أصدرت المحكمة الإدارية العليا اليوم حكمها في قضية تصدير الغاز المصري لعدد من الدول الأجنبية بينها إسرائيل. وقضت المحكمة بعدم اختصاص القضاء بنظر الطعن علي قرار الحكومة المصرية لتصدير الغاز للأسواق العالمية والإسرائيلية، باعتباره قرارا يدخل ضمن أعمال السيادة واعتبارات الأمن القومي المصري ومن ثم يخرج عن نطاق الرقابة الإدارية كما ألزمت المحكمة في حكمها كل من مجلس الوزراء، ووزارة البترول، بوضع آلية للمراجعة الدورية لكمية الغاز المصدر وأسعاره خلال مدة التعاقد، مع إلغاء تحديد الحد الأقصى لسعر البترول الخام (وهو 35 دولار للوحدة). ونوهت المحكمة في نهاية حكمها بضرورة قيام وزارة البترول بمراجعة الحدين الأدنى والأعلى لسعر الغاز طبقا لتطور أسعار البترول في السوق العالمية بما يتفق مع «الصالح العام المصري». صدر الحكم برئاسة المستشار محمد الحسيني، رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين مجدي العجاتي، وسامي عبده، وعادل بريك، وصلاح الجرواني. تباينت ردود الفعل عقب صدور الحكم خاصة بين المدعين من أعضاء حملة «لا لنكسة الغاز»، فمنهم من فسر الحكم علي انه «وقف نهائي لقرار التصدير»، وآخرين فسروه علي انه «تأييدا مطلقا لقرار الحكومة»، وقال المستشار الحسيني قبل تلاوة نص الحكم إن «المحكمة وضعت مبدأ جديدا في هذا الخصوص، يفرق بين العمل السيادي، والقرارات التنفيذية التي تصدر وفقا لهذا التوجه السيادي»، مشيرا إلي أن «كافة اتفاقيات البترول تنص علي مراعاة حقوق الشعب المصري، ولهذا فرقت المحكمة بين مبدأ التصدير لإسرائيل ودول شرق بحر المتوسط لاعتباره أمرا سياديا يتعلق بالأمن القومي، وبين مراقبة القرارات الإدارية من حيث تنفيذها، وما قد تتضمنه مخالفة للقانون». وأضاف الحسيني أن «المخالفة في هذا القرار كانت تنطوي علي عدم وجود آلية لمراجعة دورية الاحتياجات المصرية خلال ال15 عاما بين المدة التي حددتها الاتفاقية، حيث كان يجب وجود آلية منصوص عليها في هذا القرار بما يتفق مع اقتصاديات السعر العالمي طوال هذه الفترة، بما لا يتعارض مع الصالح الاقتصادية»، ثم تلا المستشار حكم المحكمة في الطعن. وقال مصدر قضائي ل«المصري اليوم»: إن «أعمال السيادة لم يحددها قانون علي سبيل الحصر، لكنها هي تلك التي تتصل اتصالا وثيقا بالأمن القومي والصالح العام، وتنتهجها الحكومة في صورة قرارات تتفق مع هذين المبدأين، وان هذه الأعمال ليس للقضاء ولاية عليها، ولا يجوز الطعن عليها أمام المحاكم بمختلف أنواعها». وأضاف المصدر أن «غير ذلك يصنف كقرار إداري تختص به محاكم مجلس الدولة فيما يتعلق بالطعن عليه». كانت بداية الطعن في أوائل عام 2008 عندما كون مجموعة من أعضاء مجلس الشعب، وممثلين عن المجتمع المدني، حملة أسموها «لا لنكسة الغاز» للطعن علي القرار الذي أعلنته وزارة البترول بتوقيعها اتفاقية لتصدير الغاز المصري بأسعار منخفضة ومدعوما لسبع دول أجنبية بينها إسرائيل وفقا لاتفاقية موقعة مع «شركة البحر المتوسط للخدمات البترولية» وأصدرت محكمة القضاء الإداري في أواخر العام ذاته حكمها بوقف قرار التصدير لتعارضه مع الصالح العام وإضراره بالاقتصاد المصري. طعنت الحكومة علي الحكم أمام الإدارية العليا وتداولته علي مدار 8 جلسات وأصدرت حكمها النهائي اليوم.
