نفذ صاحب مكتب كمبيوتر فى النزهة فجر أمس مذبحة عائلية، أنهى حياة زوجته وابنه وابنته، حيث مزق أجسادهم ب«بلطة» وقطع شريان يده اليمنى وشرايين فى ساقه اليمنى، وجلس وسط الدماء التى أغرقت الشقة لأكثر من عشر ساعات، حتى اكتشف شقيق الزوجة الجريمة بالصدفة، وتم نقل الأب إلى مستشفى هليوبوليس وقبل دخوله حجرة العمليات اعترف لقوة الشرطة بأنه أصيب بأزمة مالية كبيرة منذ انهيار البورصة قبل 3 شهور، ولم ترتفع قيمة الأسهم التى كان يضارب عليها، مما نتجت عنه معاناة أفراد أسرته وعجزهم عن تدبير متطلباتهم، فخشى عليهم من آلام الفقر وقرر أن يريحهم للأبد.. فى الوقت نفسه قالت مصادر أمنية إن أقوال المصاب لا تعد نهائية وإن هناك جهود بحث للتأكد من التفاصيل، وإن كانت أقواله صادقة أم أن هناك وقائع أخرى فى هذا الحادث، بينما تجمع أهالى الشارع سواء أمام العمارة موقع الجريمة أو فى الشرفات، والذهول الشديد يعلوهم غير مصدقين ما حدث، وحاول عدد من أقارب الضحايا الاستيلاء على كاميرا الزميل تحسين بكر -مصور «المصرى اليوم»- وأصيب بعضهم بانهيار تام. البداية كانت فى الشقة رقم (5) من العمارة (11) فى شارع المعتز المتفرع من عمار بن ياسر، أحد الشوارع الكبرى فى النزهة، عقارب الساعة تتخطى الثانية قبل فجر أمس، ونسمات من هواء الشتاء تحرك أغصان الأشجار الخضراء وهدوء شديد يغطى المكان، وفجأة امتدت إلى مسامع السكان فى الطابق الثانى فى العمارة، أصوات غير طبيعية فى شقة شقيقتها ثم هدأت بعد قليل وعاد الصمت من جديد.. ومع شروق الصباح ظل باب الشقة، مصدر الأصوات، مغلقاً ولا تسمع لأحد حركة داخلها، رغم أن سكانها الأربعة، مهندس الكمبيوتر شريف كمال الدين حافظ، البالغ من العمر (56) عاماً، وابنه وسام (28) سنة مهندس كمبيوتر فى شركة «جاجور» وابنته داليا (25) سنة حاصلة على ليسانس الآداب وتعمل مدرسة «باليه» وزوجته عبلة يحيى طنطاوى (53) عاماً ربة منزل.. وفى الاتصالات العائلية اليومية، أخبرت شقيقة الأخيرة شقيقهما علاء الدين، الذى يعمل مدير عام الإنتاج فى أحد المصانع الكبرى، بتفاصيل ما دار قبل الفجر، والهدوء الذى يخيم على الشقة، فلم يفتح أحد شباكاً أو يخرج منها أحد، بدأ المدير بالمصنع يجرى اتصالات غير منقطعة بشقيقته «عبلة» سواء على تليفونها الأرضى أو على التليفون المحمول، ولم يأته رد.. انتظر بفارغ الصبر حتى انتهى يوم العمل واندفع بسيارته إلى العمارة التى تقيم فيها، فلم يجد فى الشارع شيئاً غير طبيعى، إلا أن حالة من الرعب والقلق القاتل تسيطر عليه. مجرد أن شاهد سيارات أسرة شقيقته أمام العمارة، اطمأن قليلاً وسأل البواب عنهم فأجابه بأنه لم يشاهد أحداً من أفراد الأسرة منذ أن دخلوا العمارة فى نهاية يوم أمس الأول، فأسرع يقفز درجات السلم ووضع يده على جرس الباب لمدة طويلة فلم يجبه أحد، راح يطرق الباب بكل قوته، فلم يجد جديداً، عاد إلى الشارع وحمل حجراً واصطحب البواب معه وصعدا إلى الدور الثالث، بعدما تملك الخوف والقلق منه، واستطاعا أن يحطما الباب ويدخلا إلى الشقة، مجرد أن وطأت قدمه أول حجرة نوم فوجئ بشلالات من الدماء تغرق الأرض والسرير، وشقيقته ملقاة وسط الدماء وإلى جوارها زوجها. لم يختلف الوضع كثيراً فى حجرة الابنة التى غطت دماؤها كل أنحاء السرير، وكذلك الأمر فى حجرة شقيقها وسام، الذى وجد إلى جواره «بلطة» ملوثة بالدماء، ووسط حالة الذهول التى أصابته والبواب، امتد إلى مسامعه أنين زوج شقيقته، فطلب سيارة الإسعاف وأبلغ شرطة النجدة، التى أخطرت العميد سليمان