المستشار محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيقضي على مشكلة تشابه الأسماء    21 عامًا على غياب ياسرعرفات ولقاء مع نجوم «واقدساه»    بتروجيت: حامد حمدان لم يوقع على أي عقود للانضمام إلى الزمالك    بتروجت يواجه الجونة وديًا استعدادًا لاستئناف الدوري    وفاة طفلة صدمتها سيارة في قلين بكفر الشيخ    محامي أسرة أم كلثوم: إجراءات قانونية ضد الشركة المخالفة لحقوق كوكب الشرق    القاهرة السينمائي يمنح المخرج محمد عبد العزيز جائزة الهرم الذهبي    مفارقة أكتوبر الأرقام تكشف ارتفاعًا شهريًا وتراجعًا سنويًا فى التصخم    تفاصيل مران منتخب مصر استعدادا لمواجهة أوزبكستان وديا    كرة سلة - سموحة يتفوق على الاتحاد السكندري في ذهاب نصف نهائي دوري المرتبط    أكلات مهمة لطفلك ولكن الإفراط فيها يضر بصحته    موعد نهائى كأس السوبر المصرى لكرة اليد على قنوات أون سبورت    نجم منتخب فرنسا خارج مواجهة أوكرانيا    رسمياً.. مجموعة ستاندرد بنك تفتتح مكتبها التمثيلي في مصر    تحصين 2.2 مليون رأس ماشية ضد «القلاعية»    وزير خارجية أوكرانيا: نحن بحاجة إلى دعم شركائنا لوضع نهاية للحرب الروسية    محافظ كفرالشيخ يتابع فعاليات المسابقة الفنية لمحات من الهند ببلطيم    الكرملين: الأسلحة النووية مفيدة للردع لكن الخطاب النووي خطير    احذرى، فلتر المياه متعدد المراحل يُفقد الماء معادنه    منتخب مصر مواليد 2009 يختتم استعداداته لمواجهة الأردن    مركز أبحاث طب عين شمس يحتفل بمرور خمس سنوات علي إنشاءه (تفاصيل)    نائب المحافظ يتابع معدلات تطوير طريق السادات بمدينة أسوان    بعثة الجامعة العربية لمتابعة انتخابات مجلس النواب تشيد بحسن تنظيم العملية الانتخابية    غرامة 500 ألف جنيه والسجن المشدد 15 عاما لتاجر مخدرات بقنا    أمور فى السياسة تستعصى على الفهم    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    محافظ شمال سيناء يتفقد قسام مستشفى العريش العام    الرئيس الفلسطيني يبحث مع رئيسة البرلمان الفرنسي تعزيز العلاقات الثنائية    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    صحفيو مهرجان القاهرة يرفعون صورة ماجد هلال قبل انطلاق حفل الافتتاح    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    مكتب التمثيل التجاري يبحث مع المانع القابضة زيادة استثمارات المجموعة فى مصر    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    القليوبية تشن حملات تموينية وتضبط 131 مخالفة وسلع فاسدة    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليه بلدنا وسخة؟
نشر في الشروق الجديد يوم 16 - 05 - 2010

اخترت عنوان هذا المقال بالعامية المصرية لأننى بهذه الكلمات تحديدا قد سمعت هذا السؤال مطروحا على سمعى وعلى فكرى عشرات المرات: «ليه بلدنا وسخة؟». وأحيانا كانت هناك إضافة بسيطة لهذا السؤال: «للدرجة دى». وهو عنوان يقرر مبدئيا أننا جميعا كمصريين متفقين أن مصر بلد غير نظيف. أو هذا ما أظنه. فمن الصعب أن أتخيل أن يعترض مصرى واحد ويدعى العكس حتى لو كان رئيس الوزراء المصرى د. أحمد نظيف شخصيا. من غير المتصور أن أجده يسألنى كيف تبدأ بتقرير حال غير متفق عليه بين المصريين؟.
فمصرنا بلد غير نظيف للأسف الشديد. ومع هذا الاتفاق العام على قذارة بلدنا، هناك اتفاق عام يربط عدم النظافة هذه بالفقر فى مصر. فكثيرا ما استمعت إلى تبريرات لا نهاية لها مع مصمصة شفاة تؤكد أننا بلد فقير، ذو إمكانيات محدودة، لا يمكننا ونحن نسعى لتحقيق الكفاف أن نحقق النظافة المرجوة.
أو أننا نجرى وراء لقمة العيش ليلا نهارا فكيف يمكننا التفكير فى رفاهية كالنظافة؟ وتحولت النظافة مع تعليق لافتة الفقر إلى ظاهرة مبررة إلى شريحة من المواطنين. والحقيقة أنه لا علاقة بين الفقر والنظافة. لسبب فى منتهى البساطة ودون الدخول فى تبريرات تبدو فلسفية: أن هناك مناطق شديدة الفقر فى العالم وشديدة النظافة فى نفس الوقت.
