نتحدث عن التطوير بلا مضمون، نتكلم فى التغيير بلا رؤية، نلوك ليل نهار سيرة التحديث من دون أسس، والنتيجة مواصلة الانهيار، فما بالكم وهذا حال وزارة التربية والتعليم والقائمين عليها؟ حديثى اليوم حديث أم لديها ابن فى الصف الثالث الإعدادى، الذى أعلنت الوزارة تطوير مناهجه، ولا أعلم أمن باب الحظ هذا، أم من باب سوء الصدف؟ فابنى الذى أدفع له آلاف الجنيهات فى مدرسة مما يطلقون عليها «مدرسة لغات»، لم يتسلم كتب الوزارة إلى يومنا هذا، وقد شارف الشهر الأول من العام الدراسى على الانتهاء، كما أن الكتب الخارجية التى كان من الممكن الاعتماد عليها غير موجودة فى السوق، وبما أن شر البلية ما يضحك، فقد أرسلت لى إدارة المدرسة تعلمنى أن امتحانات الشهر ستبدأ يوم 17 أكتوبر، ما هذا الثراء العلمى الذى نحياه، وزير يصر على خوض معركة الكتب الخارجية وتقنينها، ثم منعها لحين الانصياع لقرارات الوزارة، فى نفس الوقت الذى لم يتأكد فيه من توفير الكتاب المدرسى للطلاب. وتزداد المأساة فى تراجيديتها حينما تسأل فى الوزارة عن سبب تأخر تسلم التلاميذ لكتبهم، فيجيئك الرد بأن الكتب فى المخازن، وأن الوزارة أرسلت لمديريات التعليم لتأخذ كل مديرية حصتها، إلا أن المديريات هى التى تأخرت فى تسلم الكتب وتوزيعها على المدارس.. يا ويح مكة! وأين الوزير قائد المعارك من هذا؟ وأين صولاته فى إلزام الجميع بالقواعد؟ وكيف يقبل أن يكون وزيراً للتعليم وهناك مدارس لم يتسلم الطلاب فيها الكتب حتى يومنا هذا؟ أصدقكم القول أننى لا يتملكنى التعجب من فوضى قرارات بت أعلم عدم جدواها وكيفية اتخاذها، ولكن يحبطنى أن يدفع أولادنا ضريبة تلك القرارات، وهم لم يبلغوا بعد سن الرشد التى يكون فيها الهم من نصيب كل مواطن.. كنت أتمنى من السيد الوزير الذى قاد حملة على الكتاب الخارجى أن يحاسب العاملين معه ممن يؤلفون تلك الكتب بعد وضعهم للكتب المدرسية، ليعرف لماذا يتدنى مستوى الكتاب المدرسى بهذا الشكل فى الوقت الذى يرتفع فيه مضمون الكتاب الخارجى، رغم وحدة المضمون. حلمت أن يمنع الوزير الكتاب الخارجى تماماً لا أن يفاصل ناشريه فى تسعيرة الترخيص التى دفعوها وحملوا الأهالى ثمنها، ليرتفع ثمن الكتاب 100% فى بعض الكتب. ظننت، ويا لسوء ظنى وسذاجتى، أن يوفر الوزير الكتاب المدرسى بأعلى مستوى من الجودة لابنى ومن هم مثله من طلاب المصريين، حتى يتسلحوا بالعلم على منهج العصر الحديث. فيا سيادة الوزير لا تغيير دون أساس، فضع أساساً صحيحاً للتطوير إن أردته.. يا سيادة الوزير لا تحديث بغير رؤية، فمن فضلك ركز رؤيتك على الطفل وبنائه لا على الماديات والادعاء الدائم بنقص الإمكانيات، فما ينقصنا هو الرؤية والإرادة.. يا سيادة الوزير لا تبادر بافتعال المعارك قبل أن تدرس نتائجها فتلك بديهيات الحروب.. يا سيادة الوزير فكر واسأل واستشر قبل أن تتخذ قرارات ندفع نحن وأولادنا ثمنها، وإلا فليلهمنا الله الصبر عليك وعلى حكومتك.