«مش بالفُجر ده».. محافظ بورسعيد يصف سوق عشوائي بمحيط إحدى المدارس بحي الضواحي ويوجه بإزالته    عمر الغنيمي: قرار الرئيس برد قانون الإجراءات الجنائية تجسيد حقيقي للجمهورية الجديدة    مدير تعليم الفيوم يتفقد مدارس إطسا ويؤكد: البكالوريا المصرية مستقبل التعليم في مصر    بدء توافد النواب الجدد بمجلس الشيوخ لاستلام بطاقات العضوية    سعر الذهب اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 في الصاغة وعيار 21 بالمصنعية بعد الصعود الأخير    البوري ب220 جنيهًا.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية بسوق العبور اليوم الثلاثاء    إلزام شركات الأسمدة بتوريد 3 حصص رئيسية من الإنتاج للزراعة والصادرات    MCS تستكشف فرص الاستثمار والتوسع في السوق العراقية عبر مشاركتها في معرض ITEX 2025    أسعار الاسمنت اليوم الثلاثاء الموافق 23-9-2025 فى سوهاج    مراسم استقبال رسيمة لرئيس رواندا بقصر الاتحادية    غيابات الأهلي أمام حرس الحدود في الدوري الممتاز    الأهلي والزمالك وبيراميدز.. مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 والقنوات الناقلة    ضبط شخص متهم بالنصب على المواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحانى بالإسكندرية    خلال 24 ساعة.. ضبط 96207 مخالفات مرورية متنوعة    تعليم بني سويف تحقق في واقعة تسليم تلميذة لوالدها من أعلى بوابة المدرسة    «المركز القومي» يفتتح نادي سينما المكتبة العامة بشبين القناطر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-9-2025 في محافظة الأقصر    ديمبيلى يعانق المجد ويمنح فرنسا الكرة الذهبية السادسة فى تاريخها    الرئيس السيسي يستقبل اليوم رئيس رواندا بقصر الاتحادية    مصادر طبية: 5 شهداء بينهم 3 أطفال بغارة إسرائيلية على منزل بمخيم الشاطئ غربي غزة    أبو الغيط: الاحتلال يسعى لقتل مشروع الدولة الفلسطينية في غزة بالهدم والدمار    رئيس جامعة الإسكندرية يؤكد دعم الطلاب غير القادرين وذوي الهمم    بسهولة من بيتك.. الأزهر يمدد إتاحة التسجيل الإلكتروني للطلاب    جماهير سان جيرمان تهاجم وفد برشلونة في باريس    كونتي: نابولي ليس معتادًا على ضغوط ومجهود المنافسات الأوروبية    فاركو أمام المصرى.. الفريق الأخضر يستعد بدون راحة لمواجهة بتروجت بالدورى    تعرف على مواقيت الصلوات الخمس اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 بمحافظة بورسعيد    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    تداول 38 ألف طن بضائع و869 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    أمطار وشبورة تصل لحد الضباب.. الأرصاد توجه نصائح للمواطنين بشأن حالة الطقس    ضبط 1070 قضية سرقة كهرباء ومخالفة لشروط التعاقد خلال 24 ساعة    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخر في حادث تصادم بالبحيرة    «تالجو وروسى مكيف».. جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025    وزير الزراعة يهنئ 9 من باحثي مركز البحوث الزراعية لإدراجهم ضمن قائمة ستانفورد لأفضل العلماء    وزير الخارجية: قلقون لما يتعرض له التراث الفلسطينى من تدمير إسرائيلى    المفوضية الأوروبية تعلن خطة خاصة لإعادة إعمار غزة وتعزيز الدولة الفلسطينية    التقويم الهجري.. كل ما تحتاج معرفته عن شهر ربيع الآخر    ما حكم صلاة مريض الزهايمر.. «الإفتاء» توضح    وزير الصحة يتلقى تقرير متابعة ميدانية ل29 مشروعاً صحياً في 12 محافظة    تشغيل أول وحدة مناظير مسالك بمستشفى أسوان التخصصي    تشغيل العيادات المسائية بمستشفى العريش بعد إضافة تخصصات جديدة    من كفر الشيخ إلى مجد الدراما.. حكاية صداقة أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ    أوكرانيا: مقتل أو إصابة 1010 من العسكريين الروس خلال 24 ساعة    حكم لبس الحظاظة في الإسلام.. دار الإفتاء توضح    صدمة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 في مصر وعالميًا    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    حكم فسخ الخطوبة بسبب ترك الصلاة.. دار الإفتاء توضح    منهم روجينا وصابرين والعوضي، القائمة الكاملة لتكريمات مهرجان الفضائيات العربية (صور)    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    محمود حمدان يتألق في مهرجان الفضائيات العربية ويظفر بلقب أفضل مؤلف    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    نجلاء بدر: تصوير مشهد جريمة القتل في «أزمة ثقة» كان الأصعب    عليك مكافأة نفسك.. حظ برج الجدي اليوم 23 سبتمبر    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    مصر: لن نقبل بتهجير الفلسطينيين ونبحث مع الجميع ملف إعادة الإعمار    آمنة على أطفالك.. استشاري تغذية يوصي باستخدام «لانش بوكس» من هذا النوع    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    مستشفى مبرة المعادي ينجح في علاج ثقب بالقلب باستخدام تقنية التدخل المحدود    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيوتنا القديمة المسكونة بالحنين
نشر في المصري اليوم يوم 04 - 03 - 2010


الرجل يسألنى: ماذا تريد؟.
