أكد الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات أنه بانتظار منطوق حكم إلغاء قراره السابق بفرض الرقابة على رسائل المجمول المجمعة لتحديد آلية التعامل مع مقدمى الخدمة مستقبلا، مشيرا إلى أن الجهاز لم يمنع أى شركة تعمل على إرسال خدمة الرسائل القصيرة من عملها خلال الفترة الماضية. فيما أكد خبراء إعلام أن القرار يعد انتصارا لحرية الرأى، داعين الحكومة إلى تنفيذ الحكم. كانت دائرة الاستثمار بمحكمة القضاء الإدارى قد ألغت قرار الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بضرورة حصول الشركات التى تقدم خدمات رسائل المحمول المجمعة على تصريح مسبق وفحص الرسائل بواسطة الرقباء. وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها الذى صدر برئاسة المستشار حمدى ياسين، رئيس مجلس الدولة: اتضح من الأوراق أن القواعد الخاصة بالقرار خرجت عن نطاق تنظيم خدمات الاتصالات إلى مجال تقييد خدمة الرسائل النصية القصيرة، وتضمنت اعتداء على اتصال الآراء وتفاعلها من خلال اقتحامها لمحتوى الرسائل لإعمال رقابة مسبقة وأخرى لاحقة من جهات جاء بعضها معرفا والبعض الآخر مجهلا. وأضافت المحكمة فى حيثياتها أن القرار ألزم الشركات الراغبة فى تقديم هذه الخدمة بالحصول على موافقات قانونية وإدارية ولم يحدد الجهات المنوط بها إصدارها، بما فيها موافقات أجهزة الأمن القومى. وأشارت المحكمة إلى أن هذا القرار من شأنه أن يجعل ممارسة نشاط مقدمى الخدمات والمستخدمين عسيرا إن لم يكن مستحيلا، وهو ما يمثل اعتداءً على حرمة وسرية مضمون ومحتوى الرسائل ويهدر حرية الرأى المكفولة. استندت عريضة الدعوى إلى افتقاد القرار الصادر عن الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات للسبب الصحيح، فضلاً عن إساءة استعمال السلطة التى يخولها له القانون 10 لسنة 2003، إذ لم يخول للجهاز القومى سلطة فرض رسوم جديدة، أو يلزم الشركات الوسيطة بالحصول على تصريح من الجهات المختصة، أو يفحص الرسائل التى يتم تداولها عبر هذه الخدمة. ومن جانبه، قال الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات إنه فى انتظار تسلم منطوق الحكم الصادر من محكمة القضاء لتحديد آلية التعامل فى الفترة المقبلة. وأوضح الدكتور عمرو بدوى، الرئيس التنفيذى للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، فى تصريح خاص ل«المصرى اليوم»: أن الحكم يعنى تعديل بعض شروط الترخيص الذى تحصل عليه الشركات مقدمة الخدمة، مؤكدا أنه لا يتم فرض رقابة على عمل الشركات ولم يتم منع أى شركة خلال الفترة الماضية، لكن ما حدث كان تقنينا للأوضاع، كما أن الحكم لم يتطرق لهذا الأمر وإنما ركز على الشق الخاص بحصول مقدمى الخدمة على موافقات من بعض الجهات المعنية. وعلى صعيد الدعوى، اعتبرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير، إحدى المنظمات التى طعنت على القرار، أن الحكم يشكل انتصاراً مهماً لحرية تداول المعلومات التى يتم انتهاكها بشكل منهجى فى مصر على يد الأجهزة الحكومية، سواء كان هذا الانتهاك بإصدار قرارات إدارية تعوق هذه الحرية أو بتجاهل إصدار قانون ينظم حرية تداول المعلومات ويحميها. وأكدت المؤسسة فى بيان لها، السبت، أنها قدمت خلال جلسات المحاكمة ثلاث مذكرات، أوضحت من خلالها مدى افتقاد هذا القرار للمشروعية القانونية، ومخالفته للعديد من المواثيق الدولية. واعتبر خبراء إعلام قرار المحكمة الإدارية برفع الرقابة عن الرسائل الإخبارية، انفراجة إعلامية وانتصارا للديمقراطية يجب استغلالها فى الانتخابات، إلا أنهم أبدوا تخوفهم من عدم تنفيذ هذ الحكم، كما علقوا على توقيت صدور الأحكام قبل الانتخابات بيوم واحد، بأنه جاء فى الوقت المناسب. وقال الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام، إن القضاء المصرى لايزال يثبت من خلال أحكامه الأخيرة أنه المنصف الوحيد للحريات وحمايتها فى البلد، إلا أننا نأمل فى أن تنفذ الحكومة هذه الأحكام. وأضاف: جاء القرار قبل الانتخابات بيوم واحد لكن لايزال أمامنا وقت، خاصة أننى أرجح حدوث جولة إعادة، لكن الرهان الآن على مدى تطبيق الحكومة للقرار، والتى اعتدنا منها فى الفترة الأخيرة عدم احترام أحكام القضاء. كما وصف طارق حبيب، الخبير الإعلامى، القرار ب«انتصار الديمقراطية»، وقال: أتمنى أن تظل الأمور كما هى فى انفتاح مستمر، وأن يعبر كل شخص عن رأيه لكن بشروط دون إساءة استخدام لهذه الحرية. كان الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات قد أصدر قراراً إداريا شهر أكتوبر الماضى يلزم الشركات مقدمة خدمة رسائل المحمول المجمعة بالحصول على ترخيص لتقديم هذه الخدمة، وتبلغ رسوم الترخيص مليون جنيه مصرى، منها نصف مليون كتأمين يتم الخصم منه فى حالة مخالفة شروط الترخيص. ملزما الشركات بالاحتفاظ ببيانات العملاء ومحتوى الرسائل لمدة عام، على أن تقدمها، متى طلب منها ذلك، إلى الجهاز القومى أو من يفوضه أو أحد الأجهزة الأمنية.
