مجلس الوزراء: نعمل على إعادة ضخ الغاز للمصانع واستعادة المعدلات الطبيعية    وزير المالية: إطلاق حزم أكثر خلال العام المالي المقبل لتشجيع الممولين الحاليين والجدد    هآرتس: قاذفات أمريكية في طريقها للمحيط الهادئ.. ومنشأة فوردو الإيرانية على قائمة الأهداف    أرسنال يعود للتفاوض مع رودريجو بعد اقتراب ويليامز من برشلونة    «تفادى مفاجآت المونديال».. دورتموند يهرب من فخ صن داونز بفوز مثير    حبس شخص 6 أشهر وتغريمه 10 آلاف جنيه لاتهامه بحيازة لفافة حشيش في الإسكندرية    محمد شاهين: دوري في مسلسل لام شمسية كنز    الفريق أسامة ربيع:"تعاملنا بشكل فوري واحترافي مع حادث جنوح سفينة الغطس RED ZED1"    معاً نحو مستقبل دوائي ذكي ومستدام.. صحة المنوفية تقيم مؤتمر لأهمية الدواء    إدراج جامعة بدر في تصنيف التايمز لعام 2025 لمساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    عراقجي: الشعب الإيراني يتمتع بأعلى درجات التماسك والتضامن الوطني    أخطر تصريح للرئيس الأمريكي.. أحمد موسى: ترامب يساند مصر بقوة في ملف سد النهضة    تصعيد التوترات: إسرائيل تهدد حزب الله ولبنان يدعو للحياد    خامنئي يرشح 3 لخلافته ويتحصن ضد الاغتيال وسط تصاعد التوترات    الملتقى العلمي لقسم الصحافة ب«إعلام القاهرة» يناقش التعليم الصحفي في العصر الرقمي    منتخب شباب اليد يتأهل متصدرًا بعد 3 انتصارات في مونديال بولندا    فيفا يختار المصري محمود عاشور ضمن طاقم تحكيم مواجهة مانشستر سيتي والعين    رسميًا.. نوتنجهام فورست يجدد عقد سانتو حتى 2028    نائب محافظ الجيزة: نولى اهتمامًا بالمبادرات الهادفة إلى إحياء التراث    «آي صاغة»: الذهب تحت ضغط العوامل الاقتصادية.. وترقب لتحولات الفيدرالي الأمريكي    4800 جنية وراء مقتل طبيب مخ واعصاب شهير بطنطا    أنهى حياته بسبب علبة سجائر.. تجديد حبس متهم بقتل صديقه وإلقاء جثته بالشارع في سفاجا    خوفًا من شقيق زوجها.. أم تلقي بنفسها ورضيعتها من شرفة المنزل بدار السلام بسوهاج    الأرصاد: بدأنا فصل الصيف فلكيا وذروة الحر ستكون خلال شهري يوليو وأغسطس    الحبس سنة مع الشغل ل 3 متهمين أصابوا آخر بعاهة في المنيا    دُفن بالبقيع حسب وصيته.. وفاة حاج من قنا أثناء أداء مناسك الحج بالسعودية    تخصيص أراضٍ لإقامة مدارس ومحطات صرف وحضانات ومنافذ بيع مخفضة في الغربية    خبير استراتيجي: إيران لديها مخزون استراتيجي كبير من الصواريخ وتتطور في ضرب إسرائيل    فلاحة وراقصة وعفوية.. صور نادرة للسندريلا سعاد حسني في ذكرى وفاتها ال24    وزير الصحة يتفقد مستشفى مدينة نصر للتأمين الصحي ويوجه بزيادة القوى البشرية    جامعة سوهاج تحدد 15 سبتمبر المقبل لتسلم «مستشفى الجراحات التخصصية»    حملات بيطرية لحماية الثروة الداجنة وضمان سلامة الغذاء بالإسماعيلية    "يمين في أول شمال" في أول لياليه على مسرح السلام.. صور    محمد ثروت: وقوفي أمام ميمي جمال شرف.. وسعيد بفيلم «ريستارت»    كواليس أغنية «أغلى من عنيا» ل هاني حسن الأسمر مع والده الراحل    «للرجال أيضًا إجازة وضع».. إجازات قانون العمل الجديد تصل ل45 يومًا | تعرف عليها    يسرا ومصطفى شعبان في طليعة نجوم الفن العائدين.. هل سيكون النجاح حليفهم؟    «امتحانات في عزّ النار».. كيفية تهيئة المناخ المناسب للطلاب؟    