«العمل» تواصل جهودها في دعم العمالة والتدريب المهني بالمحافظات    الجيزاوي: جامعة بنها حريصة على توفير بيئة آمنة للطلاب خلال الامتحانات    محامو الإسماعيلية ينظمون وقفة احتجاجية اعتراضا على زيادة رسوم التقاضي (صور)    براتب14000 جنيه.. 600 فرصة عمل بمحطة الضبعة النووية    وهبة: استعدادات الحكومة للعيد وتوافر السلع نتيجة جهد يبذل منذ سنتين    مصر للطيران تسير الجمعه 14 رحلة جوية إلي الأراضي المقدسة    «المتاحف جسور الثقافة».. فعالية فنية بمتحف الحضارة المصرية    من عبدالناصر إلى السيسي…حكومة الانقلاب تستعد للاستيلاء على ممتلكات الأوقاف لسد عجز الموازنة العامة    مدير الإغاثة الطبية في غزة: المنظومة الصحية تنهار تحت القصف والحصار    وزير الخارجية يجتمع برئيس مجلس النواب المغربي في الرباط    النصر السعودي: نعمل على تجديد عقد رونالدو.. وهناك 30 ناديًا يريدون ضمه    "الكابو إمام عاشور وصور الخطيب".. عدسة يلا كورة ترصد احتفالات الأهلي بالدوري (فيديو)    بايرن ميونخ يعلن التعاقد مع جوناثان تاه حتى 2029    بالصور| السيطرة على حريق بإحدى لجان امتحانات الدبلومات الفنية بسوهاج    التعليم: انتظام امتحانات الدبلومات الفنية في يومها الاول    بعد «المشروع X».. ياسمين صبري: سعيدة بالعمل مع كريم عبد العزيز    تامر حسني يكشف مفاجأة لجمهوره في حفله المقبل    عيد الأضحى 2025.. هل يجوز التضحية في ليالي أيام النحر؟ وما هو أفضل وقت؟    أمين الفتوى يرد: هل يجوز التكبير المطلق من أول أيام ذي الحجة أم أنه للحجاج فقط    6 أنواع شائعة من الأرق وأسباب كل منها وكيفية التخلص منه بذكاء    كيف تحافظ على معدتك وتتجنب اضطرابات القولون؟    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة في شبرا.. صور    6 أيام على موعد وقفة عرفات 2025    عرفات يتأهب لاستقبال الحجاج فى الموقف العظيم.. فيديو    مدبولى يستعرض نماذج استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات الإنسانية    الإسماعيلى ينتظر استلام القرض لتسديد الغرامات الدولية وفتح القيد    مصنع حفاضات أطفال يسرق كهرباء ب 19 مليون جنيه في أكتوبر -تفاصيل    لندن تضغط على واشنطن لتسريع تنفيذ اتفاق تجارى بشأن السيارات والصلب    أسوشيتدبرس: ترك إيلون ماسك منصبه يمثل نهاية لمرحلة مضطربة    كأس العالم للأندية.. إقالة مدرب باتشوكا المكسيكي قبل مواجهة الأهلي وديًا    صور.. رئيس الوزراء يتفقد المقر الجديد لجهاز حماية المستهلك    23 يونيو.. أولى جلسات المتهم فى قضية الطفل ياسين باستئناف البحيرة    تذاكر قطارات العيد الإضافية متاحة للحجز الأحد المقبل    انتهاء حرب غزة بعد شهرين وخروج سكانها منها، توفيق عكاشة يكشف الخطة    أردوغان: "قسد" تماطل في تنفيذ اتفاق الاندماج مع دمشق وعليها التوقف فورًا    "قالوله يا كافر".. تفاصيل الهجوم على أحمد سعد قبل إزالة التاتو    إعلام إسرائيلى: نتنياهو وجه بالاستعداد لضرب إيران رغم تحذيرات ترامب    ندب الدكتورة مروى ياسين مساعدًا لوزير الأوقاف لشئون الواعظات    أول تعليق من حماس على قرار إقامة 22 مستوطنة جديدة بالضفة    تمكين المرأة اقتصاديًا.. شروط وإجراءات الحصول على قروض مشروعات صغيرة    بنسبة حوادث 0.06%.. قناة السويس تؤكد كفاءتها الملاحية في لقاء مع الاتحاد الدولي للتأمين البحري    بدء الوقفة الاحتجاجية ل«المحامين» أمام المحاكم الابتدائية اعتراضًا على «رسوم التقاضي»    غموض موقف ناصر منسى من المشاركة مع الزمالك أمام فاركو    الإحصاء: انخفاض نسبة المدخنين إلى 14.2% خلال 2023 - 2024    انطلاق المؤتمر العلمى السنوى لقصر العينى بحضور وزيرى الصحة والتعليم العالى    المطربة أروى تعلن موعد عزاء والدتها في دبي    بإطلالة كاجوال.. مي عمر تتألق في أحدث ظهور لها    تعرف على القطع الأثرية المشاركة في معرض كنوز الفراعنة بإيطاليا    كل ما تريد معرفته عن سنن الأضحية وحكم حلق الشعر والأظافر للمضحي    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    الوطنية للتربية والعلوم والثقافة تشارك بدورة المجلس التنفيذى ل"ألكسو" بتونس    النشرة المرورية.. كثافات متوسطة للسيارات بمحاور القاهرة والجيزة    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 4 أشخاص    ياسر ريان: بيراميدز ساعد الأهلي على التتويج بالدوري.. ولاعبو الأحمر تحرروا بعد رحيل كولر    هل أبلغه بالرحيل؟.. عماد النحاس يفجر مفاجأة بشأن حديثه مع معلول    91.3 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الأربعاء    نشرة التوك شو| ظهور متحور جديد لكورونا.. وتطبيع محتمل مع إسرائيل قد ينطلق من دمشق وبيروت    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيوتنا القديمة المسكونة بالحنين
نشر في المصري اليوم يوم 04 - 03 - 2010


الرجل يسألنى: ماذا تريد؟.
