لم يجد أفراد فريق مسرحى من الصم والبكم صعوبة فى الوقوف أمام جمهور يعشق المسرح، فطبيعة العرض الصامت الذى كانوا يقدمونه ساعدهم كثيراً فى نسيان إعاقتهم والانشغال بالتمثيل التعبيرى الذى يحتاج إلى جهد وتركيز كبيرين، وبعد انتهاء العرض لم يصدقوا حالة الإعجاب الشديدة التى لاحظوها على الجمهور، وتأكدوا منها من خلال التصفيق الحار الذى لم يسمعوه. السويدى يعقوب ليندفورس، والإسبانية ديانا كالفو هما كلمة السر وبوابة مرور هذا الفريق إلى الجمهور، فقبل عشر سنوات جاءا إلى القاهرة فى زيارة خاطفة وتعرف كل منهما على الآخر، وفى القاهرة اتفقا على مشروع تنموى واحد وهو تنمية الصم والبكم فى مصر، من خلال إشراكهما فى أعمال فنية. أحب يعقوب اللغة العربية ودرسها فى جامعة كوبنهاجن، وعاصر فى فترة دراسته تنامى دور الشرق الأوسط وقيام حرب الخليج الأولى، ثم سافر إلى سوريا لتعميق دراسته قبل أن يقرر الاستقرار نهائياً فى مصر، ودرست ديانا العربية لاهتمامها بالحضارة الإسلامية فى إسبانيا قبل أن تأتى إلى مصر فى زيارة خاطفة تنتهى باستقرارها هى الأخرى.. لا يعرف أحدهما سر تعلقه بمصر ولا حبه لها، لكنهما يرددان: «نعمل إيه.. شربنا من نيلها، والنيل له تأثير كبير». علاقتهما بالمسرح بدأت أثناء تأسيسهما فرقة باسم «الخيال الشعبى» عام 2001، تعتمد على مسرح متجول للأطفال مثلما يحدث فى أوروبا، يطوف القرى والمحافظات المصرية لرفع وعيهم وثقافتهم من خلال العروض المسرحية.. أنفقا على مسرحهما من جيبهما الخاص قبل أن تتولى الجيزويت رعاية المشروع: «بدأنا نتدرب كتير بعدها لفينا مصر من الإسكندرية لحد الصعيد، نوصل للأطفال قيم من خلال المسرح، لأن أغلب عروضنا كانت بتعتمد على مشاركة الجمهور وتعاملهم مع العرض عشان نديهم قيم عن التحرر والانطلاق بأفكارهم من غير قيود، خصوصاً وإن عروضنا كان فيها مزج بين التمثيل البشرى ومسرح العرائس». الفرقة التى كونها يعقوب وديانا من الصم والبكم تتكون من 10 أفراد تتراوح أعمارهم بين 20 و35 عاماً: «الفريق بالكامل مختلف عن بعضه فى السن والثقافة والوضع الاجتماعى والحالة التعليمية لكل منهم، وده خلى روح الورشة مذهلة بالنسبة لنا، مش عشان قدرات الصم العالية على الاستيعاب، لكن عشان ثقافتهم كانت بتظهر فى ارتجالهم.. أصعب ما فى الموضوع حسب تأكيد يعقوب هو اختيار نص مناسب للصم والبكم» وقال: «الناس إهتمت بالفرقة، وجمهورنا ماكنش من الصم بس». يعقوب وديانا قررا إعادة تقديم عروضهما فى أكثر من مركز ثقافى ومسارح للهواة والشباب، كما ينويان تقديم عرض جديد يكتبانه بمساعدة الفريق ويعتمدان فيه على أدوات مسرحية من موسيقى وإضاءة وحركة بصورة أكبر.