فتح باب التقدم لجوائز جامعة القاهرة لأعضاء هيئة التدريس حتى نهاية يوليو المقبل    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد ونقل تبعية 3 جمعيات بالقاهرة والغربية    العمل: ندوة تثقيفية حول أهداف وتشريعات السلامة والصحة المهنية وخطط الطوارئ بأسيوط    التضامن: توزيع 100 طن لحوم على الأسر الأولى بالرعاية    رئيس الشيوخ: نحتاج تشريعا مرنا لمواكبة تطور الذكاء الاصطناعي    محافظ كفر الشيخ يتابع جهود حملات إزالة الإشغالات بدسوق    رئيس جامعة مصر للمعلوماتية تتابع سير امتحانات نهاية العام    قصف صاروخي من لبنان يستهدف الجليل والجولان المحتل    الرئيس النمساوي يدلي بصوته في انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي    شؤون الأسرى الفلسطينية تكشف حصيلة الاعتقالات منذ 7 أكتوبر في غزة    يورو 2024، أبرز الأرقام في تاريخ كأس أمم أوروبا    إندريك يقود البرازيل لفوز قاتل على المكسيك وديًا.. فيديوأهداف المباراة    إدريس : أتوقع أن نحقق من 7 إلى 11 ميدالية في أولمبياد باريس    تشاهدون اليوم.. تونس فى ضيافة ناميبيا بتصفيات إفريقيا للمونديال وفرنسا تستعد لليورو بمواجهة كندا    عاجل.. إعلامي شهير يعلن أولى صفقات الأهلي الصيفية    رابط جديد، نتيجة الشهادة الابتدائية الأزهرية برقم الجلوس عبر البوابة الإلكترونية    غداً.. فتح باب حجز التذاكر علي قطارات العيد الإضافية    حملات مكثفة لإزالة الإشغالات أمام لجان الثانوية العامة بالمنيا    الأمن العام يداهم بؤرة إجرامية شديدة الخطورة في البحيرة    صدمة لجمهور أفلام عيد الأضحى.. الأطفال لن تشاهد تلك الأفلام (التفاصيل كاملة)    قصور الثقافة تنظم عروضا مجانية بمهرجان فرق الأقاليم المسرحية    عمرو محمود يس وياسمين عبدالعزيز في رمضان 2025 من جديد.. ماذا قدما سويا؟    فى ذكرى رحيله.. عبدالله محمود شارك عمالقة الفن خلال رحلة فنية قصيرة    الصحة توقع خطاب نوايا مع "استيلاس فارما" لرفع الوعي بالكشف المبكر عن الأورام السرطانية    بالصور.. محافظ الشرقية يُفاجئ المنشآت الصحية بأبو حماد والزقازيق    «معلومات الوزراء» يلقي الضوء على ماهية علم الجينوم وقيمته في المجالات البشرية المختلفة    مع ارتفاع درجات الحرارة.. نصائح للحماية من ضربات الشمس    الصحة: الانتهاء من قوائم الانتظار لعمليات قسطرة القلب بمستشفى السويس العام    الملامح النهائية للتشكيل الحكومي الجديد 2024    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    أوقفوا الدعم العسكرى لإسرائيل.. آلاف المتظاهرين فى محيط البيت الأبيض يدعمون فلسطين بحمل لافتات تصف بايدن بالكذاب    برقم الجلوس.. الموقع الرسمي لنتيجة الصف الثالث الإعدادى 2024 الترم الثاني للمحافظات (رابط مباشر)    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    "عاشر الأم وابنتها".. اعترافات صادمة ل"أم شهد" المتهمة بإحضار الفتيات لسفاح التجمع    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    عرض حلول تحديد الهوية بمؤتمر الأمن السيبراني .. تفاصيل    حنان ترك تتصدر التريند بسبب ابنتها.. ما القصة؟    