تساءل الكاتب اللبنانى الكبير عبده وازن فى مقال بجريدة «الحياة» العربية التى تصدر فى لبنان، عدد الاثنين الماضى، ما الذى قدمته للثقافة العربية فكرة اختيار عاصمة كل سنة لتكون عاصمة للثقافة العربية، مثل «الدوحة» هذا العام. السؤال ضرورى ومهم، ولكن إجابته تتوقف على مفهوم هذه الفكرة، والتى بدأها الاتحاد الأوروبى، ولكن من دون الاقتصار على عواصم الدول، وإنما أى مدينة، بل وفى أكثر من مدينة كل عام، والإجابة عندى أن تهتم المدينة المختارة بإنشاء مؤسسات ثقافية جديدة، وتطوير المؤسسات القائمة، وإنتاج أعمال جديدة فى الآداب والفنون، وغير ذلك من الإنجازات التى تبقى عقوداً وقروناً، أى أن يمثل العام طفرة ثقافية، وبذلك يساهم فى تنمية الثقافة التى تنتمى إليها. وبقدر ما كان اختيار الجزائر عاصمة للثقافة العربية عام 2007 مناسبة للتأكيد على الهوية العربية، بقدر ما جاء اختيار الدوحة هذا العام إعلاناً عن مولد عاصمة ثقافية جديدة فى الخليج والعالم العربى بصفة عامة.. فالمسألة ليست البرنامج الحافل للأسابيع الثقافية والعروض الفنية والأمسيات الأدبية والشعرية، الذى أشرف عليه وزير الثقافة والفنون والتراث حمد عبدالعزيز الكواربى، وإنما خلاصة جهد الدولة فى التحديث منذ نحو عقدين من الزمان. ذهبت إلى الدوحة الأسبوع الماضى لمشاهدة أول فيلم روائى طويل لمخرج قطرى، وهو من ثمار اختيارها عاصمة للثقافة العربية، ولكنى أيضاً وجدت أربع صحف يومية متطورة، «العرب» التى تأسست 1972 بعد الاستقلال مباشرة، و«الراية» منذ 1979، و«الشرق» منذ 1987، ثم «الوطن» منذ 1995، ورأيت إنجازات «مؤسسة قطر» العملاقة فى مجال التعليم الجامعى، وإنجازات «هيئة متاحف قطر» الباهرة، ومنها متحف الفن الإسلامى.. وشهد عام الدوحة إنشاء مؤسسة الدوحة للسينما، ويشهد افتتاح «الحى الثقافى»، الذى يتضمن أول دار للأوبرا، ومجموعة مسارح منها مسرح رومانى، ومجمع للعروض السينمائية. وقد جاء فى المرسوم الأميرى بإنشاء الحى أن الهدف منه أن يكون بيئة مناسبة لرعاية وتفعيل النشاط الثقافى والإبداعى الفكرى والفنى، وتهيئته ليكون ملتقى للمبدعين والمثقفين، والمساهمة فى نشر الوعى الثقافى من خلال تنظيم المهرجانات والمعارض والندوات وغيرها من الأنشطة ذات الطبيعة الثقافية. [email protected]