نشرت جريدة «المصرى اليوم» خبراً لم يتوقف أمامه الكثيرون عن إحالة محكمة رشيد لنص المادة 84 من قانون المحاماة المتعلقة بلجنة تقدير أتعاب المحامين إلى المحكمة الدستورية، إذ رأت أنه مخالف للدستور.. انتهى الخبر الذى يفضح فداحة المأساة التشريعية التى تعيشها مصر!! المأساة تتحصل فى أن قانون المحاماة كان يتضمن نصاً للمادة 84 يقضى بإحالة النزاع بشأن تقدير أتعاب المحامى إلى لجنة يشكلها مجلس النقابة الفرعية التى يتبعها المحامى. وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بعدم دستورية لجان تقدير الأتعاب بحكمها بجلسة 5/6/1999، وأقامت قضاءها على العديد من الأسباب، أبرزها أن مبدأ المساواة بين الناس يستوجب أن تكون للخصومة القضائية الواحدة قواعد موحدة فى مجال اقتضائها أو الدفاع عنها أو الطعن فى الأحكام التى تصدر فيها، وأضافت أنه متى كان ذلك وكان الخلاف بين المحامى وموكله حول تقدير الأتعاب، إنما يندرج فى دائرة الخلاف بين الأصيل والوكيل بأجر، باعتبار أن جميع هذه المنازعات متحدة فى جوهرها متماثلة فى طبيعتها، فإن إفراد الخلاف بشأن تحديد أتعاب المحامى بنظام إجرائى خاص لفضه ينبو عن نظام التداعى بشأن تحديد أجر الوكيل - دون أن يستند ذلك إلى مبرر منطقى لهذه المغايرة - يصم هذا التشريع بمخالفة الدستور، لا أن تعديلاً جديداً لقانون المحاماة تقدم به نقيب المحامين السابق من خلال أعضاء من الحزب الوطنى تضمن إعادة تلك اللجنة المقضى بعدم دستوريتها بعد إلباسها ثوباً جديداً لا يغير من كونها تنظيماً إجرائياً خاصاً، وهو الأمر الذى سبق أن قضت المحكمة الدستورية بمخالفته للدستور، وكنت قد أبديت اعتراضى على عدم دستورية تلك المادة وبعض من غيرها من نصوص تلك التعديلات عند طرحها للنقاش، وإذ لم يلتفت إلى تلك الاعتراضات، فإنى لم تساورنى ذرة شك أو خيال بإمكان تمرير تلك النصوص المعيبة دستورياً تحت أعين أساطين القانون الذين يفخر بهم مجلسنا الموقر، لذلك كان وقع تمرير تلك التعديلات المعيبة بالقانون رقم 197 لسنة 2008 بمثابة الصاعقة التى أعجزتنى عن التعليق سوى بعبارة «مافيش فايدة!!».. ومازلت فى ذهول.. كيف مرت تلك النصوص تحت بصر فقهاء المجلس الموقر الأجلاء؟؟ هل هى العجالة المقيتة؟ هم يقولون إنهم لا يسلقون القوانين، وإنهم يحترمون الدستور!! ألم يصل إلى علمهم حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية إفراد تنظيم إجرائى خاص لذلك النزاع؟؟.. ألم يقرأوا ذلك الحكم؟؟ مستحيل!!.. إذن.. تعذر الفهم.. ويبقى أن أتوجه لفقهائنا الموقرين بالنداء: أفيدونا يرحمكم الله.. كيف مررتم هذا النص المخالف للدستور؟؟.. وللمآسى بقية!! هشام المهندس - المحامى [email protected]