الجدران عرفتنى وأجهشت بالبكاء. تعانقنى وتسأل عن أخبارى، والرجل يسألنى: «ماذا تريد؟».
شركة الكمبيوتر التى احتلت بيتى القديم الذى فارقته منذ خمسة أعوام. مات أخى ثم ماتت أمى وبعدهما رحل المكان. لم أعد أطيق أن أمكث فيه. ولوج الشارع مغامرة، ودخولى البيت فرن متقد. أدخله كعجين طرى وأغادره قطعة فحم، محترقا بالذكريات، وما بين العجين والفحم أتحسر على رغيفى القديم.
بيتنا فى شارع سعيد، كيف امتلكت شجاعتى وعدت!، كيف طاوعتنى قدماى على صعود الدرج. مدخل العمارة ممر إلى روحى، الدرج أعرف عدد سلالمه بالضبط، الباب موصد على تاريخى كله، والجرس غائر فى الحائط كجرح مندمل.
منذ كنت أشب على أصابع قدمى، ضاغطا على الجرس فى عجلة طفل لا يطيق الانتظار، عالما أن أمى ستفتح لى، بملامحها الطيبة وطرحة الصلاة تؤطر وجهها المستدير. لم أكن أفكر وقتها أن وجودها مناسبة تستحق الاحتفال، لم أكن أعرف أن الأيام تتوالى، والفقد كامن فى قلب الغد. لو كنت أعرف لحضنتها بدفء أكبر، وقبلت تجاعيدها بحنان أكثر، وغسلت قدمها بدموع أغزر.
والرجل يسألنى: «ماذا تريد؟».
..............
بعد الباب مباشرة توجد الردهة، قصيرة معتمة وتفضى إلى الصالة. البلاط مربعات صغيرة منمنمة أستطيع وصفها عن ظهر قلب. قدمى الحافية تعرف درجة حرارتها صيفا وشتاء. الموضع السرى لبلاطة مكسورة يتوهج الرمل تحتها منذ خمسين عاما، لم تلمسه يد غير يدى، والرجل يسألنى: «ماذا تريد!».
أين السفرة التى كانت تحتل الركن الأيمن؟، والأنتريه العتيق فى نهاية الصالة؟، أنت لا تعرف شيئا عن المسمار المثنى فى أسفل المقعد. ولا رأيتنى طفلا يتوسل إلى النجار العجوز أن يجعلنى أدق هذا المسمار، من وقتها والمسمار مزحزح عن مكانه، منثن على نفسه، غير متناسق مع باقى المسامير.
تاريخ هذا أم وهم؟
دقات الشاكوش أسمعها الآن، تتسرب إلى من الماضى السعيد. كل كلمة قلتها، كل ضحكة أطلقتها، دروسى التى طالعتها، الأغانى التى سمعتها، سهراتى أمام التليفزيون، مشاجراتى مع إخوتى، رائحة الطعام. لا شىء يفنى أو يغادر الأمكنة. يوجد ملايين منى فى كل شبر هنا، لماذا لا تصدق أنك تخترقنى - دون رحمة - فى الذهاب والإياب؟. بعدها تسألنى : «ماذا تريد؟».
................
أنت لا تعرف المكان مثلما أعرفه، السندرة المختفية فى أعلى المطبخ!،سرداب مفتوح على الماضى مباشرة، كانت أمى تخزن فيه البصل والثوم، حينما غافلتها وتسلقته طفلا أخافتنى العتمة، صرخت، قرر أبى إغلاقه. سده بالطوب وأخفاه بالطلاء فلم تعد تميزه عين. وبقى شبحى الصغير الخائف محبوسا داخله منذ ذلك الحين.
حينما تتحدثون عن الشقق المستأجرة، وحقوق الملاك فى استردادها، فتذكروا أن البيوت أوطان. تأخذونها بسكانها وأشباحها، بتاريخها وذكرياتها، بمشاعر نفذت من القلب إلى القلب، وأصوات ارتدت من الروح إلى الروح، تدخل فى شقوق الحائط، ثم لا تفارقه وإنما تكمن فيه. بعدها يأتى سكان آخرون، سكان متطفلون. سكان يسألونني: «ماذا تريد؟».
وها أنا أضطر لاصطناع مبرر لدخول بيتى القديم، بصوت مجروح أسأله:
- جئت لأشاهد أجهزة الكمبيوتر التى عندك، هل يمكن أن أعرف المواصفات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.