فكرت حكومتنا طويلا بكل أجهزتها الأمنية والمحلية والسياسية فلم تجد حلاً لأزمة المرور وتلوث حياتنا بعادم السيارات، وفوضى الشارع المصرى، وقبح المشهد فيه، وكوارث حوادث الطرق إلا قانوناً جديداً للمرور يشدد العقوبات بشكل يخشى معه أى مصرى أن يقود سيارة.. ويركز فى تشديده على مخالفة عدم ربط الحزام، ثم يتشدد أكثر فيعتبر السير عكس الاتجاه يستأهل الضبط والقبض الفورى على مرتكب تلك المخالفة ووضع الكلابشات فى يده، ثم «مرمطته» بين أقسام الشرطة ومقار النيابة حتى يصدر الحكم بتغريمه وتفليسه أو حبسه.. وهكذا تصبح أحيانا قيادة السيارات تأديباً وتهذيباً وإصلاحاً. ويبدو أن بعض الجهابذة قد رأى على خلاف ما نرى جميعاً أن الشارع أصبح «ع ال العال» وأن حالة المرور قد تحسنت كثيراً إلا من بعض قائدى السيارات الذين يصرون على السير عكس الاتجاه.. فأصدر توجيهاته بالتركيز هذه الأيام على هذه المخالفة، وليتوقف ضبط كل المخالفات الأخرى. هكذا اكتشفت الحكومة فجأة أنها انتهت من حل كل المشاكل والكوارث التى أدت إلى زيادة فوضى المرور وزيادة معدل حوادث الطرق ولم يعد أمامها سوى «السير عكس الاتجاه». انتهت الحكومة، خاصة أجهزتها المحلية فى محافظتى القاهرة والجيزة من تمهيد ورصف الشوارع بشكل محترم وآدمى، ولم يعد قادة السيارات يدربون أنفسهم يوميا على كيفية تفادى الحفر والبالوعات والمطبات فى كل مناطق القاهرة، الراقى منها مثل مدينة نصر، والعشوائى مثل دار السلام (فى مدينة نصر شارع رئيسى مقطوع منذ شهور ولا أحد يتحرك).. وانتهت الأجهزة المحلية فى القاهرة والجيزة من رفع أكوام القمامة ومخلفات البناء التى تعوق مرور السيارات فى الأحياء والمناطق الجديدة.. ولم تعد هناك حجة لمالكى السيارات فى توفر أماكن للانتظار.. ووفرت أماكن أخرى فى جميع أحياء القاهرة خاصة فى وسطها فلم يعد الانتظار فيها عذاباً إن وجد. أما الإجراء الرهيب الذى تمكن محافظا القاهرة والجيزة من فرضه على مالكى العمارات فهو فتح جراجات العمارات بالقوة ومنع تحويلها إلى مخازن وبوتيكات. وهكذا لم يعد هناك من مبرر لأحد لترك سيارته فى الشارع وهو إجراء قانونى وكما نعلم طال انتظاره لعشرات السنوات ووقفت حكومات متعاقبة عاجزة حياله.. وعلى هامش هذه المشاريع العظيمة التى تمكنت محافظتا القاهرة والجيزة من إنجازها فقد قامت أيضا باستكمال خدمات الطريق الدائرى وإنارته ورصف الأجزاء الكثيرة جداً غير الممهدة فيه، وقامت بتقسيمه إلى حارات واضحة لا لبس فيها.. وخلال هذا كانت تعلن لقادة السيارات بعلامات وإشارات واضحة الأماكن التى يجرى العمل فيها، وذلك مثل كل الدول المحترمة حتى لا تتسبب الأعمال فى وقوع الحوادث. محافظة القاهرة قامت بعمل جليل للغاية، رفعت الطوب والحجارة التى يرتكز عليها كوبرى أبو الريش أمام مستشفى الأطفال، وأصلحته بشكل علمى سليم.. تخيلوا كوبرى يستند إلى حجر. واهتمت الأجهزة بوضع العلامات الإرشادية للطرق والشوارع فلم تعد القاهرة والجيزة مثل المتاهة كما كانت فى الأزمان الغابرة، أما الإنجاز الذى وقف أمامه العالم متحيرا فهو الوصول لطريقة سليمة وصحيحة فى علاج فواصل ومفاصل كوبرى 6 أكتوبر فلم يعد السير عليه مثل السير على أرض مزلزلة أو مثل السير على موج المحيط، وهكذا لم تعد هناك حجة لأحد.. خاصة لهؤلاء الذين يسيرون عكس الاتجاه. [email protected]