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : كم اتمنى القرب منك سيدى ودون فراق?!    وزير العمل ومحافظ كفر الشيخ يمنحان خريجات البرامج التدريبية 11 ماكينة خياطة    محافظ الدقهلية: تنفيذ 586 قرار إزالة خلال الموجة 26 لإزالة التعديات والمخالفات حتى اليوم    خبير استراتيجي: حذرنا من التصعيد منذ 7 أكتوبر.. وإيران قد تلجأ لرد انتقامي    شمس الظهيرة تتعامد على معابد الكرنك بالأقصر إيذانًا ببداية فصل الصيف    نقابة المحامين توضح إرشادات يجب اتباعها خلال استطلاع الرأي بشأن رسوم التقاضي    آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفي والإعلامى (4)    الرئيس السيسى وملك البحرين: التصعيد الجارى بالمنطقة يرتبط بشكل أساسى باستمرار العدوان على غزة.. إنفوجراف    تجديد حبس 4 أشخاص بتهمة خطف شاب بسبب خلافات بينهم على معاملات مالية    رئيس وزراء صربيا يزور دير سانت كاترين بجنوب سيناء    طب قصر العيني" تعتمد تقليص المناهج وتطلق برنامج بكالوريوس الطب بالجامعة الأهلية العام المقبل    بداية جديدة وأمل جديد.. الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة المقبلة    انطلاق انتخابات صندوق الرعاية الاجتماعية للعاملين بشركات الكهرباء    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    رسالة أمل.. المعهد القومي ينظم فعالية في اليوم العالمي للتوعية بأورام الدم    «خلوا عندكم جرأة زي بن شرقي».. رسائل من وليد صلاح الدين ل مهاجمي الأهلي    تعرف على مصروفات المدارس لجميع المراحل بالعام الدراسي الجديد 2025/2026    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    تركي آل الشيخ يكشف سبب إقامة "نزال القرن" في لاس فيجاس وليس في السعودية    مؤمن سليمان يقود الشرطة للفوز بالدوري العراقي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملا عبد السلام ضعيف: «بن لادن» نفى لنا مسؤوليته عن هجمات سبتمبر
نشر في المصري اليوم يوم 21 - 11 - 2010

كان الملا عبدالسلام ضعيف ملء السمع والبصر حينما كان واجهة طالبان الوحيدة على العالم.. كان «ضعيف» سفيراً ل«الحركة» فى باكستان، ومنها كان يعلن موقف هؤلاء «الطلاب»، الذين أقاموا إمارة إسلامية فى أفغانستان يحكمها أمير المؤمنين الملا عمر، فى أكثر القضايا سخونة على الإطلاق: أحداث سبتمبر 2001 ودور أسامة بن لادن فيها.. وإيواء بلده تنظيم القاعدة.. ثم اجتياح «التحالف الدولى» بقيادة الولايات المتحدة لأفغانستان. الرجل سلمته باكستان، التى كانت تحتضنه هو وحركته، إلى الولايات المتحدة ليتم اعتقاله فى جوانتانامو.. وهناك تعرض للتعذيب المكثف من أجل الحصول على معلومات محددة عن مكان اختباء بن لادن والظواهرى وأمير المؤمنين.. وبعد 4 سنوات خرج الرجل وتمت إعادته إلى كابول مع وضعه قيد الإقامة الجبرية، وقبل فترة محدودة خرج من «اللائحة السوداء» الأمريكية، لكنه أكد لنا أنه مازال يفضل الابتعاد عن السياسة رغم تلقيه عروضاً مغرية من الرئيس كرزاى ومن تحالفات سياسية أخرى، فى المقابل فإن كثيرين من المحللين يقولون إنه إحدى الواجهات الرئيسية لطالبان فى كابول وإنه أحد الجسور فى عملية «المصالحة» التى مازالت طالبان تؤكد أنها ترفضها.. الرجل استقبلنا فى منزله، ودار جزء كبير من حوارنا معه حول تعذيبه ومستقبل طالبان.. والنفوذ الإيرانى المتزايد فى بلده.. وقال رأيه بصراحة فى «علماء المسلمين» وفتاواهم حول الجهاد.
