تطالعنا مقالاته عن أوهام المصريين ناسياً أنه واحداً من هؤلاء المصريين، وأن اتهامهم بالتوهم يسقط عليه شخصياً تلقائياً لأنه لم يحدد في توصيفه أي من المصريين يقصد، أو ينفي التوهم عن فئة بعينها منهم. واعتماداً على جدلية بما أن .. إذاً .. نستنج أن د. يوسف زيدان واحداً من الواهمين ولن أتحدث عن كل أوهامه ولكن سأكتفي بما جاء في مقاله هذا فقط موضوع تعليقي. فيسقط الكاتب طرفة طويلة جداً على كل المصريين ويكتب مقدمة طويلة جداً ليصل لتبرير مقنع لما اختاره من عنوان وإذ فجأة يقفز عما بناه كمقدمة إلى ما أوصى به السيد الرئيس من مطالبة العقلاء بعدم الخوض في أديان الآخرين.. محاولاً إفراغ كلمة الرئيس من مضمونها وتلبيسها مفهومه الخاص بأن الرئيس لا يقصد دراسة التاريخ وهو ما يقوم به شخصياً، لأن - إللي على رأسه بطحه بيحسس عليها - فحاول أن ينفي عن نفسه التهمة. لكن فيما هو يفعل إذ به يصدق أوهامه الشخصية - أليس هو واحداً من المصريين المصابين بالأوهام. وكأنه يزعق بعلو صوته: "أنا ماليش دعوة يا ريس" "أنا مش مسئول إذا كانوا فهموا كل كتبي ومقالاتي زي ما أنا قصدتها. من أول عزازيل، واللاهوت العربي، وحكاية تمثال عمرو بن العاص، واستهزائي بالفداء المسيحي، ومقال البابوية والخلافة" "يا ريس هم المسئولين عن الفتنة عشان فهموني "ما كانش مفروض يعملوا كده" "والله يا ريس أنا برئ" ده حتى أنا راجل محبوب منهم وكفاية أني استقبلت بطريرك الروم الأرثوذكس على الرغم من خلافه مع البابا شنودة" يا ريس ويا قرائي الأعزاء صدقوني أنا بحب المسيحيين جداً حتى لاحظوا كده ما حدش بيشكر في مقالاتي غير أعدائهم من الإخوان المسلمين، دول حتى بيصقفوا عمال على بطال، وعاملين نفسهم مش واخدين بالهم من لخبطتي في كل الأديان في كتابي اللاهوت العربي" وهكذا يمضي الكاتب في مقاله متوهماً أنه خدع الجميع كما فعل إخوة يوسف قديماً، وأن اللوم سيقع على ذاك الذئب المجهول الهوية والنسب، ويعيش هو في كنف يعقوب (الوطن) المخدوع بحلو حديثه ومنطق دموعه، دون أي نخس في الضمير، ليقفز بعد ذلك إلى حديث جانبي لا علاقة له بأي شيء إلا بإضافة وهم جديد لعقله ألا وهو أنه يصدق تكذيب الشيخ حسان لنفسه وما سجله عليه التاريخ بالصوت والصورة دون أي منطق اللهم إلا أن الشيخ ليس مسيحياً. وإذ فجأة يعود لطرفته الأولى ليطبقها عملياً على كل الأديان معلناً أن الجميع فيها سواسية، دون أن يقطع لنا برأي فيمن هي الفرقة الناجية، أو الدين الناجي من النار .. لأختتم تعليق بمثل ما ختم: سوف أكتفي بهذا القدر، ليس فقط لأن الموضوع انتهى (فالموضوعات الكبرى لا تنتهي أبداً) وليس فقط لأن المساحة المخصصة للمقال لا تسمح بالمزيد .. وإنما لأنني، بالإضافة إلى ما سبق، لستُ إلا صانع أوهام وداعية للفتنة، ولا أطمح إلا لإثارة نهم العقول إلى النظر والمعرفة فيما يخص المسيحية فقط، والولوج في معتقل الأهواء والأوهام. ولله الأمر من قبل، ومن بعد.