قالت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية إن الحكومة المصرية تصور جماعة الإخوان المسلمين كتنظيم «متشدد» له علاقات بالإرهابيين، وأنه «مصمم» على فرض شريعة إسلامية «صارمة». ونقلت الصحيفة، فى المقابل، موقف قيادات الجماعة فى تقريرها من العنف والعمليات المسلحة، وقولهم «إنهم نبذوا العنف منذ عقود مضت، وإن تهديد الجماعة الحقيقى للحزب الحاكم يتمثل فى توددها للمثقفين والطبقة الوسطى والذين يعتبرون النظام فاسدا ومدينا بالفضل للغرب». ونبهت الصحيفة إلى أن الجماعة تعتنق «إسلاما معتدلا» لإعادة تشكيل الحياة السياسية فى الشرق الأوسط، على الرغم من وجود راديكاليين بين أعضائها، مؤكدة أن ذلك يشكل تحديا لواشنطن، لافتة إلى أن مصر حليف تثق فيه الولاياتالمتحدة، وأن هذا الحليف حافظ على السلام مع إسرائيل على مدار 30 عاما. وقالت إن صعود الجماعة فى السلطة، والتى تدعم المقاومة المسلحة ضد الدولة اليهودية، من شأنه أن يخل بالتوازن، مستطردة بأن هذه الجماعة قد تحرض على الاضطراب وتنال من طموحات انتقال الحكم بسلاسة من مبارك البالغ من العمر 81 عاما بعد وفاته أو تنحيه، على حد تعبير الصحيفة. واستدركت الصحيفة بأن «قمع» مصر للإخوان المسلمين وغيرها من جماعات المعارضة «يضعف مصداقية» إدارة أوباما فى المنطقة، مشيرة إلى أن واشنطن شددت على ضرورة تحقيق إصلاحات سياسية أوسع نطاقا فى مصر، ولكنها لم تنتقد مبارك بقسوة رغم «تردى» سجل حقوق الإنسان فى بلاده بسبب قلق واشنطن إزاء نوايا الإخوان. وقالت على الرغم من أن قوات الأمن تتعقب المعارضة فى جميع أنحاء البلاد، إلا أن الجماعة تنتشر فى كل مكان من «أكواخ الصنايعية إلى ضياع المليونيرات وصولا إلى ردهات البرلمان». وأشارت الصحيفة إلى أن الجماعة تواجه ضغوطا «متنامية» من الداخل والخارج، موضحة أن نحو 400 من أعضائها من بينهم عديد من كبار كوادرها تم اعتقالهم فى الحملة الأخيرة. وأضافت أن الجماعة تناضل انقساماتها الداخلية بين المحافظين والإصلاحيين من جانب، وبين من يدعمون طموحات الإخوان السياسية ومن يطالبون بضرورة عودتها للجذور كحركة دينية واجتماعية. ونبهت لوس أنجلوس تايمز إلى أن الاعتقالات الأخيرة تأتى فى إطار تحرك اتخذه الحزب الوطنى الحاكم لإضعاف الجماعة قبل الانتخابات البرلمانية التى تجرى عام2010، لافتة إلى أن أعضاء الجماعة، المحظورة رسميا، خاضوا الانتخابات كمستقلين فى 2005 وفازوا ب20% من مقاعد البرلمان. وأكدت الصحيفة أن أى استعراض «للقوة» آخر العام المقبل قد يُعقد ما يعتقد المحللون بأنه خطة للحزب الوطنى لتأمين خلافة جمال مبارك لوالده. ونوهت الصحيفة إلى اعتقاد البعض بأن «التطهير» الذى حدث مؤخرا للجماعة (من خلال الاعتقالات) هو «انتقام» من الجماعة لدعمها حركة «حماس» فى قطاع غزة أثناء الاجتياح الإسرائيلى للقطاع فى الشتاء الماضى، موضحة أن الانتقادات أضرت بموقف مبارك ورسخت فى ذهن الحكومة أن الجماعة، التى تم حظرها فى الخمسينيات عقب محاولة الاغتيال التى قام بها جناحها العسكرى ضد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، لها علاقات بالحركات الإسلامية المتطرفة التى يمكن أن تشكل خطرا على الاستقرار الإقليمى. ونقلت الصحيفة عن محمد مهدى عاكف، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، قوله: «كنا ندعم إخواننا الفلسطينيين بفاعلية، خاصة منذ الهجمات الإسرائيلية على غزة»، مشيرا إلى أن ذلك «أغضب العديد من القوى خارج مصر، ومنذ ذلك الحين بدأت الحكومة تعتقل عددا كبيرا من أعضائنا وشخصيات من الصف الثانى، فهذا النظام يخضع للضغط من عديد من القوى فى الغرب كى يفعل ذلك». وأكدت الصحيفة أن الجماعة تواجه تحديات أكبر تتمثل فى الطموحات السياسية الداخلية، إلى جانب «افتقارها للرؤية»، فهى تقوم بتكوين علاقات عامة «ضعيفة» وغالبا ما تبعث رسائل «مشوشة»، مضيفة أن أيديولوجيتها «الجامدة» تحد من حرية التعبير وحقوق المرأة، فضلا عن أنها ضد السماح للمسيحى بأن يتبوأ منصب رئيس مصر. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى قول المراقبين إن الجماعة لا تعرف بالضبط ما تريد أن تكون عليه فى الوقت الذى يتطلع إليه المصريون إلى بديل طموح لحكم مبارك الذى دام 28 عاما. وأكدت أن جماعة الإخوان أخذت تتحدث حول الالتزام الدينى الذى صار مكثفا فى مصر منذ فترة التسعينيات، ولكن التحدى هو أن تخلق «مزيجا» بين الدين والسياسة، والذى يناسب التيار العام، لافتة إلى أن هذا المزيج مثل مشكلة للجماعة فى 1928 على يد أستاذ أراد أن يفرض القرآن على جميع جوانب الحياة المصرية. ونقلت عن عصام العريان، الذى وصفته الصحيفة ب«إصلاحى بارز فى الجماعة»، والذى قضى سنوات فى السجن، قوله: «لا نتطلع للسلطة، نريد إصلاح البلاد». مضيفا: «مصر هى المكان الأفضل لإقامة ديمقراطية إسلامية لأننا معتدلون، ولكن الغرب لا يزال يتعامل مع الإسلام بشكل نمطى ويخشاه»، وأضاف: «النظام الحاكم أقنع الغرب بأن الديكتاتورية أفضل من الديمقراطية الإسلامية».