كتبت فى الأسبوع الماضى، مشيداً بخطاب الرئيس مبارك فى قمة الكويت، ومطالباً بخطاب آخر للرئيس يعلن فيه الجهات والوزارات التى قصرت خلال أزمة العدوان على غزة ومصير مسؤوليها، وفقاً للتغيير المرتقب، على أساس أننا دولة، نظامها السياسى لا يقبل سحب الثقة من الوزير فى مجلس الشعب، لكنه بالتأكيد سيغير من تلقاء نفسه، مَنْ أضاعوا هيبة مصر وأثبتت الأزمة وأزمات أخرى قبلها ضعف أدائهم وغياب رؤيتهم وانعدام كفاءتهم. لو كنت مكان صفوت الشريف، وزير الإعلام الأسبق، ضابط المخابرات سابقاً، لأرسلت رسالة عبر جهاز المحمول إلى أنس الفقى، وزير الإعلام الحالى، هذا نصها: «من صفوت الشريف إلى أنس الفقى: نشكركم على تعاونكم معنا» وهى نفس الرسالة التى وردت فى نهاية مسلسل «دموع فى عيون وقحة» للبطل «جمعة الشوان»، وذلك لشكره على الخدمات التى قدمها الفقى للشريف خلال فترة تولى الأول وزارة الإعلام لأنه يثبت كل يوم كفاءة الوزير الأسبق صفوت الشريف وقدراته الفذة على خدمة النظام والدفاع عنه وتسويق سياساته، فالشريف باع للمصريين وهم الريادة الإعلامية وأن مصر تعيش أزهى عصور الديمقراطية فى الوقت الذى لم تكن فيه ديمقراطية. أما الفقى فرغم خطوات الإصلاح الديمقراطى والتحسن الاقتصادى فإنه أخفق فى تسويقها بل إن الحكومة نالت فى عهده أكبر قدر من الانتقادات ليس بسبب زيادة مساحة الحرية فقط، لكن بسبب ضعف المنظومة الإعلامية وغياب الرؤية السياسية عنها. المقارنة محسومة بين الشريف والفقى لكن الأزمات تجدد هذه المقارنة دائماً، فالأول مبادر وجسور ومهاجم وتظهر مهاراته وقت الأزمات، لكن الثانى يؤكد كفاءة الأول عند الأزمات أيضاً من خلال الأداء الهزيل للإعلام المصرى، كما حدث فى قضية العدوان على غزة، وهو ما دعا الرئيس مبارك إلى توجيه لوم شديد إلى الفقى خلال وجوده معه فى قمة الكويت. بالإضافة إلى انتقاد آخر حصل عليه الفقى من قيادة كبيرة فى الحزب الوطنى بسبب أخطاء وقعت فى نقل كلمة الرئيس مبارك يوم 30 ديسمبر الماضى، هذا بالإضافة إلى قيام كل المتابعين بتوجيه انتقادات عنيفة لأداء الفقى وتليفزيونه خلال الأزمة، فالوزير اختفى.. واضطرت كل الأجهزة والمؤسسات العاملة فى هذه الأزمة أن «تشتغل إعلام بنفسها».. إذن هناك إجماع من كل الناس سواء داخل الحكومة أو المعارضة على ضعف الأداء الإعلامى المصرى، وهو ما يثير علامات استفهام حول بقاء الفقى فى موقعه، فإذا كانت الحكومة لا يهمها أن تنهار صورة مصر بسبب عدة قنوات خارجية فإن المصريين لا يقبلون استمرار هذه المهزلة فى كل الأزمات، خاصة أن الأمر الآن يتعلق بمصر «التاريخ والجغرافيا والحضارة والريادة السياسية». الأداء الإعلامى تراجع وانهار أمام قنوات أخرى ولم نر رؤية أو مبادرة أو خطة سواء للدفاع عن سمعة مصر وشرفها أو حتى للهجوم المضاد حتى وزير الإعلام لم يصدر عنه تصريح واحد، وكأنه اكتفى بدوره فى إعداد البرامج التليفزيونية فى الوقت الذى كانت هناك دول صغيرة تناور بقنواتها ومتحدثيها وتوجه لمصر ضربات قوية وعنيفة. أكرر مرة أخرى، صفوت الشريف هو الوحيد المستفيد من بقاء الوضع الإعلامى كما هو عليه فسيظل الجميع يتندر على أيام صولاته وجولاته ومعاركه وتحالفاته مع الإعلام والصحافة الخاصة والتى من المؤكد أنها كانت تعود بالنفع عليه وعلى النظام الحاكم، أما الوضع الحالى فإذا كان من المؤكد وفق رؤية جميع الخبراء أن النظام غير مستفيد فمن يا ترى تعود عليه الفائدة من بقاء أنس الفقى، وزيراً للإعلام، بخلاف صفوت الشريف؟!.