يارب... إننى مواطنة مصرية غاضبة، ولا أملك فى يدى سوى قلمى، ولا أحمل فى قلبى وعقلى سوى تجربتى.. فمنذ 3 سنوات وأنا أكتب عن طموحات إيران وشر سوريا، ودهاء حزب الله، وألاعيب قطر، وترويض «حماس»، مع التأكيد عدة مرات على أن المستفيد الوحيد هو عدونا الدائم والحزب الحاكم فى إسرائيل.. ويشهد على هذا مقالاتى الموثقة باليوم والشهر والسنة فى نفس هذا المكان ف«بين السجاد الإيرانى والتفاح اللبناني» 16/1/2006 ل«جزمة كاديما» 5/6/2006 وعن «دولة قطر العظمى» 28/5/2007 حتى وصلنا ل«حزب الله سابقاً والحرس النورى حالياً» 12/5/2008 والعديد من غيرها، فهذه الجريدة كان لها السبق وتحملت منى الكثير. فكنت أول من اختلف مع أستاذنا حسنين هيكل، فى ندوة بنادى القضاة فى العام الماضى، وسجلت نقاط الاختلاف والتعليق فى مقال طويل عنوانه «فينوجراد إيرانى» 12/6/2008.. المهم اليوم اتضحت الصورة أمام الجميع، فاندهش البعض وانزعج البعض الآخر، والمشكلة أننى كنت من المشاهدين والمتابعين لهذا السيناريو القادم إلينا بكل دقة واحتراف، فانتظرت أن يشفى غليلى ويثأر من غيرتى على وطنى رد فعل مصرى قوى، ولم أجد سوى الصمت من السفارة المصرية فى لبنان، بعد أن تمت محاصرتها وعلقت من حولها الجزم من جماعة الحزب القومى السورى ومجموعة «حزب الله»، وللأسف لم أجد أمامى سوى هجوم وغضب بعض الكتاب فى مصر وتصريحات وزير الخارجية للدفاع عن موقفنا فى كل مكان.. فقط. ولكن هذه الأساليب لم تخرسهم أو تردعهم عن مواقفهم، فهناك إصرار واضح على تكرار الهجوم وتأكيد الموقف للافتراء والتخوين والاستهزاء بكل المساعى الإيجابية والخطوات المصرية، فهناك مخطط واضح لتحجيم دور مصر وإضعاف مكانتها الدولية وأمام الإدارة الأمريكيةالجديدة بوجه خاص، حتى لا تبقى مصر وحدها هى التى تملك حق التفاوض فى ملف فلسطين.. نعم هناك آخرون يجدون أنه من الأفضل لهم أن تبقى ورقة فلسطين رهينة حتى تتم التسوية على ملفات سوريا فى المحكمة الدولية وملفات إيران النووية لتحقيق طموحاتها للسيطرة الإسلامية ولكن للأسف مازلنا فى مصر نقول: «الكلاب تنبح والقافلة تسير»، ربما هذا مجرد ثقة زائدة أو نوع من التجاهل الكبير لهؤلاء العابثين. ولكن الواقع يقول إن هذا الأسلوب لا يجدى، ويزيد الحافز لديهم للعرقلة والتعطيل لكل الجهود، حتى تصل القافلة فى النهاية أضعف بكثير مما هو مطلوب فمنذ شهر وأكثر ونحن على الوتيرة نفسها للدفاع، وهم على نفس الإصرار على الهجوم. فهل فقدنا الأوراق أم فقدنا احتراف المواجهة؟!، الرسائل الموجهة إلينا مؤلمة، ومازال الرد منا لم يلجم أحداً منهم، فالتهاون معهم يزيد من فجورهم!، فهذه الضاحية التى يحتمى فيها قائد «حزب الله» ليست سوى مجرد حى صغير فى محافظة طنطا أو أسيوط.. وحتى لو اختبأ تحت العباءة الدينية أو بعض من جماعته المسلحين، فانتصاره الإلهى لا يقف أمام دولة تحمل قيماً وتاريخاً وحاضراً معلناً ومعروفاً.. إنها مصر أول من علّم المقاومة والانتصار قبل أن يتخرج هؤلاء فى جامعة «قم» بإيران فلا يسمح أن يتجرأ أحد من هؤلاء. فقط.. أتذكر لكم فى العام الماضى موقف دخول الفلسطينيين إلى أرضنا وكسر السور فيما بيننا، عبر لى أحدهم من جماعة إيران: «أخيراً استبيحت أرض مصر وكسرت حدودها بعد أن ظن البعض أنه من المستحيل استباحة مصر من بعد حرب 67»، أجبت عليه بفزع: «مستحيل فنحن من سمحنا بدخولهم لأنه شعب شقيق جائع ومسكين»، فقال لى: أنتم المصريين المساكين فطابور العيش مازال مشكلة يسقط فيه الكثيرون منكم، فلم أجد أفضل من أن أقول «يارب» أتوسل إليك أن تعيد لى كرامتى وكرامة جميع المصريين، فمهما اختلفنا مع النظام والحكومة فهذا لا يعنى السكوت وقبول الإهانة من أقرب الأشقاء.. فهناك فى السياسة أسلوب للنقد والعتاب، ومن حق الجميع المعارضة والاختلاف ونعلم أن المصالح هى دائماً الأساس ولكن ليس من حق أحد التخوين والتشكيك لدفع شعب مصر للتمرد والانقلاب.. غريب أن يطالب زعيم ميليشيا جيش مصر العريق بخلع بدلة الانتماء.. هذا قمة الغباء، فالنتيجة جاءت بالعكس، فالجميع فجأة عادوا والتفوا حول وطنهم وقائدهم حتى من اختلف معه منذ ولايته أو مولده.. شكراً، فقد ظهر معدن المصريين وأسقط ورقة انتمائك أنت للعروبة ولبنان، فإيران هى الأولوية عندك حتى لو قتل من أجلها كل شعب لبنان. أخيراً، أسألك يارب العالمين ما هو موقف كبار الكتاب والإعلاميين المعجبين سابقاً ببطولاته وخطاباته الحنجورية، هل يعانون بعض الإحراج لوطنيتهم الغالبة عليهم، وماذا عن اللبنانيين من عشاقه المقيمين هنا فى مصر، وماذا بعد كل هذا الهجوم، لماذا لا ينتفضون لهذه الأرض التى تحملهم وهذه الدولة التى تحميهم ومن خيرها يرزقون؟ فهل سنتركهم بيننا أم إلى «نصرالله» يعودون؟ فإن كان هناك جماعة من حزب الله، فيجب أن نقول أعوذ بالله، فمازالت مصر تنبض بمخلصين عنهم لمصر ولبنان. بإذن الله! [email protected]