قبل ثلاثة أعوام بدأ التفكير فى إدخال حزمة من التعديلات على دستورنا الصادر عام 1971، وجرى الاستفتاء عليها وأقرت فى تاريخ لاحق، رغم الجدل الذى أثير حولها، فهل تحتاج الدول عادة إجراء تعديلات دستورية بين الحين والآخر؟ والجواب هو «نعم» لأن دستور الدولة يجب أن يتماشى مع روح العصر، ومع التغيرات السياسية، والاقتصادية، والعالمية، ودائماً ما تلجأ الدول الراسخة فى الديمقراطية إلى إجراء هذه التعديلات كلما دعت الحاجة إلى ذلك فقد أدخلت الولاياتالمتحدة أول تعديل على دستورها سنة 1791، وكان آخرها فى السابع والعشرين سنة 1992. أما أهمها فكان سنة 1951 والذى قضى بأن تكون مدة الرئيس الدستورية ولايتين فقط، كما أدخل على الدستور الفرنسى الصادر عام 1961 - المعروف بدستور الجمهورية الخامسة - ثلاثة وعشرون تعديلاً، أولها فى العام التالى لصدوره مباشرة، وآخرها قبل شهرين من مغادرة «شيراك» لقصر الإليزيه وقضى بأن تكون الفترة الرئاسية خمس سنوات بدلاً من سبع. وذلك لتصبح مساوية للفترة البرلمانية، وهو ما تم تطبيقه فى السنة الماضية إذ أجريت الانتخابات البرلمانية بعد شهرين فقط من انتخاب «ساركوزى» رئيساً وذلك لتفادى «حالات التعايش» التى كانت تحدث فى الماضى، عندما يأتى الرئيس من حزب، ورئيس الوزراء من حزب آخر، وقد حدث ذلك بالفعل فى عهدى الرئيسين «ميتران» و«شيراك» وكاد يعصف بالدستور وبالجمهورية الخامسة ذاتها، خاصة أن الدستور الفرنسى يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة باعتباره رأس الدولة، ورئيساً للجهاز التنفيذى، وقائداً أعلى للقوات المسلحة، ومشرفاً على الشؤون الخارجية. لذلك فقد جاء تعليق رئيس الوزراء الفرنسى «فيون» ذكياً لا يخلو من سخرية عندما صرح بقوله: «من الأفضل أن نفكر ملياً فى إلغاء وظيفة الوزير الأول، كما يسمونه هناك، وإعطاء سلطاته لرئيس الجمهورية»، وعلى أى حال فإن الناس تعودت فى دول العالم الأول، كما يسمونه، على احترام الدستور حتى ولو لم يكن نصاً مكتوباً، كما هو الحال فى إنجلترا. مهندس/ محسن إبراهيم