يا ساكنى مطروح

منذ ما يقرب من السنتين أعلن الاتحاد الأوروبى أنه بصدد الاتفاق مع دول شمال أفريقيا الواقعة جنوب البحر المتوسط على تصدير الطاقة الشمسية عبر البحر إلى دول جنوب أوروبا ووسطها، مما سيستدعى إقامة محطات للطاقة الشمسية تستثمر هذه الطاقة الربانية المتجددة يومياً فى صحارى، وعلى شواطئ دول الشمال الأفريقى، ومنها مصر بحيث تكفى سدس الاحتياج الأوروبى من الطاقة الكهربية بعد سنوات قليلة، وقتها كتبت مقالاً فى هذه الصفحة تحت عنوان (حلاوة شمسنا)،
ونحن نراها تذهب بالسلامة إلى الآخرين دون أن تسد رمقنا من طاقة، نحن فى أشد الاحتياج إليها، ودعوت إلى ضرورة التفكير بجدية فى استغلال حقيقى ودائم للطاقة الشمسية فى بلادنا مثلما تفعل بلاد كثيرة فى العالم وبها مدن استطاعت الاعتماد كلية على توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمسية وتشغيل جميع المرافق والمنازل من تلك الطاقة بما يحققه ذلك من منافع عدة ووفرة متاحة ودائمة وتوفير وحماية للبيئة.
وككل شىء فى مصر المحروسة يضيع الصوت هباء بلا فائدة أو ينتفض الجميع للحديث عن نفس الموضوع فى نفس اللحظة ثم يخبو كل شىء ويطويه النسيان، وهكذا توارى موضوع استغلال الطاقة الشمسية مع الأيام إلى أن التقيت السيد اللواء أحمد حسين، محافظ مرسى مطروح، فتجدد معه الأمل من جديد. كيف؟
يقول محافظ مطروح إن المحافظة بها الآن تجربة رائدة فى مجال استغلال الطاقة الشمسية فى قرية تسمى (أم الصغير) حيث تتولاها شركة إسبانية، استطاعت أن تحقق لها الكفاية من الطاقة الكهربائية المتولدة من الطاقة الشمسية، لتدير بها كل مرافق القرية، المدرسة والمسجد وأعمدة الإنارة وأجهزة المنازل، وجارٍ استكمال بقية متطلبات القرية والامتداد إلى قرى ومدن مجاورة، وقد حصلت (أم الصغير) على هذه المنحة الإسبانية بجهود للسيدة فايزة أبوالنجا، وزيرة التعاون الدولى، وبدعم وتعاون كامل من المحافظة،
هذا من جانب، وهناك أيضاً مشروع آخر يتم على أرض المحافظة فى نفس مجال استغلال الطاقة الشمسية، وهذه المرة فى مجال تحلية مياة البحر، فقد تقدمت شركة ألمانية، لها وكيل مصرى، إلى الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى فى مصر لتنفيذ مشروع ضخم فى مطروح لإقامة محطة تحلية مياه، تدار بالطاقة الشمسية طاقتها اليومية عشرة آلاف متر مكعب، تخصص كلها كمياه للشرب، على أن تنتقل ملكية المحطة وما لها من منشآت إلى محافظة مطروح بعد خمس عشرة سنة، هى حق الاستغلال الممنوح للشركة،
وقد تم التعاقد بالفعل بين الجانبين منذ أكثر من شهرين وجارٍ العمل، ويضيف السيد المحافظ، للعلم، فإن مياه البحر المحلاة طبقاً للمواصفات التى تم الاتفاق عليها هى من أنقى أنواع المياه المخصصة للشرب وستسهم فى حل مشكلة مياه الشرب المزمنة فى محافظة مطروح، والتى مازالت تأتى إليها من الإسكندرية، أما فيما يتعلق باستخدام هذه المياه فى الزراعة فقد تأجل التفكير فيها مؤقتاً، حيث لا تتناسب أسعار المياه المحلاة حالياً مع التكلفة المناسبة للعملية الزراعية، ولكن المستقبل القريب قد يأتى بجديد.
أمان كثيرة يطرحها محافظ مطروح اللواء أحمد حسين، الذى يحمل على كاهله ثانى أكبر محافظة مساحة فى مصر بعد محافظة الوادى الجديد، مائة وستة وستين ألف كيلومتر مربع تساوى 16.6% من مساحة مصر الكلية، منها 45 كيلومتراً شواطئ من أجمل شواطئ الدنيا تمتد من مدينة الحمام حتى مدينة السلوم غرباً وتمتد حدود المحافظة من شاطئ البحر شمالاً لمسافة 400 كيلومتر حتى واحة سيوة والتخوم الشمالية لمحافظة الوادى الجديد جنوباً، مساحة هائلة يسكنها فقط 385 ألف نسمة،
وتنتظر كما يقول محافظها (عبوراً عظيماً) من سكان الوادى الضيق إليها فبها آفاق زراعية، وصناعية، وتعدينية وسياحية هائلة ترقب فقط الاستغلال الأمثل لها، الذى يملك هو خريطته ويعرف إمكانيات تنفيذه، يرى مطروح محافظة تفتح أبوابها فى الصيف وتكاد تغلقها فى الشتاء، ويريدها قبلة للإقامة الدائمة بها للتنمية والسياحة والازدهار، هو محافظ يؤمن بمحافظته وبإمكانياتها وبقدرات مواطنيها ويحمل فى قلبه خريطة مستقبلها ويرى ويعمل قبل أن يقول، ومثله لابد أن يكون النجاح حليفه.
dorria_sharaf@yahoo.com