«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غسان سلامة: اليونسكو موضوع مزعج.. وسعيد بعملى خارج القطاع الرسمى
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 05 - 2009

شخصية جمعت بين السياسة والثقافة وحاولت دائما الرهان على الاندماج الثقافى العربى ووحدة اللغة والثقافة باعتبارها باب رأب الصدع السياسى العربى، شغل اللبنانى غسان سلامة العديد من المناصب الرسمية مثل وزير ثقافة لبنان ومستشار الأمين العام للأمم المتحدة، كان مؤمنا بأهمية الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص.
وبالإضافة إلى دوره الأكاديمى بوصفه أستاذا للعلاقات الخارجية بجامعتى العلوم السياسية بباريس وكولومبيا بالولايات المتحدة، يرأس سلامة الصندوق العربى للثقافة والفنون الذى لم يتجاوز عمره العامين لكنه أثبت نجاحا لافتا ليس آخره تمويله الفيلم العربى الوحيد الذى تم تمثيله فى مهرجان كان (فيلم الزمن الباقى لإيليا سليمان).
جاء لقاؤه مع «الشروق» بعد مقابلته بالسيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية والإعلان عن برنامج الصندوق التمويلى لعام 2009 ليتحدث عن مفاهيمه المختلفة للشراكة والمجتمع المدنى المستقل وتصوراته للسياسات الثقافية.
الشروق: ما الهدف من لقائكم غسان: باعتباركم رئيسا للصندوق العربى للثقافة والفنون يحرص على العمل المدنى المستقل غسان: مع السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية المؤسسة الحكومية؟
غسان: المقابلة مع السيد عمرو موسى مبنية على هوية الصندوق بصفته صندوقا عربيا، وهو صندوق غير حكومى، وإذا قلت صندوقا عربيا فهو يهم جميع العرب وبالتالى هناك مؤسسة حتى الساعة لم تزل هى التجسيد المؤسسى للفكرة العربية - أيا كانت ملاحظة أى عربى حول إنتاجيتها - وبما أننا منظمة غير حكومية عربية والجامعة مؤسسة حكومية عربية.
فنجتمع على الفكرة العربية التى هى أساس إنشاء الجامعة وأساس إنشاء الصندوق. فقد طرأ شىء جديد بعد قمة الكويت العربية حيث تأسس مفهوم الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وفى واقع الأمر تعهدت بعض الدول بما فيها الدولة المضيفة الكويت بوضع مبلغ كبير من المال مليارى دولار تحت تصرف الصندوق العربى للتنمية بهدف دعم أعمال المبادرات الصغيرة والمتوسطة وعمل نوع من الشراكة بين القطاعى العام والخاص.
نحن لسنا ضد هذه الشراكة، وبالتالى بدلا من المزايدة على فكرة المجتمع الأهلى، فنحن منظمة غير حكومية ممثلين للمجتمع المدنى العربى وبالتالى نعتبر أنفسنا نموذجيين من هذه الناحية أولا لأننا غير حكوميين وثانيا لأننا منظمة مستقلة وثالثا لأننا منظمة عربية بالفعل. جئنا نقول إذا كنتم باعتباركم دولا عربية وجامعة دول عربية قررتم بالفعل الشراكة منع منظمات القطاع الخاص فنحن مستعدون للشراكة.
ما هو الشرط؟ الشرط الأساسى أن تكون الشراكة كما فى الزواج أن يعترف كل طرف للطرف الآخر ولا تعتبر الحكومات أن من حقها أن تستتبع منظمات المجتمع المدنى، فنحن نقول أن منظمات المجتمع المدنى المنبثقة من رحم الحكومات لا يمكن وصفها بمنظمات مجتمع مدنى، ولكن يجب أن تلتقى منظمات المجتمع المدنى مع المنظمات الحكومية فى منتصف الطريق، أما الاستتباع فيعنى عدم إقرار لوجود واستقلالية المجتمع المدنى.
لذلك حين بدأنا العمل فى الصندوق منذ عامين أتتنا عروض من عدد من الحكومات العربية لتوفير الإمكانات، لكن بعد هذا العمر وبعد مرورى شخصيا فى مسئوليات رسمية فى لبنان والأمم المتحدة أصبحت المسألة واضحة عندى وهى أنى لا أقبل بأقل من شراكة متساوية.
