لم أكن أتخيل أنه سيأتى اليوم الذى أكتب فيه مقالاً بهذا العنوان. ليس لأنه يحمل بداخله كلمة قطط و ليس عيباً فى تلك الكلمة و لكن لكم الخزى و العار الذى أشعر به تجاه هذا العنوان؛ فعندما نقول أننا نعيش كالقطط فى القمامة هذا لا يعنى إفتراء أو كذب ولكنها الحقيقة . إمتلأت شوارعنا للأسف الشديد بشتى أنواع القمامة ُطرحت أرضاً من قِبل مواطنين لا يعنيهم حماية بلادهم بأي شكل من الأشكال ... فإذا كنت أنت من الطبقة الراقية فى المجتمع فعندما تسير فى الشارع بسيارتك قم بإغلاق زجاج السيارة كاملاً وأشعل عوداً من البخور حتى لا تصاب بزكام أبدى نتيجة الروائح الكريهة المنبعثة من تلال القمامة التي فى تلك الشوارع و يكفيك هذا المنظر القبيح الذى يظل يؤرق عينيك طوال اليوم ... أما إذا كنت من الطبقة المتوسطة أو تحت المتوسطة فى المجتمع فحاول أن تضع على أنفك كمامة " انفلونزا القمامة " و يكفيك أيضاً النظر بعينيك و تحمل مشقة هذا المنظر القبيح . تتملكنى حيرة كبيرة و أنا أكتب تلك الكلمات فلا أعرف على من اُلقى باللوم" الشعب أم الحكومة " فعندما أقف فى شرفتى فى الصباح الباكر و أجد رجلاً يمر أسفل المنزل فى قمة الأناقة ممسكاً بيديه كيساً من القمامة ثم ينظر عن يمينه و عن يساره و إذا بالطريق خالى من المارة فيقوم بطرح الكيس أرضاً و كأن شيئاً لم يكن, إذن فهى مشكلة الشعب . و لكن سيخرج على من يقول " الصناديق ليست كافية "..." الخدمة ليست على المستوى المطلوب " ... إلخ ... نعم أتفق معك هى مشكلة الحكومة؛ فعندما كنت صغيراً كان يمر علينا أحد الأشخاص كل يوم ليأخذ " القمامة " و فى نهاية الشهر يُحصل " الأجرة " . و كانت لتلك المهنة رموز فى كل منطقة و معلمين يتكسبون من ورائها مكاسب طائلة . و لكنها الرياح جائت بما لا تشتهي السفن. فحدث بعد ذلك أن قررت الحكومة التعاقد مع شركات خدمة البيئة لجمع القمامة و هنا حدثت الفجوة فجميع العاملين بجمع القمامة أصبحوا عاطلين عن العمل و لكن نداء بيوتهم أجبرهم على النزول من جديد إلى سوق العمل . فبعد فترة من بداية عمل تلك الشركات بدأ هؤلاء الأشخاص النزول إلى سوق العمل من جديد . و لكنهم أصبحوا يجمعون كل ما هو مفيد و مربح من القمامة و لا يتركون لتلك الشركات سوى فضلات الطعام . كل ما يحدث يجبر أى شركة مهما كانت عظيمة علي الفشل و الخسارة فلا تستطيع أن تصنع الجديد و لا تحسن مستوى القديم . لأنها تعتمد فى مكاسبها على إعادة تدوير القمامة و ليست فضلات الطعام ... بدأ السواد يشتد أمام عينى و الحيرة تزداد أهى الحكومة أم هو الشعب و لكن الفجر لا يبزغ إلا من الظلام الحالك و بدأت تتضح الصورة أمامي و إذا بها تقول أنها مشكلة الشعب و الحكومة معاً . و إذا أردنا أن نجد حلاً لتلك الكارثة فعلينا السير فى إتجاهين للإصلاح أولا: الشعب فنحن كمصريين علينا دور كبير فلا يصح أن نطلب من الله حكومة ل " عمر بن الخطاب " و ما نحن إلا " أبا الحكم بن هشام " ... إلا من رحم ربى . لابد أن نبدأ بأنفسنا حتى نستطيع محاسبة حكومتنا . نعمل سوياً للعيش فى شوارع نقية خالية من الروائح الكريهة . فنحن من نلقى القمامة بالشوارع و ليست الحكومة . ثانياً : الحكومة لابد من إعادة التفكير فى مستقبل تلك الشركات من جديد . لابد من إستغلال تلك العمالة التي كانت تعمل بتلك المهنة قديماً و تحويل منظومة العمل كاملة من " معلمين" إلي شركات. لابد من وضع هذا الأمر في الحسبان و إعطاؤه مزيداً من الوقت و الجهد فهذا مستقبل مصر و هذه وجهة مصر السياحية لابد أن نعتني بها ... في النهاية يوجد نوعين من القطط " البلدي و السيامي " فالبلدي تهوي العيش في القمامة أما السيامي فلا تعرف سوي النعومة و الرخاء و العيش في نظافة داخل البيوت فاللهم إجعل شعب مصر شعباً سيامياً يرفض العيش داخل القمامة ...