حذر جيش الاحتلال الإسرائيلى السكان الفلسطينيين فى قطاع غزة، خاصة قاطنى الأجزاء الشمالية، بإخلاء منازلهم، وذلك عبر بيانات جديدة ألقتها الطائرات الحربية بكثافة فى سماء غزة أمس، فى مسعى يرى فلسطينيون أنه محاولة إسرائيلية «لتهجيرهم من مناطق سكنهم بغرض إعادة احتلالها». يأتى ذلك بينما عادت العملية العسكرية الجارية لتشتد وتيرتها أمس بعد يوم من التراجع النسبى فى عدد الغارات الجوية، إذ شنت المقاتلات الحربية 25 غارة جديدة شمال ووسط وجنوب القطاع، ليرتفع عدد الضحايا إلى 439 شهيدا، ربعهم من المدنيين، وبينهم 75 طفلا و32 سيدة، إضافة إلى ما لا يقل عن 2300 جريح، بينهم 300 حالتهم خطيرة. وفى المقابل، واصل مسلحو غزة إطلاق صواريخ «جراد» الروسية، وقذائف الهاون البدائية، على بئر سبع والمجدل، دون وقوع إصابات. وأسقطت إسرائيل منشورات على مدينة غزة تحذر فيها سكان غزة من تحميلهم مسؤولية الصواريخ التى يطلقها النشطاء، واحتوت المنشورات رقم هاتف لمن يرغب فى الاتصال بالجيش الإسرائيلى لإبلاغه بأماكن تلك الصواريخ ولملاحقة النشطاء، كما لجأت سلطات الاحتلال إلى رسائل المحمول والبريد الصوتى، بحجة رغبتها فى الحد من الخسائر المدنية قدر الإمكان، لكن وكالة الأنباء الألمانية ذكرت أن الجيش طالب سكان القطاعات الشمالية، تحديدا، بإخلاء منازلهم «فورا من أجل سلامتكم»، والرحيل من جميع المناطق الحدودية، وذلك عبر بيانات ألقتها الطائرات الحربية بكثافة فى سماء غزة. ومع دخول حملة «الرصاص المتدفق» أسبوعها الثانى، صرحت مصادر طبية بأن طواقم الإسعاف تحتاج إلى 20 سيارة مجهزة على الأقل فى ظل ازدياد عدد القتلى والجرحى، إذ استشهد أمس 7 فلسطينيين، 2 منهم فى قصف استهدف سيارتهم فى خان يونس، وأحدهم أبوزكريا الجمال، قائد محلى فى كتائب عزالدين القسام، الجناح العسكرى لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»، وآخر يعمل حارسا فى المدرسة الأمريكية، التى قصفها الطيران الحربى الإسرائيلى أمس لأول مرة، متذرعا بأن قادة «حماس» يستخدمون مبانيها «لغايات إرهبية» وكمخابئ لهم ولأسلحتهم. وبينما واصلت قوات الاحتلال قصفها الجوى، ذكر شهود عيان أن الزوارق الحربية الإسرائيلية أطلقت عشرات القذائف على طول شاطئ بحر قطاع غزة، موضحين أن عددا من قوارب الصيادين دمرت، بينما لحقت أضرار جسيمة بمرفأ الصيادين غرب مدينة غزة، وبعدد من المنازل فى رفح، جنوبا، فضلا عن استهداف الأراضى والمحاصيل الزراعية. وقدرت مصادر عسكرية إسرائيلية مجموع الغارات التى شنتها المقاتلات الحربية منذ بدء الهجمات مطلع الأسبوع الماضى بحوالى 750 غارة استهدفت مواقع «حماس»، بهدف «وقف الصواريخ»، بينما أكدت المصادر نفسها أن النشطاء الفلسطينيين فى قطاع غزة أطلقوا بدورهم نحو 500 صاروخ، أسفرت عن سقوط 4 قتلى، أحدهم جندى، إضافة إلى 12 جريحا. وفى حين لا يقتصر القصف الجوى على مواقع «حماس»، إذ يطول مبانى حكومية ومساجد، يقول الجيش إنها مخازن للصواريخ، تتزايد التوقعات باجتياح برى وشيك للقطاع، الأمر الذى علق عليه خالد مشعل، رئيس المكتب السياسى لحركة «حماس»، بالتحذير من أن الجنود الإسرائيليين سيلقون «مصيرًا أسود» إذا ما شرع جيشهم فى شن هجوم برى، متوعدا بحرب شوارع تطاردهم «من بيت إلى بيت، ومن شارع إلى شارع». وبالرغم من الدعوات التى تطالب إسرائيل بالتخلى عن فكرة الهجوم البرى، أكدت كتائب القسام أنها صدت أمس محاولة توغل لعناصر من القوة الخاصة الإسرائيلية فى منطقة الشجاعية الحدودية دون وقوع خسائر، موضحة أن مقاتليها أطلقوا 6 قذائف هاون على الإسرائيليين، الذين ردوا بالأسلحة الخفيفة قبل أن يتراجعوا، غير أن ناطقا عسكريا نفى أى علم له بهذه الواقعة. وعلى صعيد متصل، اعتبر سامى أبو زهرى، الناطق الرسمى باسم حركة «حماس»، أن ما يروج له ببعض وسائل الإعلام حول هزيمة المقاومة فى غزة «هو كذب وافتراء وأن المقاومة بخير وبإمكانها مواجهة أى هجوم برى إن أقدمت عليه إسرائيل»، وحذر أبو زهرى، فى تصريحات له من الجزائر، إسرائيل من مغبة الإقدام على هجوم برى، معتبرًا أن ذلك سيكون بمثابة «المغامرة التى ستحول غزة إلى مقبرة لليهود». وحول الجهود الدولية لوقف إطلاق النار، دعا روبرت سيرى، مبعوث الأممالمتحدة الخاص للشرق الأوسط، إلى إقرار هدنة شاملة فى غزة، يتم احترامها بشكل تام، تنهى الحصار الإسرائيلى، وربما تنص على وجود دولى فى القطاع. وصرح المبعوث الدولى، فى مؤتمر صحفى فى القدسالمحتلة، بأنه «يجب التوصل أولا إلى وقف لإطلاق النار، وهذا شرط أساسى لحدوث أى شىء»، وردا على سؤال حول احتمال نشر قوات حفظ سلام، قال سيرى: «علينا أن ندرس احتمالات مثل تواجد دولى»، وهو ما تعارضه حركة «حماس» بشدة.