الشروق: التطور الطبيعى عند الالتزام بالعمل الأهلى هو الخروج على المجتمع الحكومى، اعتدنا أن تكون المنظمات المستقلة صاحبة أفكار وثابة متميزة بينما المنظمات الحكومية تمثل التقليدية والقيود، ألا تخشى أن تكون هذه الشراكة معرقلة من ناحية القيود البيروقراطية وعدم احترام الإبداع إلخ..؟
غسان: نحن لسنا ضد الحكومات، ولا أعتقد أن وظيفة المجتمع المدنى أن يكون ضد الحكومة، إذا الحكومات رشدت ووعت أنها ليس من حقها اتباع المجتمع المدنى، لكن من حقها ومن واجبها وضع نوع من العقد الاجتماعى.
عقد رضائى بين طرفين مستقلين. لذلك المسئول العربى الأول الذى نقابله هو عمرو موسى بوصفه الأمين العام لجامعة الدول العربية وقد تفهم حرصنا المطلق على الاستقلالية ودعا إلى اتفاق من الند إلى الند بين الجامعة والصندوق العربى للثقافة والفنون ومذكرة تفاهم يوقع عليها الطرفان حيث ننشئ نوعا من الشراكة.
آمل أن يصبح تدريجيا موقف الحكومات مثل موقف الجامعة التى قبلت فكرة مذكرة تفاهم، ولا يستتبع أحد الآخر.
إذا جاءتنى غدا هبة من حكومة عربية غير مشروطة فأهلا وسهلا بها لكن هذا يتطلب تربية أعتقد أن المسئولين العرب تعودوا على اعتبار منظمات المجتمع المدنى امتدادا للعمل الحكومى. ونحن كمجتمع مدنى رضخنا لفترة طويلة لهذا الأمر، أعتقد أنه يجب تجاوز هذا الأمر.
الصندوق هو تكوين عربى مجلس أمنائه مكون من عشرة أمناء، والهبات التى نقدمها لكل الأطراف العربية وأملنا أن نعبّر عن شىء يتحدث عنه الكثيرون هو وحدة الثقافة العربية فى مقابل الانقسامات السياسية.
فالانقسامات العربية السياسية معروفة ودائمة وربما شرعية وعلى أى حال لا قدرة لنا على وقفها إنما كل الناس تعتبر أن هناك سوقا للمنتجات الثقافية هو مندمج. اليوم فى مصر يمكن أن تقرأ لكاتب مغربى وتستمع إلى أغنية لبنانية وأن تلاحظ أن الفيلم المصرى يشاهد فى الجزائر بالاضافة إلى أعداد من المشاريع الفنية المشتركة.
الشروق: هل يعكس هذا السوق المندمج عنصرا للتفاؤل بمستقبل الصندوق العربى للثقافة والفنون؟
غسان: ليس تفاؤلا لكنه إقرار بالواقع، ليس هناك أى سوق بمستوى اندماج السوق الثقافية العربية، لا السوق النفطية ولا السوق الصناعية، لا القطاع التجارى أو الاستثمار، السوق الأكثر اندماجا هى السوق الثقافية العربية، حين الذهاب إلى أى معرض كتاب عربى ترين معظم دور النشر العربية.
بينما فى معرض صناعى عربى لن تجدى سوى الشركات الصناعية المقيمة فى البلد، بينما معرض الكتاب أكثر عروبة، سوق الفيلم عربية وسوق الأغنية عربية، التلفزيون الفضائى عربى، كلها تعتمد على وحدة اللغة ووحدة الثقافة لأسباب تجارية. وهذا يعنى أن هذه السوق أكثر اندماجا، بينما السوق السياسية أقل اندماجا بكثير، فالأوروبيون، على الرغم من كونهم 27 دولة ولديهم 23 لغة، أصبحوا قادرين على مستويات من الاندماج السياسى أعلى من الاندماج العربى، لكن فى المجال الثقافى نحن أكثر اندماجا بكثير من الاتحاد الأوروبى.
لا نستطيع أن نقول مثلا إن الكتاب الألمانى يباع بسهولة فى البرتغال على الرغم من أن الاندماج المهنى والصناعى والسياسى متقدم جدا فى أوروبا وهو متخلف فى البلدان العربية، لذلك نحن أقمنا هذا الصندوق العربى تعبيرا وتجسيدا لوحدة الثقافة مقابل الانقسام السياسى.
نحن نشبه إلى حد بعيد وضع ألمانيا فى أواخر القرن الثامن الميلادى، كان عدد من الفلاسفة الألمان يقولون باستمرار إن الأمة الأمة الألمانية أمة ثقافية تنتظر تحولها إلى أمة سياسية، على عكس التراث البريطانى أو الفرنسى حيث الأمة السياسية وجدت قبل الأمة الثقافية وقاموا بدمج الثقافات المختلفة فى ثقافة قومية واحدة، نحن نشبه إلى حد كبير هذا الوضع حيث الأمة الثقافية موحدة والأمة السياسية مشتتة.
