واصلت الجماعات اليهودية المتطرفة استباحتها لمدينة القدسالمحتلة، وانطلقت أمس الأول من ساحة البراق بمسيرات صاخبة، بذريعة احتفالات عيد «المظلة»، واخترقت المسيرات شوارع البلدة القديمة قرب محيط بوابات المسجد الأقصى وطافت الشوارع مرددة هتافات تدعو ل«موت العرب»، و«هدم الأقصى» و«إقامة الهيكل». وفى الوقت نفسه تصاعدت الاشتباكات بين شرطة الاحتلال والمواطنين الفلسطينيين بسبب الإغلاق التام المفروض على المدينة، ورشق المتظاهرون الجنود بالحجارة فى حين ردت عليهم القوات بإطلاق الغاز المسيل للدموع، وبدأت المواجهات منذ الأحد الماضى وتستمر لنحو أسبوع مواكبة مع موسم الأعياد اليهودية، وتهديدات المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى. وفى غضون ذلك، انضم ريتشارد فولك، مقرر الأممالمتحدة الخاص لحقوق الإنسان فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، إلى الأصوات الداخلية المنتقدة لموقف السلطة الوطنية إزاء تقرير لجنة «جولدستون»، الذى يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، بعدما أبدت السلطة «تأييدها» لقرار تأجيل التصويت فى جنيف الجمعة الماضى، فى حين أكد منتقدوها أنها هى صاحبة القرار، قبل أن تتراجع أمس الأول وتعلن أنها تدرس جديا عرض التقرير على مجلس الأمن الدولى، وجاء ذلك فى وقت اتهم فيه إسماعيل هنية، رئيس وزراء الحكومة المقالة فى غزة، «السلطة» بأنها «شريكة فى العدوان». وقال فولك فى مؤتمر صحفى فى غزة، إن السلطة «التى يُفترض أنها تمثل الشعب الفلسطينى قامت بإنقاذ إسرائيل من الإدانة بسبب جرائمها»، وأوضح أن «ما حدث هو أنه فى اللحظة الأخيرة قامت السلطة الفلسطينية بسحب التقرير، مقترحة عدم مناقشته حتى شهر مارس المقبل، وهو ما اعتبر ضربة قوية لجهود أخذ توصيات التقرير على محمل الجد»، وعلق: «كان محيرا أن يقوم الفلسطينيون أنفسهم بإنقاذ إسرائيل من هذه المعضلة». من جانبه، حمّل نبيل عمرو، عضو المجلس المركزى لمنظمة التحرير الفلسطينية، الرئيس محمود عباس (أبومازن) المسؤولية المباشرة، وأكد أنه هو من اتخذ قرار تأجيل تقرير جولدستون وليس مستشاريه، ويبدو أن تلك التصريحات جاءت ردا على تهديد أبومازن قبل يومين بإقالة مستشاريه الذى «ضللوه» بمعلومات خاطئة حول التقرير الدولى. جاء تعليق عمرو الأخير تعقيبا على إعلان مصادر دبلوماسية عن أن ليبيا طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول التقرير، إذ صرح مساعد الوزير الليبى إبراهيم دبشى بأن بلاده، التى تتحرك باسم المجموعة العربية حاليا فى مجلس الأمن، طلبت عقد اجتماع طارئ للمجلس لبحث التقرير، وهى الدعوة التى رحبت بها فورا كل من السلطة الوطنية، على لسان أبومازن، وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، كما بادر عباس سريعا إلى إيفاد وزير الخارجية رياض المالكى إلى نيويورك لحضور الجلسة المحتملة. وأوضح دبلوماسيون عرب، أمس، فى وقت سابق أن مجلس الأمن، الذى تتولى فيتنام رئاسته هذا الشهر، سيجرى مشاورات خلال ساعات ليقرر ما إذا كان سيعقد اجتماعا رسميا حول الموضوع أم لا. وفى سياق متصل، يبدأ جورج ميتشل، المبعوث الأمريكى الخاص للسلام فى الشرق الأوسط، زيارته إلى إسرائيل اليوم، فى إطار جولة جديدة يقوم بها للمنطقة، يزور خلالها رام الله لإجراء مباحثات مع المسؤولين الفلسطينيين حول سبل استئناف مفاوضات السلام.