■ قرأت أنه عُرض عليك منصب وزارى فى حكومة كرزاى وكذلك تلقيك عروضاً أخرى للانضمام إلى تحالفات سياسية فى كابول؟
- لا أرى هذا العرض مناسباً فى هذه الظروف بالتحديد، عُرض علينا بالفعل ولأكثر من مرة، وكذلك تمت دعوتنا للمشاركة فى العملية السياسية من خلال جهات عديدة.. لكنى مازلت أرفض.
■ تجربة جوانتانامو.. وسجنك فيه عدة سنوات، ماذا تركت فى ذاكرتك؟
- جوانتانامو معتقل سياسى وحشى، وأنشئ لثلاثة أهداف، الأول أن يقول الأمريكان للعالم نحن فوق القانون الدولى والدساتير، وأمريكا لم تراع فيه أى قواعد إنسانية، والهدف الثانى هو ابتزاز الدول الإسلامية التى تزود الولايات المتحدة بالنفط بأن تقول لهم إننا نعتقل أناساً لو أطلقنا سراحهم فإنهم سيأكلونكم أكلاً، أما الهدف الثالث فتقول واشنطن من خلاله لكل المعارضين فى العالم إن لدينا معتقلاً بهذه البشاعة وإنكم معرضون للاعتقال فيه.
■ هل تعرضت لأى تعذيب خلال سنوات سجنك؟
- أنا ظللت 4 سنوات فى المعتقل، من البداية للنهاية، كانت كلها فترة تعذيب متصلة، أنا لا أريد تذكرها، لأن ذكرى هذه الأيام تسبب لى المرض والقلق النفسى.
■ هل تعرفت على عرب معتقلين، وهل تكونت لديكم صداقات مع وجوه عربية وإسلامية لم تكن تعرفها عندما كنت دبلوماسياً تعمل لصالح طالبان فى إسلام أباد؟
- كنت وباقى السجناء فى غرف فردية، ولذلك لم أتعرف على معظم المعتقلين، ولم يسمح لمعظم المعتقلين بالاختلاط، إضافة إلى أن البعض كان يحمل أسماءً مستعارة، وبالتالى كنت على يقين بأننى لا أتعرف على هويات حقيقية، والأمر الأهم أننى لم أكن أريد معرفة معلومات إضافية عن أناس قد يعتقدون أننى أعمل جاسوساً عليهم.
■ قرأت القليل عن كتابكم عن «جوانتانامو» وتجربتكم فيه؟
- «تصوير جوانتانامو».. هذا عنوان كتابى.. كتبته ب«الباشتونية» وتمت ترجمته للفرنسية والإنجليزية والفارسية والأردية وعربياً لم أجد من يترجمه أو يقدمه للقراء العرب لأن معظم الأنظمة العربية ديكتاتورية وتخاف من عرضه على الرأى العام.. وتم تقديمه وعرضه على عدد ليس بالقليل على الفضائيات العربية والغربية.
■ ماذا طُلب منك قبل إطلاق سراحكم قبل العشرات من المعتقلين الآخرين؟
- حققوا معى 26 مرة فى 4 سنوات، فى البداية كانوا يسألوننى عن أشياء محددة مثل «بن لادن» والظواهرى وطالبان وأمير المؤمنين، وتطور الأمر بعد ذلك، وشمل كل شىء، ابتداءً من طفولتى وحياتى وتعليمى ومهام عملى وآرائى السياسية والدينية.. كل شىء مررت به، وإذا امتنعت عن الإجابة عن سؤال واحد، فإن التعذيب يكون جزائى على الفور.
■ طالبان.. كيف تراها الآن؟
- من الناحية العسكرية، لديهم قوة الآن أكثر من ذى قبل، فهم أوقعوا قتلى بشكل أكبر فى قوات التحالف الدولى، وهذا يعنى أن «الحركة» تتقدم عسكرياً، وتزداد قوة، أما من الناحية السياسية فهم يعانون من الانزواء، فهم بدون أى مندوبيات أو بعثات دبلوماسية فى الخارج، وهم لا يستطيعون الحديث إلى العالم بأى شكل، وعلى المستوى الداخلى، فهم ناجحون سياسياً للغاية، فهم استطاعوا أن يشكلوا قاعدة شعبية من الأفغان.