نعتبر أول صندوق عربى مستقل، وبالتالى عملنا مرتبط بالتنمية، نعمل طبعا بزيادة تدريجية فى حجم الهبات التى نعطيها السنة الأولى كانت 500 ألف دولار وجميعنا متطوعون أى لا ننفق على أنفسنا وجهازنا الإدارى شديد الصغر ولا نريد أن نكبره بل نريد أن نبقى متمكنين من الجزء الأكبر مما نجمعه حتى نوفره هبةً لمشاريع إبداعية.
أنا فخور جدا أن عمر الصندوق سنتان والفيلم العربى الوحيد فى «كان» هو من تمويل الصندوق، فخور بأن الأسبوع الماضى كنت فى الصفحة الأولى من «نيويورك تايمز» من خلال أحد الممنوحين، وفخور أن الجزء الأول من موسوعة المسرح العربى الذى صدر فى بيروت منذ ثلاثة أشهر موله الصندوق، أى إننا نقدم على أعمال نوعية.
الشروق: هل يمكن أن يصبح المجتمع المدنى عوضا عن وزارات الثقافة العربية كما طرحت يوما جريدة لوموند الفرنسية فى الاحتفال بخمسين عاما على وزارة الثقافة الفرنسية؟
غسان: هناك أشياء يجب ألا تخرج من القطاع العام، كما أن هناك أشياء من الضرورى أن تخرج من القطاع العام.
ليس لدى جواب حاسم فى هذا الصدد. أعتقد بعد التفكير وبعد التجربة أن كل الموروث الثقافى المرئى؛ الأهرام، أو المتحف القومى لا يمكن إعطاؤه للقطاع الخاص، مدارس القطاع العام فى مجال التدريب الثقافى والفنى يجب أن تبقى مع الدولة.
أنا قادم من نيويورك وهناك عدد كبير من المتاحف هناك فقط لأنها قطاع خاص مهددة بالإغلاق وبعضها أغلق بالفعل وتقلص عدد أيام فتحها للجمهور بالنسبة للبعض الآخر، وعدد من المتاحف استغنى عن العاملين به وأوقف المشتريات ويبيع بعض مقتنياته، إذن الارتكاز المطلق على المجتمع المدنى به مخاطر لأنه شديد الحساسية بالأوضاع الاقتصادية العامة، أما الدولة فيمكنها أن تأخذ على نفسها الاستمرارية فى مراحل الرخاء ومراحل العسر.
فى دولة مثل مصر لديه أهم الآثار الموجودة فى العالم لا يمكن أن تقول أن بسبب العسر المالى لشركة ما سوف أغلق الأقصر، مثلما قيل اقتراح فى نيويورك أن يغلق متحف الجوجنهايم لفترة. إذن يجب أن يكون هناك شراكة والاتكال فقط على السوق يأتى بهذه المشكلات القائمة حاليا فى الدول الرأسمالية التى دفعت بقطاع الفنون تماما إلى القطاع الخاص.
بينما فى الوقت ذاته الاتكال فقط على الدول هو الذى يجعل وزارة الثقافة هى المبدع والناشر والتى تقر من هو مبدع ومن هو غير مبدع، وتقوم بدور الرقيب وتكون الممول لأسباب سياسية أو حزبية أو دينية، لذلك يجب أن يكون هناك شراكة لم نتوصل إليها بعد عربيا، هناك قطاعات يجب أن تكون بالمطلق قطاع خاص، فى المستقبل مثلا الأغنية والكتاب هى القطاع الخاص، بينما المسرح غسان: بعيدا عن عن المسرح التجارى - من الصعب جدا أن يعيش بدون قدر من الدعم، فإما التضحية بالمسرح أو محاولة دعمه من الدولة.
فى رأيى يجب أن يكون هناك ثلاثة أنواع من القطاعات: قطاع خاص، قطاع عام، وقطاع مشترك، فى مجال المسرح يمكن أن يكون قطاع مشترك، فى مجال الأغنية قطاع خاص، وفى مجال الآثار أعتقد أنه قطاع عام.
وبالتالى إذا تصرف المرء بطريقة راشدة فسيجد أنه لا يوجد جواب سهل يتم فيه الاستغناء عن وزارة الثقافة بل الجواب الراشد هو جواب معقد. فى مراحل اليسر.. القطاع الخاص يتكبر على الدولة ولا يريدها، وفى مراحل العسر يعود لها راضخا مسترجيا. لكى لا نبقى بين هذين الحادين يجب أن تنشأ شراكة راشدة فيها قطاع عام وقطاع خاص وحيز يمكن تسميته بالقطاع المشترك.
