في إحدى قاعات المحكمة جلس القاضي في مهابة حولت الفوضى العارمة إلى هدوء شديد فالقضية المنظورة أمام القاضي أهم وأخطر قضية على الإطلاق وكيف لا وهو لأول مرة ينظر في قضية هو المتهم فيها!!! فبعدما كان عليه أن يستمع إلى أقوال الدفاع عن المتهم ويتحرى الأدلة والبراهين فيقرر هل هو مذنب أم لا ليصدر حكمه النهائي فوجد نفسه يقوم بدور القاضي ودور المتهم في نفس الوقت فهو يعرف تمام المعرفة أنه مخطئ وأنه يستحق العقاب إذا فلماذا هذه المحاكمة من الأساس؟!! لا تستغرب عزيزي القارئ فالجريمة التي فعلها القاضي واستحق عليها العقاب هي جريمة لا تغتفر لأنها جريمة في حق أقرب وأحب كائن إلى نفسه!! أما الدوافع التي قادت المتهم والقاضي إلى هذه الجريمة فهي دوافع واهية ضعيفة وغير مبررة ولا ترتقي لأن تكون مبرر لهذه الجريمة النكراء. وعن الجريمة فهي الشروع في تدمير وإعاقة سير الحياة على فطرتها التي خلقها الله عليها!!! ومع ذلك فلا أحد يستطيع أن ينكر البراعة والذكاء الشديد الذي يتصف بها صاحبنا (المتهم) فاستطاع أن يختار طريقه أبعدت عنه كل الشبهات وجميع الشكوك. زادت دهشتي وحيرتي عندما سألت عن المجني عليه فعلمت انه هو أيضاً (لا يعقل أن يكون المتهم والمجني عليه والقاضي هو نفس الشخص إلا إذا كنا نشاهد أحد الأفلام الهندي). فتجد صاحبنا (القاضي) يفكر في الليل ويخطط كيف يذيق (صاحبنا) المجني عليه ألوان العذاب والويل ويتفنن في تنويع أشكال العذاب وفى الصباح الباكر تنعكس الآية. فينقلب السحر على الساحر ويجد القاضي نفسه يتجرع الألم والحسرة التي كانت بالأمس وليدة رحم أفكاره الشيطانية!!! الجريمة إذا منظمة بدرجة عالية جداً وعزيمة المجرم عالية وهمته لا تقل أبداً فهو يعرف جيداً ما يفعل وهو على استعداد لأن يصبر شهور وسنين إلى أن يحقق غايته في تدمير المجني عليه مهما كلفه الأمر من عناء ومع ذلك ورغم أن المتهم معترف تماماً بجريمته وآثار الجريمة واضحة على المجني عليه إلا أن القاضي لم يستطيع أن يصدر حكمه في صالح المتهم ليترك القاضي المتهم يفعل ما يحلو له بالمجني عليه وسط مسمع ومرأى من الجميع!!! نسيت أن اذكر أن مكان قاعدة المحكمة هي عقل الإنسان المدخن فهو القاضي وهو المجني عليه وفى نفس الوقت هو الجاني. ملحوظة قد تحتاج إلى قراءة المقال مرة أخرى!!!