شتا، مأمور قسم النزهة، بالحادث ومع وصول سيارة الإسعاف كانت قوة تضم اللواءات فاروق لاشين، مدير الإدارة العامة لمباحث العاصمة، وسامى سيدهم، نائب المدير العام وأمين عز الدين، مدير المباحث الجنائية، والعقيد حازم عز العرب نائب مأمور النزهة، تأكد للمسعفين أن الزوجة وابنيها فارقا الحياة، بينما لم يزل الزوج على قيد الحياة وفى حالة صحية متوسطة.. فى الطريق إلى مستشفى هليوبوليس لإجراء جراحتين له فى اليد والساق اليمنى، حيث إنه «أشول»، يستخدم يده اليسرى، قال لقوة الشرطة إنه خسر مبالغ مالية كبيرة فى الانهيار، الذى أصاب البورصة المصرية والاقتصاد العالمى، وأصبح يعانى من أزمة مالية طاحنة، ولم ترتفع قيمة الأسهم التى يضارب عليها وأدرك أن كل ثروته تبددت، وأصبحت ظروفهم المعيشية سيئة جداً، فلم يستطيعوا أن يدبروا كثيراً من ضروريات الحياة، فخشى على أسرته آلام الفقر، بعد أن كانوا يعيشون فى مستوى راق، وبعد أن عجز تفكيره عن وسيلة يخرج بها من أزمته قرر أن يريحهم بأن ينهى حياتهم وينتحر ونفذ الجريمة وانتظر الموت ورفض أن يطلب الإسعاف أو النجدة رغم ما كان يعانيه من آلام ونزيف دموى. وعلى جانب آخر بدأ فريق بحث يقوده اللواء أمين عز الدين، مدير مباحث القاهرة، ويضم اللواء مصطفى عبدالعال، رئيس قطاع البحث فى شرق القاهرة، والمقدم عصام العزب، رئيس مباحث النزهة، فى الاستماع لأقوال الجيران وفحص تعاملات الزوج وأسرته، والبحث فى كل الاحتمالات، إن كان هناك آخر نفذ الجريمة أم لا، وانتقل فريق من نيابة حوادث شرق القاهرة، يقوده أحمد دبوس، رئيس النيابة، بإشراف المستشار المحامى العام لنيابات حوادث شرق القاهرة، لإجراء معاينة للجثث الثلاث ومكان الحادث حيث تبين تعرض الضحايا لضربات متعددة من نفس أداة الجريمة التى تم التحفظ عليها وإرسالها إلى المعمل الجنائى، مع أخذ بصمات الزوج المصاب، وتبين عدم وجود بعثرة فى الشقة، وجار الاستعانة بأحد أقارب الأسرة لبيان ما إذا كانت هناك أشياء، اختفت من مكان الحادث أم لا، وقام خبراء المعمل الجنائى برفع البصمات وآثار الجريمة. وأمام باب العمارة توافد عدد كبير من أقارب الضحايا ووالدهم، أصيب عدد منهم بحالات غضب شديدة من تجمع وسائل الإعلام وحاول بعضهم الاستيلاء على كاميرا «المصرى اليوم» فى حين أصيب آخرون بحالات إغماء وانهيار وسقوط على الأرض، وجميعهم غير مصدقين ما حدث، وفى الوقت نفسه امتلأت الشرفات المجاورة للعمارة بالسكان وهم فى حالة وجوم شديد غير مصدقين، ورفض الجميع التحدث إلى وسائل الإعلام. وفى مستشفى هليوبوليس، استقبلت حجرة العمليات الزوج المصاب وأجريت له جراحتان لإنقاذ حياته وبدأت حالته الصحية فى الاستقرار، وقرر اللواء إسماعيل الشاعر مساعد أول وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة، وضع حراسة مشددة عليه، وقالت مصادر فى فريق التحقيق إنهم فى انتظار تصريح الأطباء للاستماع إلى أقواله حتى يتم فك كل خيوط لغز الجريمة، وعلمت «المصرى اليوم» أن الأب أحضر أداة الجريمة قبل تنفيذ الحادث وأخفاها، وقتل أفراد أسرته أثناء نومهم، حيث انتظرهم حتى تأكد من دخولهم فى نوم عميق وظل يفكر لعدة دقائق، وكاد أن يغير قراره ويتراجع عن قتلهم، إلا أنه تتمسك بقراره، واختتم جريمته بقتل الابن وأحدث إصابته فى ساعده وساقه وترك «البلطة» بجوار ابنه وتحرك إلى حجرة نومه حيث ترقد جثة زوجته وسط الدماء. وحتى مثول الجريدة للطبع، لم تزل سيارات الإسعاف أمام العمارة فى انتظار حمل جثامين الأم وابنها وابنتها إلى ثلاجة المشرحة.