■ قاعدة شعبية محكمة.. ولكن من يتحدث باسمهم فى العاصمة.. وأى عمل عسكرى له أفق وأجندة سياسية.. ما هو أفقهم ومطلبهم؟
- «طالبان» لديها مكتب سياسى ومسؤولون من هنا فى أفغانستان.
■ هنا فى كابول؟
- لا.. فى مكان غير معلوم بالطبع.. وهم من خلاله يستطيعون متابعة كل ما يجرى داخلياً وخارجياً، يتابعون من خلاله عملياتهم العسكرية والمواقف المختلفة، ولكن يتخذون المواقف السياسية المناسبة، وطالبان لديها «حكومة ظل» ولديها حكام أقاليم، وهم يمثلون الوجه السياسى لحركة طالبان، وكل ولاية من الولايات الأفغانية الأربع والثلاثين لديها والٍ فيها، وهو معروف ويلجأ الناس إليه رغما عن الاحتلال والحرب.. وهذا الوالى لديه موظفون، إضافة إلى وجود قائد عسكرى مسؤوليته محاربة القوات الأجنبية، وكذلك القوات الحكومية المتحالفة معها، ولكن كل ذلك تحت إشراف حاكم الولاية، ولديهم نظام قضائى يلجأ إليه معظم الشعب الأفغانى، وقوله فصل وقاطع فى كل الأمور، والناس ملتزمون بما يحكم به.
■ ولكن هؤلاء الناس الذين يلجأون إلى «طالبان»، هل تتفق معى أنهم قد يحسون بأن «طالبان» لو عادت للحكم فإنها ستعيدهم إلى الوراء؟
- الزمن يغير الناس، وكلما ازدادت حاجات الناس، حدث التغيير لمسايرة هذا التطور.. وأعتقد أن حركة طالبان لو عادت للحكم فإنهم سيسايرون التقدم ومفردات الحضارة والتقنية، ولكن بشروط إسلامية وشرعية.
«طالبان» لو عادت معكم فإنها ستعمل الشرع الإسلامى وكذلك سينظرون إلى ضرورات الناس الجائزة والمباحة.
■ هذه الملاحظات على طالبان كانت كثيرة وبعض العلماء قالوا إن قيادات حركة طالبان كانوا طلاب علم صغار السن، وكان لديهم بعض الأخطاء الشرعية، وإنهم لو أكملوا تعليمهم لمرت الأمور بخير من ذلك؟
- الناس كلهم يخطئون، حتى الصحابة أخطأوا فى بعض الأمور.. والدول تخطئ.. حكومة كرزاى الحالية لو سجلنا خطاياها فإنها أكثر من طالبان بمراحل، وطالبان نشأت فى وقت صعب، سبحان الله كان وقتاً صعباً لا حكومة ولا قوات نظامية، والمجاهدون السابقون يقتتلون فيما بينهم على الزعامة والسيطرة على كابول وأفغانستان كلها.. داخل كابول العاصمة كان يسقط نحو 200 شخص برىء من جانب ربانى وسياف ومسعود «وهزارة».
طالبان كانت ضرورة فى هذه المرحلة وذلك لترسيخ الاستقرار.
■ وضعفت تجارة المخدرات فى عهد طالبان؟
- المخدرات انتهت فى عهدهم، كانت «زيرو» والتشدد كان مهماً وعندما بدأوا كانوا غير مهتمين بالسلطة أو تشكيل الحكومة، كان هدفهم الوحيد تحقيق الاستقرار والسلام، ثم تسليم السلاح والمساعدة فى قيام نظام حكم شرعى للبلاد، وبعدها يعودون هم إلى مدارسهم ولكن المشاكل لم تنته فى أفغانستان. القوات الدولية دخلت فى بلدنا واستقرت وساعدت معارضينا، الآن طالبان لديها خبرة وقوة وحكمة أكثر من الماضى، أمير المؤمنين الملا عمر مازال موجوداً وله مواقفه النافذة وطالبان يجلونه ويحترمونه ويسمعون لمشورته وعنده معلومات أكثر دقة وخبرة وتجربة أكثر من الأول.. وأعتقد أنه يستطيع الاعتراف بأخطاء حدثت فى الماضى وتصحيحها.
■ تقصد أن الملا عمر من الممكن أن يفعل ذلك؟
- نعم هو وغيره وطالبان لم يرغبوا فى السلطة من قبل هم طلاب علم دينى مكانهم المدارس والمساجد، وأعتقد أيضاً أنهم لا يرغبون فى السلطة والسياسة حتى الآن.