الشروق: وما رأيك فى احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية وهل يسهم الصندوق فيها؟
عرضنا المساهمة اليوم على السيد الأمين العام. رأيى فى هذه القضية شخصى جدا، أولا اعتبار القدس عاصمة للعرب فكرة طيبة بل يجب أن تكون القدس سنويا عاصمة للعرب، أى يجب ألا ننسى القدس لأسباب رمزية ودينية وغيرها، أما فكرة عاصمة الثقافة العربية حين تطلق على القدس أو بيروت أو القاهرة عندى ملاحظات لا حدود لها حولها. أعتقد أن هناك أفكار جميلة حين يتم تطبيقها تختزل المفهوم إلى شىء آخر.
وقد لمست بما فيهم فى بلدى أن هذه الفكرة الجميلة أولا تتم إجمالا فى العواصم السياسية بينما يجب أن تكون فى كل المدن. ثانيا يتم إبراز وجه الدولة المضيفة بينما الفكرة فى أساسها هى إبراز وحدة الثقافة العربية من خلال مدينة بعينها بوصفها ملكا للثقافة العربية ككل وليس لنظام سياسى بعينه.
لسوء الحظ غلب الطابع الاحتفالى والإعلانى والمظهرى على تنفيذ هذه الفكرة فى مختلف العواصم العربية بأقدار مختلفة. بينما ماذا ترين فى اختيار العواصم الثقافية الأوروبية التى سرقنا منهم الفكرة؟ ترين أن هذه المناسبة للاتحاد الأوروربى ككل، أن يذهب وينشئ أشياء مديدة فى تلك المدينة التى اختيرت يعمر فيها متاحف ومسارح ويدعم فيها فرقة سيمفونية.
وتبقى هذه الأشياء المديدة بعد انتهاء السنة. هناك إمكانية تمويل لأشياء كثيرة فى القدس لمنع بيع الأراضى، وتعزيز الجمعيات الأهلية العاملة فى القدس، وإنشاء معارض فى كل أنحاء العالم تعزز من الهوية العربية، لكن المشكلة أن الفكرة من قبل الوصول إلى القدس كانت قد اختزلت فى شىء بسيط، فحين وصلت إلى القدس وصلت ضعيفة ومختزلة.
الشروق: ما هو موقفك الشخصى من ترشيحك لمنصب الأمين العام لليونسكو؟ وهل حرصك على عدم الانقسام العربى دفعك للعزوف عنه؟
غسان: باب الترشيح سيغلق فى غضون أسبوعين، لكن قبل التساؤل حول مسألة الانقسام العربى سألت نفسى هل أريد المنصب العام وكان جوابى على نفسى لا. أنا أسأل هذا السؤال للمرة الأولى، دائما يسألوننى ما رأيى وليس ماذا أريد. لا أريد منصبا عاما لا محليا ولا دوليا، لقد شغلت بالفعل مناصب محلية ودولية ووصلت لعمر لا أريد فيه منصبا رسميا.
ثانيا لا أعتقد أن بمقدور لبنان أن يخوض حاليا هذا النوع من المعارك، وثالثا هناك مرشح عربى مصرى تعمل على ترشيحه الحكومة المصرية منذ فترة وحصل على إجماع عربى، ولكن يأتى هذا فى المؤخرة لو اقتنعت أنا لكنت خضت المعركة، أنا مسرور جدا بعملى خارج القطاع الرسمى.
موضوع اليونسكو موضوع مزعج لأن العمل الجماعى العربى فى حالة يرثى لها، معظم المنظمات الدولية فى حالة صعبة الأمم المتحدة التى عملت بها، اليونسكو التى أعرف عنها الكثير، وهذا التراجع بسبب غلبة البيروقراطية، غلبة منطق الحكومات وتنافسها على المهمة التى أنشئت بسببها هذه المنظمات، تفضيل الحكومات الكبرى للعمل الثنائى عن العمل من خلال المنظمة الجماعى، وضع المنظمات العالمية حاليا صعب جدا.
وإمكانية إصلاحه صعب لأن معظم الدول الفاعلة تريد أن تعمل بشكل فردى وليس من خلال العمل الجماعى. بالإضافة إلى أنى عازف عن أى منصب رسمى داخلى أو دولى، عندى نوع من الخيبة من المنظمات العالمية ومن دورها فى حياتنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.