يوم 19 مارس من كل عام ذكرى الاحتفال بتحرير طابا تذكير للانتماء والحفاظ على كل ذرة تراب أو رمل بأى شبر من أرضنا.. طابا جزء من جسد مصر، مساحتها واحد كيلومتر مربع، والحد الفاصل لمصر على خليج العقبة مع فلسطين، تابعة لمحافظة جنوبسيناء والأكثر جمالاً بجزيرة سيناء ولأهميتها العظمى استراتيجياً ولأنها المنفذ الرئيسى لمدينة إيلات الإسرائيلية على الخليج سعت إسرائيل أثناء احتلالها لسيناء عام 1967م حتى عام 1982م إلى تغيير معالمها بنزع نقاط الحدود الجنوبية من نقطة 85 حتى 91 بمنطقة طابا طمعاً فيها فكانت ترفض الخروج منها، ولكن براعة وحكمة الرئيس حسنى مبارك والإيمان والقناعة بأنه لا يضيع حق وراءه مطالب، ولاسترداد هذا الجزء دون معارك وقتال وسفك دماء دفع بسلاح الطرق القانونية بالمهمة، ولجأ للتحكيم الدولى بالمفاوضات وأقام فريق مفاوضين مصريا من أساتذة القانون الدولى والتاريخ الحديث والجغرافيا والمساحة العسكرية المكون من خمسة هم: المرحوم أ.د.على رأفت، نائب رئيس حزب «الوفد»، أ.د.مفيد شهاب، أ.د.محمد سعيد الدقاق، أمين الحزب الوطنى الديمقراطى بالإسكندرية ود.نبيل العربى، وعلى رأس الفريق وأبرزهم المرحوم أ.د.حامد سلطان، أستاذ القانون الدولى العام والفقيه القانونى المصرى المعاصر الكبير، هو ابن قرية قلوصنا، التابعة لمركز سمالوط محافظة المنيا وإن كان ولد بالقاهرة عام 1912م إلا أن تركيبته الاجتماعية وتنشئة حياته شكلتها فيه قريته وسط أهله وناسه، فما تعلمه ذاب داخل شرايينه وعقله وقلبه فصنع منه مفكراً عبقرياً معاصراً، تعلم بالمدارس الحكومية وصار فى التعليم حتى تخرج فى كلية الحقوق بجامعة «فؤاد الأول» القاهرة حالياً عام 1934م وعمل بهيئة التدريس بها وأصبح أستاذاً متفرغاً لقسم القانون عام 1968م، له أكثر من 60 كتاباً فى القانون الدولى العام والخاص، تتلمذ عليه وأشرف على رسائلهم العشرات من كبار المسؤولين والعلماء والمفكرين منهم: د.عاطف صدقى، رئيس الوزراء الأسبق. ود.مفيد شهاب، د.أحمد فتحى سرور، د. عائشة راتب، ود.يحيى الجمل، عمل مستشاراً للرئيس الراحل/ جمال عبدالناصر فى مفاوضات الجلاء وفى السودان وعضواً بلجنة التحكيم بين السعودية وبريطانيا لتقرير مصير واحة (البوريمى)، وفى ندوة أكتوبر عام 1975م اختاره الرئيس الراحل/ أنور السادات مقرراً للجنة البحوث السياسية واختارته الوفود الأفريقية بالإجماع رئيسا لها فى الحوار بين الشمال والجنوب فى جنيف للأعوام من عام 1973م إلى 1977م ورأس وفد مصر بالمؤتمر الثالث لقانون البحار بالأمم المتحدة عام 1978م، كان عضواً بمؤسسة كارنيجى للسلام الدولى عام 1959م ومنحه الرئيس حسنى مبارك جائزة الدولة التقديرية فى العلوم الاجتماعية عام 1983م وعلى مدار مشوار رحلة فيض العطاء وتقلد المناصب والحصول على الجوائز والأوسمة المصرية والعربية والأجنبية لم يغب عن قلبه وعقله وعينه وطنه الصغير وأهله ومحبوه بقريته (قلوصنا) فحنينه وانتماؤه وعشقه لها جعلته يوصى بأن يدفن فى مقابرها بجوار أهله ومحبيه حتى يلقى ربه، وحين وافته المنية فى عام 1992م لبت وصيته. هذه لمحة فى رحلة حياة المفكر العبقرى من عصرنا المعاصر. قلوصنا - سمالوط - المنيا