■ والآن ماذا يريدون؟.. أقصد ما هو هدفهم السياسى من الحرب؟
- لديهم هدفان رئيسيان، الأول استقلال البلاد وخروج المحتلين الأجانب، والثانى: يريدون تغيير الحكومة والمجىء بحكومة إسلامية حقيقية.
ومع ذلك أنا لست مندوباً عن طالبان، أنا لا أتدخل فى السياسة ولست مع أى جهة، وأنا خرجت من السجن بشروط محددة وهى وجود حراسة حكومية على منزلى مع تحديد إقامتى والحمد لله فإننى الآن خرجت من «القائمة السوداء»، لكننى لم أعد حتى الآن للعمل السياسى.
■ إذن لم تكن أنت مع طالبان فمن يتحدث باسمها فى كابول الآن.. ومن الذى جاء وأجرى محادثات سرية مع كرزاى حول «المصالحة» ؟
- كل هذا كذب كله تشويش على طالبان وعلى الشعب الأفغانى، وكانت هذه «الحملة» لصالح الانتخابات الأمريكية، وهى انتهت ولا حديث حولها، وأنا على يقين من أنه لم يحدث شىء.
■ هذه «المعلومة اليقينية» كما تقول هى نتاج معلومات من طالبان؟
- نعم هى كذلك.. لم يأت أحد منهم إلى كابول
■ وهل سيأتى أحد فى القريب العاجل؟
- الله أعلم أنا لا أظن أنهم يريدون ذلك الآن، ولا أعتقد أن واشنطن تريد «المصالحة» مع طالبان الآن الولايات المتحدة وحلفاؤها يريدون أن تأتى طالبان إلى هنا كمحكومين ومستسلمين، وذلك تحت اسم آخر ولذلك فالمصالحة هذه ناقصة لا مشاكل لدينا مع كرزاى. المشكلة الرئيسية مع الاحتلال، هم يريدون البقاء هنا تحت أى ذريعة وبأى شكل، حتى لو خرجت قواتهم يريدون تسيير البلاد وفقاً لمصالحهم، وليس مصالحنا الداخلية.
■ كدبلوماسى سابق وتنتمى إلى طالبان.. لماذا لا تكررون تجربة العمل السياسى إلى جانب العمل العسكرى، جناحان يسيران جنباً إلى جنب مثل تجربة «الشين فين» فى أيرلندا على سبيل المثال؟
- عندما سجنت فى جوانتانامو، كنت أعتقد أن حياتى ستنتهى فى المعتقل، وكانوا يقولون لى هذا وإنه حتى جثتى سيتم التخلص منها للأبد، وبعد ذلك وعندما خرجت من السجن وضعت قراراً بألا أغادر كابول وألا أمارس العمل السياسى أو العسكرى النظامى ضد الولايات المتحدة هذا سبب رئيسى فى عدم عودتى للسياسة وهى نفس الأسباب التى تمنع قيادات أخرى فى طالبان من العمل بالسياسة، ومن الصعب تخيل أى خير أو مصلحة لبلدى والأمريكيون يريدون استسلام طالبان ليظلوا هم اللاعبون الوحيدون على الساحة، هم أقوى من الحكومة ومن الشعب.
■ بالمناسبة أين أمير المؤمنين الآن؟
- هو موجود والأمريكيون يعرفون أنه موجود.
■ هل ترى أن تحالف «طالبان» و«القاعدة» كان خطأ أم صواباً؟
- لا أريد أن أعلق على هذا الموضوع كقيادى فى «طالبان» ولكن كمراقب، وإننى أؤكد أن طالبان لم يكن لديهم أى أخطاء مع المجتمع الدولى قبل نشوب الحرب ضدهم فى 2001، نعم كانت تجربتهم السياسية محدودة، لم يعرفوا العالم، ولم يلمسوا التقدم التكنولوجى والاقتصادى ولا موازين القوى.. بعد أحداث سبتمبر 2001 طالبان أخطأت، لكن المجتمع الدولى أخطأ بشكل أكبر فى أنه لم يفهم طبيعة العروض التى قدمتها طالبان لحل أزمة «القاعدة» مع الولايات المتحدة، نحن قدمنا 3 اقتراحات لحل قضية وجود أسامة بن لادن فى أفغانستان، ولكن الولايات المتحدة لم ترد لهذه الاقتراحات أن ترى النور أو يتم تفعيلها، لأنها كانت عازمة من البداية على احتلال أفغانستان.
