عاد محمد هنيدى إلى توازنه وتصدر شباك الإيرادات بفيلم “ رمضان مبروك أبو العلمين حمودة”. كما أعاد الفيلم اكتشاف هنيدى كممثل بعد أن قدم شكلاً تمثيلياً لم يقدمه من قبل، ساعده على ذلك سيناريو يعتمد على كوميديا الموقف وليس الافيهات ليرد على من طالبوه منه فى السنوات الأخيرة الاعتزال. وقد لجأ هنيدى إلى كاتب له اسمه فى السينما والتليفزيون هو يوسف معاطى ليقدمه بشكل جديد وشخصية جديدة تماما، ومن خلال موضوع جاد وهو التعليم الذى أصبح من المشكلات الأساسية التى يواجهها المجتمع بسبب تفشى الجهل. وقد واجه الفيلم عددا من الانتقادات بداية من اتهام عضو مجلس شعب له بتشويه صورة المدرسين، كما واجه اتهاما باقتباسه من الفيلم الألمانى “الملاك الأزرق”. “ المصرى اليوم” عقدت ندوة حضرها محمد هنيدى والمخرج وائل إحسان وفتحت النقاش فى موضوع الفيلم وكواليسه وقضيته، كما واجهت الضيفين بالاتهامات التى أطلقها البعض ليردا عليها. وقد اعترف هنيدى بوقوعه فى غرام شخصية “رمضان” وتفرغه التام للتحضير لها وتجسيدها، كما اعترف إحسان بأن يوسف معاطى كان قد كتب على المعالجة السينمائية للفيلم جملة “الفيلم مأخوذ عن قصة الملاك الأزرق” لكن تم حذفها بعد تعديلات عديدة أجريت على السيناريو وجعلته لا يتقاطع مع القصة الألمانية. و أكد هنيدى أنه توقف منذ فترة لتقييم أعماله التى يقدمها واعترف أنه قدم 11 فيلما منهم تجارب لم تلق رد الفعل المتوقع، لذلك اختار خطوة “رمضان” بعناية ونجحت فى إعادته إلى موقعه الأصلى بين نجوم الكوميديا، كما اعتبرها ردا على من طالبوه منذ فترة بالاعتزال. * «المصرى اليوم»: كيف كانت الخطوات الأولى للفيلم؟ - هنيدى: البداية كانت من وائل إحسان الذى قال لى فى أول لقاء بيننا أريدك أن تقدم شخصية فلاح وتشجعت للشخصية لأننى لم أقدمها من قبل لكننى لم أحدد أى تفاصيل لها ولم أعرف كيف أستغلها حتى تقابلت مع السيناريست يوسف معاطى وأبدينا رغبتنا فى العمل سويا وصرح لى بأن لديه فكرة فيلم مناسبة لى، وتقابلت معه مرة أخرى أنا ووائل وقال إن قصة الفيلم تدور أحداثها حول مدرس لغة عربية فلاح، وتبادلت على الفور النظرات مع وائل، وسرد معاطى القصة وبعد أن انتهى وافقنا على الفور رغم أن وائل ليس من عادته أن يقبل مشروعا بهذه السهولة لأنه “رذل” ودائما يبحث عن الأفضل. - وائل: كنت أرى أن هنيدى أكثر ممثل يستطيع أن يقدم شخصية الفلاح ولديه الإمكانيات التى تؤهله لذلك،وقبل أن أتعاون معه طلبت منه البحث عن هذه الشخصية حتى عثرنا عليها لدى يوسف معاطى. * «المصرى اليوم»: وكيف حضرتم للفيلم؟ - هنيدى: لقاءات مستمرة جمعتنى بالسيناريست يوسف معاطى لأن وائل وقتها كان مشغولا بتصوير فيلم “حلم العمر”،وكنت حريصا على جمع تفاصيل الشخصية خلال هذه التحضيرات وأطلقت شاربى واخترت الملابس المناسبة وطريقة كلام الشخصية حتى عايشت “رمضان” بشكل كامل فى هذه الفترة،وكنت لا أتحدث مع يوسف أو وائل إلا بطريقة “رمضان” وقد نجحت فى ضبط اللكنة لأن المخرج فلاح وبارع فى ذلك إلى أن أحببت “رمضان” بشكل كبير. * «المصرى اليوم»: من اختار فريق العمل؟ - هنيدى: معظم فريق العمل كان ترشيحات من السيناريست يوسف معاطى لأنه كان يفكر بشكل مستمر فى كيفية خروج العمل فى أفضل صورة.ولم تنته مهمته إطلاقا بعد انتهاء كتابة السيناريو،وندين له بالفضل فى اختيار ليلى طاهر ومظهر أبو النجا وبعض الطلبة، فأحدهم ابن الراحل مصطفى متولى، وآخر ابن أحمد الإبيارى، والذى قام بدور ابن وزير التعليم ابن زميلنا أحمد المصرى الذى يعمل فى شركة “جودنيوز” ويدرس المسرح فى لندن وقد حضر لتقديم مشهد واحد لكننا قررنا إعطاءه دور البطولة بعد أن شاهدنا أداءه. * «المصرى اليوم»: ولماذا اخترتم قضية التعليم؟ - وائل: بصراحة أرى أن مشكلة التعليم كبيرة جدا ومعقدة أيضا بالإضافة إلى أنها موجودة فى كل بيت مصرى،ومنذ بدايتى فى العمل السينمائى أحرص على طرح قضايا الفقراء لأننى منهم، وكنت أرى أن الفقر سبب المشاكل التى يواجهها المجتمع،ولكن بعد ذلك اكتشفت أن المشكلة الأساسية التى تواجهنا ليست الفقر بل الجهل،وهذا ما يطرحه الفيلم بشكل كبير وهذا ما جعلنى أتحمس له بسرعة دون أن أعطى لنفسى مساحة واسعة للتفكير. - هنيدى: منذ فترة لم أكن أشعر برسالة التعليم، ولكن الآن إيمانى بها كبير لأن بناتى دخلن المدارس وتعرفت عن قرب على مشاكل التعليم والتى لم أكن أراها بوضوح، بالإضافة إلى أن المسؤولية التاريخية لى كممثل تحثنى على تقديم أدوار تؤثر فى الحركة الفنية فى مصر. * «المصرى اليوم»: هل واجهتم صعوبة فى تقديم هذه الرسالة فى قالب كوميدى؟ - هنيدى: العبقرية فى العمل بدأت من يوسف معاطى الذى قرر تقديم هذا الموضوع الخطير فى قالب كوميدى، فقد كتب بناء دراميا رائعا حتى إن الإفيهات كانت مرتبطة بالمواقف لدرجة أن تريللر الفيلم لم يكن به أى إفيهات لأنها نابعة من مواقف كاملة ولا يجوز حرق موقف فى تريللر.و قد شجعنى وائل على عرضه بهذه الطريقة ونجحت الدراما فى تفجير إفيهات كوميدية عديدة لدرجة أن وائل حذف ساعة كاملة من أحداث الفيلم تتضمن إفيهات صارخة، وكان ضروريا ألا يزيد الفيلم على ساعتين إلا عشر دقائق،ولكن المشاهد التى تم حذفها لم تخل إطلاقا بدراما الفيلم. - وائل: معالجة الفيلم مكتوبة بشكل حرفى كبير وهذا ما يجعلك من الصعب أن تعمل خارجها لأن طريقة رسم الشخصيات كانت واضحة، أما الطريقة الكوميدية التى قدمنا بها هذا الموضوع، أعتقد أنها الخيار الأمثل، وهذا النوع من السينما الذى كنت أحلم به وهو تقديم قضايا جادة فى إطار كوميدى حتى يتفاعل معها الجمهور لأننى أرفض أسلوب الخطابة الموجودة فى كل مكان حولنا سواء على شاشات التليفزيون أو الجرائد. وكانت مشكلتى طوال الوقت العثور على نص كوميدى يقول شيئاً، وعندما كنت أطلب ذلك من المنتجين كانوا يرفضون بشدة ويقولون: “عايزين ناكل عيش” لأنهم يعتقدون أن الأفلام التى تحمل موضوعات جادة لا تحقق إيرادات مهما كان شكل القالب الذى تقدم فيه،و هناك صراع أزلى بين المنتجين والنجوم بسبب ذلك بالإضافة إلى عدم وجود مفكرين وسيناريستات قادرين على تقديم هذا الشكل من الأفلام نتيجة للواقع الذى نعيشه. * «المصرى اليوم»: ولماذا تعمد الفيلم عدم إظهار مشاكل أخرى تحدث فى المدارس؟ - وائل: فكرت فى عرض إدمان طلاب الجامعات للبانجو وفى الوقت نفسه كنت حريصا على عدم إظهار ذلك بشكل واضح حتى لا نؤثر على الطلبة وقد عرضته فى لحظه بسيطة جدا قبل الحادث لأن تقديم قضية التعليم مسؤولية كبيرة وليس الهدف منها إلقاء الإفيهات، بل كان من الممكن عرض موقف سخيف يقوم به الطلاب ضد المدرس يفجر كوميديا ولكننا رفضنا ذلك حتى لا يقلده. * «المصرى اليوم»: ولكن البعض يرى أن الفيلم يؤيد فكرة ضرب الطلبة؟ - هنيدى: هذا غير حقيقى،والدليل أن “رمضان” لم يضرب طالبا واحدا طوال الفيلم عدا ابن وزير التعليم لأنه أوقعه فى الترعة وليس لأنه أخطأ، وعلاقة “رمضان” بالطلبة أشبه بعلاقة الأب مع أبنائه الذين يقسو عليهم عند الخطأ بدافع الحب، و«رمضان» حريص على تفوقهم. * «المصرى اليوم»: لكن أحد أعضاء مجلس الشعب اتهم الفيلم بأنه يسىء إلى المدرسين؟ - هنيدى: هذا غير حقيقى، لأن الفيلم ينصر المدرسين فى المقام الأول ويطالب بعودة هيبة واحترام المدرس مثلما كانت من قبل وأن توجد ثقة متبادلة بين الطلبة والمدرس،كما ناشدت الحكومة من خلال الفيلم توفير مقابل مادى جيد للمدرسين حتى لا يلجأوا إلى الدروس الخصوصية، وأطالب عضو مجلس الشعب بمشاهدة الفيلم مرة أخرى قبل أن يحكم عليه. * «المصرى اليوم»: هل شخصية “رمضان” موجودة الآن؟ - هنيدى: نموذج «رمضان» موجود ولكنه قليل جدا، وقد كان موجودا بكثرة فى زمن مضى لأن معظم الرجال والشباب يقولون إنهم شاهدوا “رمضان” أثناء طفولتهم،وقد استعنا بهذا النموذج حتى نظهر الشكل الحقيقى للمدرس الغيور على العلم لدرجة أنه معتز باسمه ويردده كاملا “رمضان مبروك أبو العلمين حمودة” نظرا لطبيعة المادة التى يدرسها وهى اللغة العربية.وقد اختار المخرج وائل إحسان ديكور بيته من ديكورات كثيرة لأنه أراد أن يكون الديكور مرتبطا بطبيعة الشخصية فى وضوحها ونظافتها. * «المصرى اليوم»: لماذا حرقتم فكرة الفيلم فى تتر البداية بعد أن وصفتم التعليم بأنه أصبح عشوائيا؟ - وائل: تعمدت تقديم فيلم قصير عن التعليم فى تتر البداية،وكنت حريصا على تقديم الصورة العامة لشكل التعليم من وجهة نظرنا على أنه يسير بشكل عشوائى، وكنت أعلم أن هذا الطرح خطر لأنه يبدو وكأننى حرقت فكرة الفيلم منذ البداية، ولكننى أمتلك أوراقا أخرى عديدة أستطيع أن أقدمها داخل الفيلم لذلك لم أكن قلقا وقدمت التتر بقلب جامد. * «المصرى اليوم»: وهل تعمدت المخاطرة بتحويل الجزء الأخير من الفيلم إلى دراما دون وجود أى مشاهد كوميدية؟ - وائل: كان ذلك رهانا صعبا،ولا أنكر أننى كنت قلقا للغاية لأنه من الصعب أن يكون هناك ثلث ساعة من فيلم كوميدى لا يوجد بها مشاهد كوميدية، ولكننى كنت على يقين بأننا نسير فى الاتجاه الصحيح لأننى كنت أخدم دراما الفيلم وليس الافيهات،وتعاملت مع الفيلم بشكل كامل وليس كأجزاء، وأعتقد أن المسؤولية الكبرى كانت واقعة على هنيدى. - هنيدى: قبلت التحدى مع وائل لاقتناعى الشديد به وحرصه على تقديم الفيلم فى أفضل صورة حتى إننى لم أشاهد الفيلم إلا بعد انتهاء المونتاج بالكامل لأننى أثق فيه، وكنت أترك له نفسى تماما طوال التصوير،وعندما كنت أقول “إفيه” ويرفضه وائل لأنه غير مناسب للشخصية لم أكن أغضب، بل كنت حريصا على حضور التصوير فى كل الأيام حتى أشاهده وأستفيد منه. * «المصرى اليوم»: تتحدث عن الفيلم كأنه تحدٍ؟ - هنيدى: لا أنكر ذلك، ولكننى لا أتحدى أحداً، بل أتحدى نفسى. وكنت أريد أن أتجاوز نفسى لأن أى ممثل يفرح بالشخصية الحلوة، وفرحتى ب«رمضان» كانت زائدة لأننى كنت متعطشا للعمل وقد أفادنى ذلك فى التحضير للشخصية بشكل جيد لأننى تفرغت لها تماما. * «المصرى اليوم»: لماذا حقق هذا الفيلم إيرادات كبيرة تصدرت بها أفلام عيد الأضحى فى حين لم تنجح فى تحقيق ذلك فى أفلام أخرى؟ - هنيدى: كل تجربة لها ظروفها،وكل موضوع له أهمية وموضوع التعليم موجود فى كل بيت وهذا ما أدى إلى إقبال الجمهور عليه وأعتقد أن ما حققته كان بسبب الخبرة وليس الصدفة. ولا أنكر أننى شعرت بنضج بعد فيلم “وش إجرام” سواء على مستوى الضحك أو اختيار الموضوعات. وعندما أقدم 11 فيلما وأخطئ فى فيلمين منها أعتقد أن ذلك ضرورى حتى أتوقف مع نفسى وأعيد تفكيرى أفضل من أن أصاب بالغرور. * «المصرى اليوم»: ولماذا ظهرت فى هذا الفيلم بشكل مختلف وخرجت منك طاقات تمثيلية لم نرها من قبل؟ - هنيدى: أعتقد أن السبب فى تفجيرها يعود إلى وائل إحسان لأنه كان يهيئ لى الجو المناسب بالإضافة إلى أن مشاهد الفيلم كانت مغرية جدا، لذلك لا أنكر أن هذا الفيلم كان به جرعة تمثيلية تختلف تماما عن الأفلام السابقة التى قدمتها لدرجة أن البعض وصفنى بأننى جعان تمثيل بعد أن شاهدوني. - وائل: هناك خطة فنية ستجمعنى وهنيدى فى الفترة المقبلة، وبعد عشر سنوات سيظهر هنيدى فى شكل مختلف تماما لأنه لديه الإمكانيات والمواهب التى تؤهله، ولديه إحساس لا يوجد عند ممثلين كثيرين بالإضافة إلى انه جريء وأعتقد أنه يمر الآن بمرحلة إعادة اكتشاف. * «المصرى اليوم»: وكيف ترد على من طالبوك بالجلوس فى البيت وحكموا عليك بالموت؟ - هنيدى: فى البداية كنت أغضب جدا من هذه المقالات ولكننى تداركت الموقف سريعا وعلمت أنها غير صحيحة لأن المنتجين كانوا يطالبوننى بأفلام طوال الوقت ولم يبخلوا إطلاقا فى الإنفاق على أفلامى لأنها تحقق لهم أرباحا. وقد تعرضت لمؤامرة أثناء عرض فيلم “عسكر فى المعسكر” وتعرضت لهجوم كاسح، وأتمنى ألا يتكرر، وأطلب من الذين يهاجموننى أن يتوقفوا عن ذلك وأن ينصحونى بدلا من الهجوم حتى أتعلم من أخطائى وأستفيد من انتقاداتهم. * «المصرى اليوم»: ما رأيكم فى الاتهام الموجه للفيلم بأنه مقتبس من الفيلم الألمانى “الملاك الأزرق”؟ - وائل: فكرة الفيلم عالمية، وقدمت فى العديد من الأفلام سواء الأجنبية أو المصرية.ولا أنكر أن يوسف معاطى قام بكتابة جملة “الفيلم مأخوذ عن قصة الملاك الأزرق” فى بداية صفحات المعالجة، ولكن بعد أن أجرينا تعديلات على السيناريو وأضفنا أحداثا جديدة لم تكن موجودة فى “ الملاك الأزرق “ تحول فيلمنا إلى قصة أخرى،فقررنا حذف جملة الاقتباس.