الجدران عرفتنى وأجهشت بالبكاء. تعانقنى وتسأل عن أخبارى، والرجل يسألنى: «ماذا تريد؟».
شركة الكمبيوتر التى احتلت بيتى القديم الذى فارقته منذ خمسة أعوام. مات أخى ثم ماتت أمى وبعدهما رحل المكان. لم أعد أطيق أن أمكث فيه. ولوج الشارع مغامرة، ودخولى البيت فرن متقد. أدخله كعجين طرى وأغادره قطعة فحم، محترقا بالذكريات، وما بين العجين والفحم أتحسر على رغيفى القديم.
بيتنا فى شارع سعيد، كيف امتلكت شجاعتى وعدت!، كيف طاوعتنى قدماى على صعود الدرج. مدخل العمارة ممر إلى روحى، الدرج أعرف عدد سلالمه بالضبط، الباب موصد على تاريخى كله، والجرس غائر فى الحائط كجرح مندمل.
منذ كنت أشب على أصابع قدمى، ضاغطا على الجرس فى عجلة طفل لا يطيق الانتظار، عالما أن أمى ستفتح لى، بملامحها الطيبة وطرحة الصلاة تؤطر وجهها المستدير. لم أكن أفكر وقتها أن وجودها مناسبة تستحق الاحتفال، لم أكن أعرف أن الأيام تتوالى، والفقد كامن فى قلب الغد. لو كنت أعرف لحضنتها بدفء أكبر، وقبلت تجاعيدها بحنان أكثر، وغسلت قدمها بدموع أغزر.
والرجل يسألنى: «ماذا تريد؟».
..............
بعد الباب مباشرة توجد الردهة، قصيرة معتمة وتفضى إلى الصالة. البلاط مربعات صغيرة منمنمة أستطيع وصفها عن ظهر قلب. قدمى الحافية تعرف درجة حرارتها صيفا وشتاء. الموضع السرى لبلاطة مكسورة يتوهج الرمل تحتها منذ خمسين عاما، لم تلمسه يد غير يدى، والرجل يسألنى: «ماذا تريد!».
أين السفرة التى كانت تحتل الركن الأيمن؟، والأنتريه العتيق فى نهاية الصالة؟، أنت لا تعرف شيئا عن المسمار المثنى فى أسفل المقعد. ولا رأيتنى طفلا يتوسل إلى النجار العجوز أن يجعلنى أدق هذا المسمار، من وقتها والمسمار مزحزح عن مكانه، منثن على نفسه، غير متناسق مع باقى المسامير.
تاريخ هذا أم وهم؟
دقات الشاكوش أسمعها الآن، تتسرب إلى من الماضى السعيد. كل كلمة قلتها، كل ضحكة أطلقتها، دروسى التى طالعتها، الأغانى التى سمعتها، سهراتى أمام التليفزيون، مشاجراتى مع إخوتى، رائحة الطعام. لا شىء يفنى أو يغادر الأمكنة. يوجد ملايين منى فى كل شبر هنا، لماذا لا تصدق أنك تخترقنى - دون رحمة - فى الذهاب والإياب؟. بعدها تسألنى : «ماذا تريد؟».
................
أنت لا تعرف المكان مثلما أعرفه، السندرة المختفية فى أعلى المطبخ!،سرداب مفتوح على الماضى مباشرة، كانت أمى تخزن فيه البصل والثوم، حينما غافلتها وتسلقته طفلا أخافتنى العتمة، صرخت، قرر أبى إغلاقه. سده بالطوب وأخفاه بالطلاء فلم تعد تميزه عين. وبقى شبحى الصغير الخائف محبوسا داخله منذ ذلك الحين.
حينما تتحدثون عن الشقق المستأجرة، وحقوق الملاك فى استردادها، فتذكروا أن البيوت أوطان. تأخذونها بسكانها وأشباحها، بتاريخها وذكرياتها، بمشاعر نفذت من القلب إلى القلب، وأصوات ارتدت من الروح إلى الروح، تدخل فى شقوق الحائط، ثم لا تفارقه وإنما تكمن فيه. بعدها يأتى سكان آخرون، سكان متطفلون. سكان يسألونني: «ماذا تريد؟».
وها أنا أضطر لاصطناع مبرر لدخول بيتى القديم، بصوت مجروح أسأله:
- جئت لأشاهد أجهزة الكمبيوتر التى عندك، هل يمكن أن أعرف المواصفات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.