الملائكة وحَّدوا العرب فى سوريا

أطلق عليهم الملائكة.. لأنهم لا يحقدون ولا يكرهون وإذا تنافسوا فى الرياضة فالحق يجمعهم.. هؤلاء هم ذوو الاحتياجات الخاصة.
سافروا بهدوء وعادوا بهدوء، شاركوا.. تباروا.. لعبوا مع 22 دولة عربية.. لم أكن أرى تفاصيل اللعب وإنما كنت مندهشة لعمق اللقاء والحب الذى يجمعهم، إنهم حقيقة أصحاب قدرات خاصة!.. تخرج منهم بتلقائية وكأنك ضغطت على وتر حساس فانطلقت القدرات.. تعجبت.. مصر تلاعب العراق والعراق تلاعب سوريا وقطر تلاعب لبنان والسعودية تلاعب ليبيا، الفرقاء تلاقوا وبحب وبرغبة فى التفوق.. السودان تبارى مع الصومال.. والصومال مع جزر القمر ومصر مع الجميع. كرة القدم بين أسوياء مصر والجزائر فرقتهم إلى قرب القطيعة، ولكن هنا الإعاقة جمعتهم فى إفاقة إنسانية هنا المعوقون العرب أقوى كثيراً، من الأسوياء.. ولكنهم لا يحظون بأهمية «جون» يدخل فى الشبكة ويتصايح من أجله الملايين، وكأنهم قوة أوقفت الاستيطان الذى قال عنه الكاتب المذهل أحمد رجب إنه اختراع أقوى من أى قوى استعمارية.
حينما ينتصر العرب الأسوياء فى الكرة يسيرون منتفخى الأوداج مرفوعى الهامة.. وكأنهم حرروا القدس!
وحينما ينتصر ذوو القدرات الخاصة فى 11 لعبة رياضية يمزقون فيها إعاقتهم وتظهر قدراتهم فالأمر يمر مرور الكرام..!! لا وزير يحييهم بكلمة ولا رئيس يلاقيهم.. 136 لاعبا ولاعبة من مصر تباروا مع 21 دولة فى 11 لعبة.. إيران حضرت وصفقوا لعرضها طويلا وانعقد فى دمشق الاجتماع الأول للدول العربية مجتمعة فى دورة الألعاب الأوليمبية السابقة للأوليمبياد الخاص للشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
الحدث أحسست به عربياً عظيما مؤثرا، من الافتتاح المبهر الذى قامت به مؤسسة أنانا الاستعراضية التى أعجبنى تبنيها لهذا العمل الإنسانى وفهمها العميق للبعد الحركى والعقلى لهؤلاء الملائكة أصحاب القدرات الخاصة.
إن ما أنفق فى افتتاح دمشق مشرف جدا لكل العرب ويساوى ابتسامات الأحباء. شارك فى الاستعراض مجموعة كبيرة من أصحاب القدرات الخاصة فى محافظات سوريا.. وهم الفرق المشاركة فى الدورة. أولادنا كانوا يمثلون ذوى الاحتياجات الخاصة من مدارس التربية الفكرية والهيئات المختلفة من 10 محافظات.
تباروا فى 11 لعبة وحصدوا 90 ميدالية «29 ذهبية (ليت الرئيس يلتقى بهم مثل الفنانين والمثقفين) فى داخل الوفد قصص إنسانية رائعة من أهمها قصة مصطفى محمود أحمد عبقرى التنس الذى لعب مباراتين أمام العراق والكويت حصل فيهما على الذهبيتين ثم كسرت ساقه وتم تجبيسها وصمم على النزول إلى الملعب.
سألته:
■ لماذا لم تسترح وتكفيك ذهبيتان..؟
صاح بصعوبة شديدة (إعاقته ليست ذهنية فقط ولكن فى النطق وهو تلميذ فى الصف الثانى الإعدادى من مدرسة حلوان للتربية الفكرية:
- لأ.. أنا بالعب علشان مصر ولازم أخلص كل المباريات.
لقد لعب مع الأردن بعد تجبيس ساقه وفاز أيضا!
أتمنى من الوزير أحمد زكى بدر أن يلتقى بهؤلاء الأحباء.
أما تماسيح النيل الصغيرة اللاعبة لبنى مصطفى واللاعبة رحمة خالد فقد فازتا بالذهبية والفضية والبرونزية.. وكانت لكل منهما روح عالية جدا.. أما عمر الشناوى فقد فاز بذهبية وفضية وهو من أذكياء التوحد بمصر للغات، تمنيت أن أنشر أسماء جميع اللاعبين واللاعبات ليس من مصر وحدها ولكن لكل الدول العربية لأنهم نجحوا فيما لم ينجح فيه الأسوياء. نجحوا بتلقائية لم تبح حناجرهم هتافا أو يرفعوا لافتات وشعارات العروبة أو يعطوا ظهرهم للحدث السياسى فى الوقت غير المناسب.. إنهم كانوا يتسابقون، فرحين بخروج القدرات الكامنة فرحين باجتياز امتحانات قوتهم.
قبل الطبع
تمنيت أن يتفضل الرئيس مبارك بما له من قدرات الراعى للرعية، تمنيت أن يكون لديه خبر بهذا الإنجاز المصرى.. تمنيت دعما ماليا وتشجيعا لهم مثل أى ناد يفوز عربياً أو عالمياً فى كرة القدم.
neam-elbaz@yahoo.com