قمت بزيارة قرى فى سوريا وفى المغرب وفى تونس شديدة البؤس وأزقتها وشوارعها ومنازلها نظيفة. ولماذا نعبر الحدود المصرية؟ فقد شاهدت قرى نوبية جنوب خزان أسوان نظيفة وفقيرة جدا. فلا علاقة إذن بين هذين الظاهرتين ولنلقى جانبا لافتة الفقر، فصحيح أنه لو كان الفقر رجلا لقاتلناه وبكل ما أوتى لنا من قوة، ولكنه فى هذه التهمة الفقر برىء تماما.
لماذا إذن مصرنا قذرة؟ عوامل كثيرة تضافرت، سوف أسعى إلى أن أوجزها بشكل متتالٍ وسوف أفرد لكل عامل بعضا من أجنحته:
أولا: هناك بالتأكيد الخلل فى العلاقة بين الخاص والعام فى الوعى المصرى. الكراهية التاريخية العميقة تجاه الدولة النظام (فى معظم فترات تاريخنا وبالتأكيد فى هذه المرحلة التى نعيشها) وعلاقتها بالتعامل السيئ للمواطن مع الفضاء العام (هى فلوسنا هى بتاعتنا). فحالة التمرد العام على النظام أثرت وتؤثر بالسلب فى علاقتنا مع المساحة العامة.
هناك قول مصرى شائع يتعلق بفهمنا للحيز الخاص والعام: فنحن دائما نقول إن منازلنا من الداخل نظيفة ولكن أمام باب شقتنا هناك تل من القمامة. السلم فى حال يرثى له. أمام باب المبنى الذى نقيم فيه أكوام من الطوب والزلط ولكن لا أحد يهتم طالما أننا نعتنى بفضائنا الخاص وهو داخل الشقة التى نعيش فيها.
نجد واجهة عمارة جميلة وفى جزء من جدارها نتوء يشوه المنظر لنافذة أو شرفة مخالفة أبدعها ونفذها أحد السكان. لا يهم لأنها تؤذى الفضاء العام ولا تخص الفضاء الخاص. والأمثلة فى هذا المجال لا حصر لها.
ثانيا: التربية والنشأة داخل العائلة وعلاقتها بقيمة النظافة فى قائمة القيم المنقولة للنشء: فالتربية داخل العائلة المصرية لا تضع النظافة فى مكانة أساسية داخل منظومة القيم الخاصة التى يتم غرسها فى الأبناء. فالنظافة فى العموم هى مسئولية الأم أو الخادمة فى العائلات الثرية وهذه المسئولية إذا تم نقلها إلى الأبناء فيتم هذا الأمر كعقاب أو بالإكراه. الأمر الذى يجعل فى النهاية علاقة النشء بتحقيق النظافة علاقة إما منعدمة أو علاقة كراهية أصيلة. وبالتالى فيتم تربية أبنائنا على الفوضى من ناحية أو التبعية المطلقة فيما يتعلق بالنظافة والاعتماد على طرف آخر من ناحية أخرى. وتأتى النظافة فى ذيل قائمة القيم التى يتلقاها الطفل. وما أقصد للتوضيح بجملة «ما يتلقاه الطفل»: هو جملة ما يحصل عليه من إشارات رمزية معقدة وإحالات تربوية تشكل نسقه العام وليس ما أقصده بالتأكيد ترديد الأهل أو المدرسة لشعارات جوفاء مثل «مدرستك نظيفة» وغيرها من شعارات تدعو للرثاء. فالنشء يتشكل ذهنه وضميره عن طريق تركيب آلاف الإشارات التى تأتى إليه من الفعل المجتمعى الواقعى المحيط به.
ثالثا: عدم وجود رابط فى وعى المصرى بالعلاقة البديهية بين القذارة العامة والصحة. والعلاقة بين نظافة البيئة الخاصة من ناحية وبيئة الشارع والحى والمدينة والبيئة العالمية من ناحية أخرى. فنجد فى الشارع المصرى باعة يعرضون منتجات غذائية وهى معرضة للتلوث وللحشرات.
وكأنه أمر عادى جدا. يتم استخدام الأكياس البلاستيكية لحمل منتجات غذائية ساخنة كالفول أو الطعمية أو الخبز دون الاهتمام بالتفاعل الكيميائى شديد الضرر بين الغذاء وبين البلاستيك الردىء الصنع. كما أنه لا علاقة فى ذهن المصرى بين الممارسات اليومية التى تؤدى إلى إتلاف نظافة المشهد العام فى أسيوط مثلا وصحة من يقيم فى بنى سويف. أو بين من يرمى بمخلفات مصنعه فى النيل وبين صحة ابنته. أو بين القذارة فى الحى الذى نقيم فيه وبين تجمعات عائلات محترمة من الفئران والذباب ومدى تأثيرها على صحتنا. والأمثلة فى هذا المجال لا حصر لها.
وأستكمل الموضوع فى الأسبوع المقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.