحيى عليه كل من اتسم به، يجب ألا يجعل الحكومة تعود إلى عادتها القديمة فتتناسى المشكلة بمجرد أن تهدأ النفوس ويزول الغضب - هادئاً كان أو غير ذلك - فإن دم الشهداء الذين سقطوا بيد الإرهاب الأسود فى الإسكندرية ينادينا بأن نتبنى دعوة كتاب مصر وأدبائها الذين هم ضمير الأمة وعقلها المفكر، بأن نجعل عام 2011 هو عام الوحدة الوطنية.