مشكلتنا فى مصر التصنيف، أنت مع أو ضد، فليس من الوارد أبداً أن تكون مع طرف ثالث سواء كان هذا الطرف الوطن أو المواطن. هذا ما يحدث الآن مع قضية «الإنترفيرون» الأجنبى و«الإنترفيرون» المصرى، الذى يستخدم فى علاج الكبد المصاب بفيروس سى. واهتمامى المتكرر بهذا المرض ليس فقط لأنى فقدت العديد من أفراد أسرتى بسبب هذا الوباء اللعين، وبعضهم مازال مصابا به، بل أخذ شقيقى الحقن الأجنبية فى عز ارتفاع أسعارها ولم تأت معه بنتيجة، وإنما الأهم أنه يوجد فى بلادى 12 مليون مصرى مصابون بفيروس سى، يعنى واحداً من كل 7 تقريبا، وبالتالى ارتفعت نسب سرطانات الكبد.. والأرقام مفزعة لا أريد أن أؤلمكم بها. لذا كان شيئاً رائعاً أن يعلن وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلى المشروع القومى لعلاج الكبد مع ما يحُمّل وزارته معه أرقاماً مالية باهظة، ولكن هذا هو دور الحكومة، فنحن لم نصب أنفسنا، واستفحال هذا المرض هو نتيجة الأخطاء المتراكمة لحكومات مصر المتعاقبة عقب ثورة يوليو. «الإنترفيرون» الأجنبى سعره مرتفع، لذا كان عظيماً أن يظهر «إنترفيرون» مصرى بسعر رخيص، هل هذا أمر يغضب أحداً؟.. هل الفرحة به تعنى أنك تعمل لحساب الشركة المصرية؟ بالطبع لا.. ولكن المشكلة أن هذا الدواء لم يرخص له حسب الأساليب العلمية المتعارف عليها فى العالم، ولم يتم تقييمه على المرضى بشكل كاف، وأثبتت دراستان: واحدة للأستاذ الدكتور جمال شيحة، رئيس معهد الجهاز الهضمى والكبد بالمنصورة، تؤكد أن نسب الشفاء بهذا الدواء 20٪، أى أقل بكثير من الدواء الأجنبى، وأن الدواء يحتاج إلى مزيد من الدراسات والتقييم، والدراسة الثانية للعالم الأستاذ الدكتور جمال عصمت، تؤكد أن هذا الدواء نسبة الشفاء به تزيد على 50٪، وإن كانت أقل من نسب الدواء العالمى. الدراسة الأولى نشرت فى دورية علمية معترف بها، ونوقشت ك«بوستر» فى المؤتمر الدولى الآسيوى للكبد، الذى عقد فى بكين وناقش مئات القضايا حول الكبد. علماء الكبد المصريون - مع الدواء المصرى أو ضده - اتفقوا مع آخر مؤتمر لهم فى العين السخنة على ألا يتم تعميم هذا الدواء، ويتم عمل مزيد من الدراسات والتقييم العلمى على المرضى، ويؤيد ذلك وزير الصحة، الذى أكد لى أنه لن يسمح بتعميمه على المرضى، خاصة فى التأمين الصحى، إلا بعد انتهاء التجارب، ومع هذا لايزال التأمين الصحى يصرفه للمرضى، ومن لا يأتى معه بنتيجة بعد مرور 12 أسبوعاً يخبروه بأنه لا يستجيب ولا يسمحون له بالدواء الأجنبى، عكس ما هو معلن من الوزارة. يا سادة.. ليس معنى المطالبة بعمل دراسات جادة وعلمية وتقييم يخضع للمعايير حتى نسعد جميعا ونشرف بالدواء المصرى، أن الأطباء والإعلاميين الذين يطالبون بذلك حتما يعملون لحساب الشركات الأجنبية بمقابل لا أعرفه.. فمن لديه دليل على أحد فليبلغ النائب العام، ولكن أخرسوا الجميع والمغرضين، وأعملوا الدراسات العلمية وأثبتوا للعالم أن «المصريين أهمه» حتى فى الدواء.. هناك تصنيف ثالث يا سادة، أن تكون مع المواطن.. وهو الأبقى والأهم! [email protected]