الموت يفجع الفنان محمد نجاتي    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    شركة فولفو تنقل إنتاج السيارات الكهربائية من الصين إلى بلجيكا    الشركة القابضة المصرية الكويتية تعلن عودة الغاز إلى مصانع الأسمدة التابعة    إلغاء الأدبي والعلمي.. تفاصيل نظام الثانوية الجديد وموعد تطبيقه    عدلي القيعي يكشف شعبية الأهلي في مصر ب إحصائية رقمية    اليوم.. "إسكان الشيوخ" تعقد 7 اجتماعات بشأن مشروعات طرق    نجم الزمالك السابق يرد.. هل أخطأ حسام حسن بمشاركة الشناوي؟    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفتش «كرومبو» وزيراً للداخلية

فى لحظة فارقة واستثنائية من تاريخ مصر السياسى اختار رئيس وزراء حصيف المفتش كرومبو وزيراً للداخلية، وطالع الناس عينى كرومبو اللتين تنطقان بذكاء حاد وهو يحلف اليمين، ورأوه بعدها خارجاً من القصر الجمهورى سيراً على قدميه، ينهب الشوارع، متطلعا إلى إشارات المرور العاجزة عن إنهاء فوضى السيارات والمارة المتداخلين بلا هوادة، وإلى عساكر الأمن الرابضين أمام البنوك والكنائس والسفارات، وعربات الأمن المركزى الضخمة المنتظرة قرب الميادين. وعند الظهر دخل إلى مبنى الوزارة فى لاظوغلى، وذهب إلى مكتبه رأساً، والعرق يتصبب من جبينه، ثم طلب كوباً من الماء البارد.
وما إن شرب حتى رن الهاتف، وجاءته الأخبار ساخنة، عن مظاهرة حاشدة فى حرم جامعة القاهرة، وجريمة بشعة فى مدينة الرحاب، والقبض على تنظيم صغير يتبنى أفكار «القاعدة» فى شبرا، ومعركة طاحنة بين عائلتين بديروط، وهروب رجل أعمال نافذ من المطار فى وضح النهار، وإضراب فى سجن وادى النطرون، وشجار حاد أمام مخبز فى إمبابة، وبلاغ تهديد تلقته السفارة الأمريكية، ودخول شحنة هيروين إلى البلاد عن طريق البحر، وتجدد الاشتباكات بين البدو ورجال الأمن فى سيناء، وعشرة بلاغات مقدمة إلى نيابات هنا وهناك ضد ضباط شرطة، وموت شاب تحت وطأة التعذيب فى قسم شرطة الخليفة، وعشرين مقالاً فى مختلف الصحف تشكو من غلظة الشرطة وعنجهيتها، ومصادمات بين مسلمين ومسيحيين فى المنيا.
وكعادته شحذ كرومبو كل ما أوتى من طاقة عقلية، وراح يرتب هذه الجرائم وتلك المشكلات ليعرف القاسم المشترك بينها، والمنبع الذى تنحدر منه. ولم يستغرق وقتا طويلا حتى اكتشف أن الأسباب لا تخرج عن الاستبداد السياسى والظلم الاجتماعى والفساد البيروقراطى، ثم ابتسم حتى لمعت كل أسنانه على صفحة مكتبه الفخم، وقال لنفسه: «هذا فوق طاقتى، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وعلىَّ أن أبدأ بما يقع تحت اختصاصى».
وما إن انتهى من هذه العبارة الهامسة حتى سمع طرقا على الباب، ودخل أحد مساعديه، وأدى التحية، ثم وضع أمامه مذكرة مطولة، وانصرف فى هدوء. وراح كرومبو يفتش على مهل، ويقرأ بإمعان وتدبر، حتى فرغ منها، والشمس تنسحب من نافذة مكتبه على استحياء، وتترك الفراغ لعتمة المغرب الشفيفة.
وفتح كرومبو درج مكتبه وأخرج ورقة صغيرة وكتب فى أول سطر: «خطة عمل». وأضاء المصباح، وراح يضع رؤوس موضوعات. وفى اليوم التالى أكمل الناقص، وأجلى ما يحتاج إلى توضيح، حتى صار لديه تصور كامل عما ينوى فعله. وجمع مساعديه، وناقش معهم خطته، فاستقبلوها واجمين.
