حتى لحظة كتابة هذه السطور، فى ساعة مبكرة من صباح أمس، استطاع الوزير فاروق حسنى أن يجتاز ثلاث جولات كاملة فى سباق منظمة اليونسكو، الذى يخوضه فى باريس، مرشحاً لمصر على منصب مدير عام المنظمة! المرشحون للمنصب تسعة من قارات العالم، وقد حصل مرشحنا فى الجولة الأولى، مساء الخميس على 22 صوتاً، وحصل أقرب منافسيه على 8 أصوات، وفى الثانية حصل على 23، وحصل أقرب منافسيه على 9، وفى الثالثة حصل على 25، وحصلت أقرب منافسيه على 13 صوتاً، وهى امرأة من بلغاريا! وعندما ترى هذه السطور النور صباح اليوم الثلاثاء تكون جولة رابعة قد جرت مساء أمس، ولا أحد يعرف بالطبع نتيجتها مقدماً، ولكن تصاعد أصوات فاروق حسنى، جولة بعد جولة، يشير إلى حسم الجولة الأخيرة لصالحه فى الغالب، ليصبح مديراً عاماً لليونسكو، وهى المنظمة الدولية المهتمة بشؤون التربية والثقافة والعلوم عالمياً، وتتبع الأممالمتحدة. وإذا لم تحسم الجولة الرابعة نتيجة السباق، فسوف تجرى جولة خامسة وأخيرة، اليوم، بين فاروق حسنى بوصفه صاحب أعلى الأصوات، بافتراض طبعاً أنه سوف يحافظ على أصواته فى الرابعة، وهو ما سوف يحدث بإذن الله، وبين صاحب أعلى الأصوات التالية لأصوات مرشح مصر. وقد كان موقف مندوب الولاياتالمتحدة فى اليونسكو هو الأغرب، والأكثر إثارة لعلامات الاستفهام حتى الآن.. فالرجل اسمه «كيليون»، وقد أرسلته الإدارة الأمريكية مندوباً لها فى اليونسكو، قبل رمضان بأسبوع، - وكان ولايزال - يشن حملة ضد فاروق حسنى، ويدعو مندوبى الدول هناك إلى عدم اختياره، وكان «كيليون» - ولايزال - يشن حملته، دون سبب مفهوم، ودون مبرر، ودون أن يكون موقفه متسقاً، بأى درجة، مع مواقف بلاده المعلنة التى تدعو دوماً إلى إرساء قيم الليبرالية بين الدول! وربما كان استمرار الحملة الغامضة سبباً فى أن تصدر فى القاهرة تصريحات حادة وقوية، صباح أمس، نسبتها صحيفة الأخبار فى مانشيتاتها إلى مصادر مطلعة، قالت بغضب إن تحركات المندوب الأمريكى تتناقض نصاً وروحاً مع تعهدات سابقة من الإدارة الأمريكية للحكومة المصرية! وأياً كان الأمر، فالمعروف أن أعضاء المجلس التنفيذى فى اليونسكو 58 عضواً، وهؤلاء هم وحدهم الذين عليهم التصويت لاختيار المدير الجديد، وسوف ينجح فاروق حسنى بحصوله على 30 صوتاً، أى النصف زائد واحد، ومن المعروف أن الدول العربية لها 7 أصوات، وأن أفريقيا لها 13 صوتاً، لأن الدول ليست كلها أعضاء فى المجلس التنفيذى! وإذا كان مرشحنا قد حصل، منذ الجولة الأولى، على 22 صوتاً، فإن هذا فى حد ذاته نجاح كبير له، بصرف النظر عن النتيجة، وهو نجاح لا يخصه وحده، وإنما يخص مصر بشعبها، ووزنها، وقيادتها، ودبلوماسيتها، وحجمها التاريخى.. ويكفى أن نحصل على هذا القدر من الأصوات فى أول جولة، وتحصل وزيرة خارجية النمسا السابقة التى انسحبت أمس، على 8 أصوات لا غير! مصر نجحت فى السباق قبل أن ينجح فاروق حسنى!