«إلى أبى» هو عنوان آخر فيلم تسجيلى صوَّره المخرج الفلسطينى عبدالسلام شحادة، الذى استضافته مؤخرا جمعية كتاب ونقاد السينما وعقدت له ندوة عقب عرض الفيلم. شحادة سبق أن أخرج 12 فيلما وثائقيا كلها تتحدث عن الواقع السياسى والاجتماعى فى فلسطين، هى: «يوميات فلسطينية» و«حقوق المرأة هى حقوق الإنسان» و«الأيدى الصغيرة» و«قرب الموت» و«الصبار» و«امرأة متميزة» و«العكاز» و«الظل» و«ردم» و«نحن نسمعكم من فضلكم اسمعونا.. شكرا لكم» و«قوس قزح» و«غزة دموع بطعم آخر». وخلال تصريحات خاصة ل «المصرى اليوم» أكد شحادة أنه بدأ تصوير فيلمه «إلى أبى» منذ أواخر عام 2006، رغم أن الفكرة كانت لديه منذ عام 2004، لكن التحضير والبحث عن الصور الفوتوغرافية التى استخدمها فى تصويره استغرقا وقتا طويلا، وقال: انتهيت من تصويره نهائيا فى أكتوبر الماضى، وقد حاولت من خلاله أن أعكس صورة غزة الواقعة تحت الحصار، والتى كانت تتعرض للقصف العشوائى، وكيف كان أهل غزة يعشقون الحياة ومنفتحين على العالم الخارجى قبل حصارهم، وقد اقتربت من حياتهم الاجتماعية وجعلت أول 20 دقيقة من الفيلم «أبيض وأسود»، ثم لونت الصورة بدماء الشهداء حتى نهاية الفيلم الذى مدته 52 دقيقة، أى أننى استعرضت ماضى تلك المدينة بصور غير ملونة، وبعد حدوث الفرقة والاغتراب والقتل والتشريد تلونت الصورة بأحزان الناس وهمومهم. أشار شحادة إلى أنه يمر من خلال فيلمه على مراحل متعددة لها علاقة بأحداث سياسية جسيمة وأحداث شخصية عاشها فى طفولته، منها حرب 1967 التى شهدها حين كان طفلا واعتبرها زلزالا، ومرورا بالانتفاضة الأولى عام 1987، وهى الانتفاضة التى جعلته يحمل الكاميرا ويهوى التصوير. شحادة ذكر أنه صوَّر فيلمين من أفلامه تحت القصف الإسرائيلى، هما «ردم» و«قوس قزح» وأنه تعرض لمخاطر الموت أكثر من مرة خلال تصويرهما، وفيلم «ردم» كان عن قصف بيت حانون عام 2002 حين اجتاحتها الجرافات الإسرائيلية، وقال: أصيب المصور زكريا أبوهربيد، الذى كان معى فى ذراعيه وأجريت له عملية لربط الأعصاب، وأثناء تصوير فيلم «قوس قزح» عام 2004، والذى كان يحكى عن ضرب رفح، أصيب المصور محمود البايض فى ذراعيه أيضا، لكننى أصررت على مواصلة التصوير، وفاز الفيلم بالجائزة الأولى فى مهرجان البيئة بطوكيو، كما فاز فيلم «ردم» بجائزة الحكام الخاصة فى مهرجان طنجة بالمغرب. وعلى الرغم من أن كل أفلام شحادة عن الواقع الفلسطينى والصراع مع إسرائيل فإنه لا يستبعد أن يقدم مستقبلا فيلما تسجيليا عن أى قضية أخرى، ويوضح: القضية الفلسطينية تسكننى فأنا أتناولها فى كل أعمالى، ولكن وارد جدا أن أقدم عملا عن أى موضوع إنسانى آخر، وخصوصا أن وطننا العربى ملىء بقصص إنسانية ودرامية وأشياء تستحق الرصد والتسجيل، لكننى انشغلت بالقضية الفلسطينية لأن إسرائيل أجرمت فى حقنا واحتلت أرضنا وفرّقتنا، رغم أن الانقسامات ليست من خصالنا بل جديدة علينا، ولإحساسى بكل هذه المعاناة اخترت أن أركز على القضية الفلسطينية فى أفلامى.