وتشجع أحدهم وقال له: «لم نعهد العمل بهذه الطريقة، وأوضاع البلاد ليست حقل تجارب»، فابتسم كرومبو وقال: «الأمان لا يأتى ويستقر بالعنف والقهر والتعذيب»، ثم أصدر تعليمات نزلت كالصاعقة على رأس الضباط، بعد أن أعاد شعار «الشرطة فى خدمة الشعب»، وأمر بكتابة عبارة فوق رأس كل الضباط فى مختلف الأقسام تقول: «حاصر المتهم بذكائك لا بسوطك».
ثم طلب من مدير كلية الشرطة أن يشترط لدخولها مجموعا يتعدى تسعين بالمائة فى الثانوية العامة حتى يجذب إليها الأذكياء، وأن يقرر على الطلاب مواد عن «الكرامة الإنسانية» و«حقوق السجناء» وكتاب «التفكير العلمى» للدكتور فؤاد زكريا، وكتابى «التفكير العملى» و«التفكير الجانبى» لإدوارد دى بونو، وعشرات الكتب التى تدرس فى أكاديميات الشرطة بأوروبا وأمريكا لمساعدة المحقق على معرفة الحيل والأساليب التى توصله إلى الحقيقة دون ضرب أو تنكيل.
وطلب الوزير الجديد مد مكتبة الكلية بعشر نسخ كاملة من موسوعة «العذاب» للباحث العراقى عبود الشالجى، والتى تتناول أساليب التعذيب فى حياة العرب عبر ثمانية مجلدات، ثم العديد من مذكرات الإخوان المسلمين والشيوعيين فى سجون عبدالناصر، وأمر بجمع كل ما كتب فى الصحف والمجلات عن التعذيب فى عهد مبارك ثم تصويره وتجليده، وطلب أن يكتب بخط عريض على كل كتاب أو مجلد: «عار يجب أن يتوقف»، وتحته عبارة تقول: «القوة فى العقل لا فى العضلات».
وبعد وقت قصير من تطبيق القرارات الجديدة تحسنت صورة الشرطة وأحب الناس رجالها، فتعاونوا على كشف الإجرام والمجرمين، وانضبطت الشوارع وانساب المرور، بعد أن أيقن أصحاب السيارات وسائقوها أن ما يحميهم هو احترام القانون لا زيادة قيمة الرشوة.
وأظهرت الإحصاءات أن ترويج المخدرات قد هبط إلى أدنى حد، بعد أن استسلم الكثير من شبكات التهريب، وتعززت مراجعات التنظيمات والجماعات المتطرفة لأفكارها ومسارها، بعد أن أيقن أمراؤها أن جهاز الشرطة بات لا فكاك من ذكائه، وتأكدوا من صدق تشجيعه كل من كان يعتزم الانزلاق إلى الإرهاب على الرجوع والتوبة.
ولم يمر سوى شهور حتى تحرر آلاف الأبرياء من السجون، ودخل إليه آلاف المجرمين الهاربين من العدالة، بعد أن وجد القضاة فى معلومات الشرطة وتحقيقاتها ما يعينهم على إصدار الأحكام العادلة الناجزة، وفى عزمها على تنفيذ الأحكام ما يحول دون أن ينعم أى مجرم بالحرية.
ولم يمر سوى سنة واحدة حتى أقنع كرومبو رؤساءه بأن ملفات الإخوان والأقباط والشيوعيين والجماعات الإسلامية والشيعة ليس مكانها وزارة الداخلية، وكتب تقريرا عن دولة «العدل والحرية» التى بوسعها أن تضم الجميع، ثم اقترح إضافة جهاز الشرطة إلى وزارة التنمية المحلية على غرار الدول الإسكندنافية.
ولما قوبل اقتراحه بالرفض، وكانت صدور رؤسائه قد أوغرت عليه بفعل كيد أعدائه الذين يتنعمون من الظلم والفوضى، صدر قرار بإقالته، لكن الشعب انتفض، ونزل إلى الشوارع عن بكرة أبيه، وطالب بأن يكون كرومبو فوق وزير الداخلية بكثير، ليضبط كل شىء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.