أفتتح أمس مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ال34 الذى يختتم أعماله ويعلن جوائزه 9 ديسمبر القادم، وهو أعرق مهرجانات السينما الدولية السنوية فى العالم العربى، (قرطاج فى تونس يسبقه ولكنه إقليمى ويقام كل عامين)، والوحيد المعترف به من الاتحاد الدولى للمنتجين فى أفريقيا والشرق الأوسط من بين 12 مهرجاناً فى كل القارات. عرض فى افتتاح المهرجان الفيلم البريطانى «عام آخر» إخراج مايك لى، وهو من روائع السينما فى العالم هذا العام. وقد عرض الفيلم لأول مرة فى مسابقة مهرجان كان، وعرض لأول مرة فى العالم العربى فى مهرجان دمشق مطلع نوفمبر الحالى، ويعتبر عرض الفيلم فى افتتاح مهرجان القاهرة تكريماً كبيراً لمخرجه، ويأتى فى موعده تماماً بعد أن أعلن موقفه السياسى المؤيد لحقوق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته على أرضه فى إطار حل الدولتين (انظر «صوت وصورة» يوم 16 نوفمبر الماضى). وتمثل هذا الموقف فى اعتذاره عن عدم تلبية دعوة من أحد معاهد السينما فى إسرائيل، احتجاجاً على حصار غزة وعلى موافقة الكنيست على القانون الذى يفرض على المسلمين والمسيحيين من أبناء الشعب الفلسطينى الذين لم يغادروا بلدهم فلسطين ويعيشون داخل إسرائيل الإقرار بأن إسرائيل دولة يهودية، أى أنهم مواطنون من الدرجة الثانية فى وطنهم! ولكن الفيلم لم يعرض فى افتتاح المهرجان بسبب الموقف السياسى الذى أعلنه المخرج فقط، وإنما لأنه عمل فنى كبير أيضاً، فالمواقف السياسية الكبيرة لا تصنع بالضرورة أعمالاً فنية كبيرة، وقد كان «عام آخر» من الأفلام التى تستحق الفوز فى مهرجان «كان» بالسعفة الذهبية أو الجائزة الكبرى أو جائزة أحسن ممثلة (ليزلى مانفيل)، ولكنه لم يفز بأى جائزة مع الأسف (انظر «صوت وصورة» من مهرجان «كان» يومى 19 و23 مايو 2010)، ولم يخسر الفيلم شيئاً على أى حال، وإنما خسرت لجنة التحكيم. ومايك لى لا يحتاج إلى مزيد من الجوائز، فقد فاز بالسعفة الذهبية فى «كان» 1996 عن «أسرار وأكاذيب»، وفاز بالأسد الذهبى فى فينسيا 2004 عن «فيرا دراكى»، ومنذ بداية التسعينيات من القرن العشرين وهو من أعلام السينما فى بريطانيا والعالم وفى كل تاريخ الفن السينمائى، سواء فاز بجوائز أو لم يفز، والتهنئة واجبة لإدارة مهرجان القاهرة على هذا الاختيار الرائع لحفل الافتتاح، والذى منح جمهور الحفل متعة فنية عميقة، وبعث برسالة تقدير من صناع ونقاد السينما فى مصر لمبدعه. [email protected]