عناوين كثيرة نستطيع أن نضعها اليوم لما يحدث فى الساحة الرياضية بمصر، خصوصاً فى الساحة الكروية.. كالعادة استخففنا بظاهرة الألتراس حتى تفشت وتوغلت، وأصبحت لها الهيمنة على كل المدرجات فى كل الملاعب، وما حدث بالأمس القريب فى الصالة المغطاة بالنادى الأهلى وخروج جماهير الزمالك عن أى شىء يمت للرياضة بصلة، وتحطيمها تقريباً كل مقاعد الصالة المغطاة هناك، ومحاولة رد بعض جماهير الأهلى عليهم.. ها هو يتكرر ولكن بصورة أكثر دموية باستاد الإسماعيلية، فالمدرجات تهشمت وتحطمت، والجماهير سقط الكثير منها جريحاً جراء الخروج عن السلوك، والخسائر المادية بالجملة والصواريخ والشماريخ وصلت إلى أرض الملعب، وكادت تصيب اللاعبين كل ذلك يحدث فى حراسة المسؤولين ورعايتهم، فالعقوبات هشة وضعيفة ولا تتجاوز أبداً غرامات مالية لا قيمة لها ولا جدوى منها، وحتى مسؤولو الأمن اكتفوا بالمشاهدة والمراقبة، فلم يعد يهمهم ضرب صاروخ أو اشتعال الملعب بالهتافات واللافتات التى تدعو للموت، وكأن كل ما يعنيهم فقط هو أن تخرج المباراة إلى بر الأمان دون خسائر فى الأرواح، وما دون ذلك لا يهم، والحقيقة أننى مندهش من التهاون واللامبالاة فى التفتيش والانضباط داخل الملاعب، رغم أن طريقة دخول الصواريخ أصبحت معروفة للجميع وسأوضحها لكم فى السطور القادمة، ولكن ما يغيظنى أن الأمن يمنع دخول زجاجات المياه، بحجة أنها من الممكن أن تصيب أحداً، أما الصواريخ فلا خوف منها، لأنه قد تقتل فقط! والآن أقول لكم: كيف تدخل هذه الصواريخ إلى الملاعب.. هناك عدة وسائل أولاها أن يتم دسها فى ملابس المشجعات، وبالتالى لا يمكن لأحد من رجال الأمن أن يقترب منهن، وهذه ضمانة لدخول الصواريخ، ثانياً إخفاؤها فى الملابس الداخلية للمشجعين، حيث إن التفتيش لا يمكن أن يصل إلى هذه المناطق الحساسة، وبالتالى يضمن دخولها إلى أرض الملعب وأيضاً هناك وسيلتان سهلتان الأولى هى إخفاء الصواريخ داخل السندوتشات، فلا يمكن لأحد من رجال الأمن اكتشافها، وأخيراً أن يرتدى المشجع عدة بنطلونات فوق بعضها وبالتالى يمكن لأى فرد أن يخفى هذه الصواريخ داخل البنطلون الداخلى، وبالتالى يستطيع أن يهرب من التفتيش إن وجد!! والحقيقة المؤلمة أننى علمت أن بعض هذه الجماهير أيضاً تدخل إلى المباريات لتدخين المخدرات من بانجو وحشيش وحبوب مخدرة، وقال لى أحد مشجعى الأهلى الذى ذهب إلى الإسماعيلية وهو يمنى نفسه بالاستمتاع باللقاء إنه أصيب بصدمة عندما اكتشف أن نصف الحضور فى المدرجات لا يفكرون إلا فى قذف الصواريخ وتعاطى المخدرات بجميع أنواعها، لذلك لم يعد يهمهم شىء سواء ضُربوا أو اعتقلوا لأنهم فى غير وعيهم، والغريب أن معظم هؤلاء ينوون الاستمرار بالطريقة نفسها فى مباريات مصر فى كأس العالم، ليس حباً لا سمح الله فى المنتخب المصرى أو تشجيعا له للوصول لكأس العالم، ولكن فقط لرد الصفعة كما يقولون لحسن شحاتة عقابا له على ضم الحضرى لمنتخب مصر، وبالتالى الخروج من كأس العالم وذلك حتى يتعلم اتحاد الكرة وحسن شحاتة وكل المسؤولين الدرس، ويفعلوا ما يطلبه الالتراس