■ ما مضمون هذه الاقتراحات الثلاثة؟
- لا أستطيع عرضها الآن.
■ باختصار.. والشىء المباح؟
- أولاً عندما وقعت أحداث سبتمبر، جاء البيان من أفغانستان وقرأته أنا فى باكستان للمجتمع الدولى كله، وتضمن البيان إدانة طالبان للأحداث بشكل تام وصريح، ثم قلنا فى أكثر من مناسبة وفى مخاطبات للأمم المتحدة والمجتمع الدولى لا نريد إثباتات واضحة عن تورط أسامة بن لادن والقاعدة فى أحداث سبتمبر، وأننا لا ندافع عنه، ولكن نحتاج لدليل من الأمريكيين.. وقلنا لو لديكم الدليل فإننا نحتاجه وسنقدمه للمحكمة العليا فى كابول لتحكم به على بن لادن وفريقه بالحكم الشرعى.. وهم رفضوا، وكان هذا الاقتراح الأول الذى تم رفضه، لأنهم قالوا نحن لا نعرف شيئا عن قضائكم، ولذلك تقدمنا بالاقتراح الثانى، وهو إنشاء محكمة خاصة تضم ثلاث شخصيات: قاض من عندنا وقاضيين من دولتين إسلاميتين، على أن تعقد فى أى مكان بالعالم الإسلامى.. والأمريكيون عليهم تقديم الإثباتات بتورط أسامة بن لادن، أما الاقتراح الثالث، فكان يقضى باستعدادنا التام لإيقاف جميع أنشطة أسامة بن لادن فى أفغانستان حتى لو لم يثبت تورطه فى التخطيط والإشراف على أحداث سبتمبر، ويكونوا كالمهاجرين هنا ولا يحق لهم القيام بأى نشاط.
هذه المقترحات كانت تضمن الحفاظ على بلدنا وعلى العالم الإسلامى كله، وكان هذا الوضع محل احترام من القوى الدولية والإقليمية، لكن الأمريكيين رفضوا كل الحلول، كانوا مُصرين وبشكل نهائى على احتلال بلدنا فقط.
■ بعد كل هذه السنوات، هل تعتقد أن الدفاع عن أسامة بن لادن كان يستحق ضياع بلد بكامله وقتل مئات الآلاف من شعبه وتشريد الملايين؟
- نحن لم ندافع عن أسامة بن لادن، نحن دافعنا عن أفغانستان، الأمريكيون دخلوا بلدنا واحتلوه.
■ لكن بهدف اعتقال بن لادن ومجموعته؟
- اجتمع نحو 200 عالم إسلامى أفغانى وبعثوا برسالة علنية إلى أسامة بن لادن أن يخرج من أفغانستان وكان لهذا تأثير كبير.. ولكن الرئيس الأمريكى رد عليهم وعلى الجميع بأنهم يريدون أفغانستان كلها سواء قبضنا على بن لادن أو لم يأت إلينا.
■ لكن أفغانستان كانت قد دخلت فى خصام مع العالم كله قبل أحداث سبتمبر بعدة شهور، وذلك بتحطيمها تمثالى بوذا؟
- هذا الموضوع لم يكن مهماً جداً عالمياً.. المهم لدى الغرب هو اقتصاد هذه المنطقة والسيطرة عليها.. وهذه الأهداف قديمة جداً فى أذهان الأمريكيين.
■ أعود إلى بن لادن، وأسألك عن رأيك فيه.. وعن مواقفه مع الملا عمر بشأن أحداث سبتمبر؟
- بعد أحداث سبتمبر، تقابل أمير المؤمنين، الملا عمر مع بن لادن فى وجود عدد كبير من قادة طالبان، وكذلك عدد من أنصار بن لادن فى «القاعدة» وسأل أمير المؤمنين أسامة وبشكل صريح، هل أنتم وراء تفجير البرجين وضرب البنتاجون فرد عليه أسامة بالنفى التام.. وأنا أعتقد الآن أن بن لادن خطط للعمليات دون أن يخبر أمير المؤمنين، ثم إنه كذب عليه بأن نفى مسؤوليته عن الأحداث بعد وقوعها.