منهم سواء من ضم أو استبعاد للاعبين، لذلك فأنا أنبه وأحذر من جديد مما قد يجرى فى تصفيات كأس العالم، وأطلب بوضوح من سمير زاهر واتحاده أن يضربوا بيد من حديد فى المرحلة المقبلة المهمة والحساسة فى مشوار منتخب مصر، وأيضاً فى مسيرة الدورى العام.. أيضاً أطالب الأمن بأن يكون أكثر إصراراً وشدة فى المرحلة المقبلة لأن القادم سيكون أسوأ بكثير. ■ تعالوا نتحدث عن تجارب أثبتت نجاحها بشكل لافت للنظر، ولكن لأننا نعشق التابوهات والحوارات الفارغة، لذلك نسينا تجربة إنبى وبتروجيت وحرس الحدود وطلائع الجيش، وبعدهم اتحاد الشرطة.. هذه الفرق التى أعطت لمسابقة الدورى العام بعضاً من إثارته، فشاهدنا الشرطة وهو يفوز على الأهلى، وبتروجيت وهو يهزم الزمالك ذهابا وإياباً والحدود وهو يكاد يقترب من الوصول لنهائى البطولة الأفريقية، ومع ذلك مازلنا نُصر على الهجوم على فرق الشركات والهيئات وكأنها فرق من كوكب آخر وليست فرقا مصرية، والحقيقة أنه لولا وجود هذه الفرق فى المسابقات المحلية لفقدت البطولة طعمها ومذاقها، فلولاها لما خسر الأهلى مباراة فى الدورى العام ولما خسر الزمالك موقعه المفضل فى جدول المسابقة، خصوصاً بعد الانهيار المذهل لكل الأندية الشعبية وآخرها الإسماعيلى ويكفى مما حدث أثناء مباراته مع الأهلى، والسلوك غير المقبول من جماهيره ما جعل المباراة أشبه بالمعركة الحربية مع رد فعل جماهير النادى الأهلى المبالغ فيه، ونفس الأمر ولكن بعيداً عن الشغب يحدث الآن لفرق الاتحاد والمصرى والمحلة وحتى الزمالك والتى أصبحت تعتمد على وجود أشخاص، فلولا مصيلحى لانتهى الاتحاد السكندرى، وبعد متولى، الكل يخشى من انهيار النادى المصرى لدرجة أن البعض قال أثناء تشييع جنازة متولى إن المصرى مات بموت السيد متولى، والأمر نفسه ينطبق على الإسماعيلى، الذى يعانى بشدة منذ رحيل العثمانيين عن إدارة النادى.. إذن القضية لم تعد أندية شعبية أو جماهيرية، وأندية مؤسسات وشركات بل الكل تساوى ما بين شركة ومؤسسة وبين شخص يقود المسؤولية بمفرده، وغيابه يؤثر بشدة على هذه المنظومة، وللأسف فإن أحداً لا يريد أن يتعلم مع أن الدرس واضح وقريب من الجميع وهو درس مؤسسة الأهلى للإدارة الرياضية، هذا النادى الذى نجح وسينجح أكثر فى المستقبل لسبب بسيط، وهو اللامركزية فى الإدارة، فأهل مكة أدرى بشعابها لذلك تجد أن كل مدرب وكل إدارى يعمل فى حرية كاملة دون قيد أو شرط والحساب يوم الحساب آخر العام. فاللوائح معروفة والثواب والعقاب لدى الجميع، والفائز دائماً يرفع «إيده»، طالما سار فى الاتجاه الصحيح بعيداً عن الضوضاء والإعلام، وإدارة النادى تعرف تماماً كيف تتعامل بذكاء وهدوء، ولعل ما حدث فى كأس العالم للأندية والهجوم الشديد على فريق الكرة وجهازه وتجاهل إدارة الأهلى لكل هذا الهجوم وإعطاء الثقة كاملة للفريق.. يؤكد أنها إدارة محترفة واعية تعرف ماذا تفعل، تقود المؤسسة بالشكل المحترف، لا يهمها ردود الأفعال أو هتافات قلة من الجماهير أو صراخ بعض المتشنجين.. فقط الأهلى ومصلحته وبعد ذلك لا يهم شىء ولن يهم أى شىء.