■ ما رأيكم فى تشكيل «مجلس السلم» الذى يهدف إلى المصالحة الداخلية، وهل سينجح فى مسعاه؟
- لديهم مشاكل كثيرة وهم يعتقدون أنهم شكلوا مجلساً محايداً وينتمى إلى الشعب، وأنا لا أثق فيهم وأعتقد أنهم يمثلون الحكومة أكثر مما يمثلون الشعب.
■ هناك شخصيات مستقلة مثل برهان الدين ربانى؟
- لا أحد مستقل فيهم.
■ سمعنا كثيراً عن «الدور المزدوج» أو «الدور السلبى» أو «الدور غير النزيه» لباكستان فى القضية الأفغانية؟
- ومن لا يلعب فى أفغانستان؟.. كل دول الجوار لديها مصالح وأهداف وملاعب هنا.. والحديث عن باكستان يخرج كله من «التحالف الشمالى» ومن القوات الدولية.. وهم يقولون إن كل شىء يأتى من باكستان، المسلحون والأسلحة والتمويل، لكنى أقول لهؤلاء إن إسلام أباد باتت جزءاً من «التحالف الدولى» الذى يحتل بلدنا الآن، ثم إن لطالبان ما يزيد على 200 معتقل فى سجون باكستان، فكيف يكون التنسيق؟.. «التحالف الشمالى» لا يتحدثون عن الدور الإيرانى أو الدور الروسى لا يهمهم إلا باكستان.. إيران تستفيد من التواجد الأمريكى.. وتغلغلوا داخل بلدنا.. لديهم جامعات وصحف وفضائيات ومخبرون، ولدينا عدد ضخم من العاملين فى الحكومة يحصلون على رواتبهم من إيران، وهم كلهم يعملون ضد طالبان وضد أفغانستان بشكل عام.. لدينا 16 قناة معظمها تمولها إيران.
■ تخاف من المد الشيعى والإيرانى فى هذه الفترة؟
- لأول مرة يكون ل«الهزارة» الشيعة كل هذا النفوذ، وهذه المقاعد فى البرلمان. لديهم عدد مساو تقريباً ل«الباشتون»، لديهم وزراء ونائب رئيس شيعى.. لم يكن لديهم على مدار التاريخ مثل هذه القوة.. إيران تتدخل وهى مؤثرة للغاية وأكثر من الأمريكيين.
■ وهم يلعبون بذكاء أكثر من الباكستانيين؟
- أحترم إيران بهذا الشكل، حتى لو كانوا أعدائى وأعداء أفغانستان.. أهل السنة كلهم.. والإيرانيون والشيعة بشكل عام لديهم مواقف مستقلة، أما «الدول السنية» فمواقفهم سلبية يتبعون أمريكا وكأنها ربهم الأعلى.
■ تقصد من بهذا؟
- كل الدول السنية.
■ الشيعة لديهم صلابة.. تقصد؟
- لديهم موقف.. يدعمون حزب الله وأقوياء فى العراق ومع حماس وفلسطين.. لديهم موقف، أما «المسلمون» فلديهم خوف فى نحورهم وعندما يشير الأمريكيون لهم يتوقفون على الفور.
■ إذن.. الدور العربى كيف تراه الآن فى أفغانستان؟
- غير موجود تماماً.. ولا أمل فى رجوعهم هنا.. ونحن لن نطلب منهم شيئاً.. لكنهم إذا طلب الأمريكيون منهم شيئاً فإنهم يفعلونه على الفور.. هم لديهم علاقات مع كابول وسفارات هنا وهناك، لكن بشكل غير فعال.. فى المقابل إيران دولة واحدة، لكن لديها هنا ما يزيد على 150 معهداً ومدرسة وجامعة.. هذا فى مجال التعليم فقط.
■ هل يمكن للأزهر أن يدخل فى هذه المعادلة.. ولعب دور مؤثر؟
- لديكم معهد واحد هنا.. ولكن الإيرانيين لديهم الكثير.. والجامعة الجديدة للشيعة فى كابول.. و«آل البيت» هى حوزة علمية حقيقية وتكاد تكون أكبر من الحوزة التى فى «قم» بإيران.. وهم يقولون إنهم سيدرسون فيها للشيعة والسنة، وأنا أعتقد أن السُنى الذى يدرس هناك ستتم دعوته لتغيير ملته.
■ ولكن لم ألحظ أى معاهد أو مدارس أو محطات تدعمها باكستان؟
- صعب الآن، باكستان توصف هنا بأنها «العدو».. العرب يتحدثون وينتقدون الدور الإيرانى هنا وهناك ولا يقدمون شيئاً.. وأنا أقول لهم عندكم دور كبير ومسؤولية أمام الله وأمام الشعب.. وأنا أقول دائماً إن حكام المسلمين مسؤولون عن كل قطرة دماء تسال هنا أو هناك.. فى أفغانستان أو فلسطين أو غيرهما.
■ لكن ألم تقم طالبان بإراقة الكثير من الدماء هنا أيضاً؟
- هم الآن محكومون هنا.
■ أقصد قبل 2001؟
- لا، لم يفعلوا ذلك، انظر إلى طبيعة الأوضاع هنا قبل مجىء طالبان، وكان القتلى الأبرياء كثيرين.. وفى كابول تعددت الحكومات الانفصالية والمتصارعة.. وكانت الحياة وحشية وصعبة.. وفى كل كيلومتر تجد قائداً وأميراً.. طالبان حاربت كل الانفصاليين.
■ قد تكون حققت العدل ولكنها أهملت احتياجات الناس ولم تقدم أى شىء خدمى للناس.. والبنية الأساسية كانت معدومة تماماً فى عهد طالبان؟
- ما كان عندهم شىء.. ميزانية طالبان كانت فى حدود 80 مليون دولار لكل الدولة.. جميع الدول بما فيها الإسلامية قطعت العلاقات معنا، ما عدا باكستان، الكل كان لديه موقف منا ولم يساعدونا حتى عندما نجحت حكومة أمير البلاد فى القضاء تماماً على تجارة المخدرات، لم تعترف الأمم المتحدة بذلك.
■ لا.. أنا قرأت تقارير مهمة فى حينها تتحدث عن جهود طالبان فى محاربة تجارة المخدرات والحد منها؟
- الأمم المتحدة ساهمت فى تقديم تقارير ضدنا.. وبخصوص المخدرات، نحن نجحنا فى القضاء عليها تماماً.
■ أعود للأزهر - فى نظرك - هل يمكن لهذه المؤسسة الدينية أن تلعب دوراً فى القضية الأفغانية؟
- لا أعتقد، المشكلة هنا من طالبان والولايات المتحدة، والأزهر مؤسسة علمية، وممكن أن يقوم بدور تعليمى، أما التدخل فى السياسة فلا.
■ حتى لو كان لهم رأى فقهى سلبى فى بعض الممارسات التى تقوم بها طالبان، خاصة فى مفهوم الجهاد لديكم؟
- لابد أن يكون لديهم علم بأننا على الفقه الحنفى، ولا يمكن أن نقبل أن يعمل أحد ضده.
■ الأزهر يدرس المذهب الحنفى ضمن المذاهب الأربعة، لكن ما قصدته رأى الأزهر المخالف لكم فيما يتعلق بضوابط «الجهاد»؟
- هذا شىء ليس ضرورياً للأزهر أن يتدخل فيه، الجهاد جهاد ونحن نفهمه جيداً، ونعتبره ضمن العبادة و«فتاوى الجهاد» عند بعض الشيوخ هى الآن ضمن السياسة، وأى حديث غير ذلك نعتبره ضمن «المؤامرة الأمريكية» ودائماً الأمريكيون يستخدمون بعض العلماء للحديث فى موضوعى «الجهاد» و«الاستشهاد» ومدى جوازهما أو حرمتهما.. وأنا أؤكد أن كل هذه الفتاوى التى نراها الآن فى عدد من العواصم الإسلامية هى فتاوى سياسية.. نحن نطلب من الأزهر علماء ومدرسين وليس مفتين.. الجهاد والاستشهاد لا نريد فتاوى بشأنهما.
■ لكن الدين والفقه والسياسة مرتبطة هنا؟
- هل لو سألهم شخص ما عن حكم محاربة «الصليبيين» فى أفغانستان سيجيبون بصراحة.. لا أعتقد ذلك.. علماء المسلمين الآن يجيبون فقط عن الفتاوى التى يريدها الغرب وعن العمليات الانتحاربية، وطالبان وخروجهم عن الإسلام وغيرها.
اقرأ أيضا:
شوارع كابول بلا «بنية أساسية» والنقاب أقل من القاهرة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.