تجددت حالة احتقان القضاة ضد محاولات المستشار ممدوح مرعى، وزير العدل، تمرير مشروع قانون توسيع عضوية مجلس القضاء الأعلى، بضم رؤساء محاكم جدد «استئناف وابتدائية»، الذى انفردت المصرى اليوم بنشره فى يوليو الماضى، قبل أن يتدخل الرئيس مبارك ويأمر بسحبه، استجابة لغضب رجال القضاء. وانتقد عدد من القضاة البارزين، فى تصريحات ل «المصرى اليوم» محاولات الوزير الدفع بمشروعه مرة أخرى، عن طريق «معاونيه» وهم رؤساء المحاكم الابتدائية للحصول على تأييد وموافقة الجمعيات العمومية بالمحاكم المختلفة، لضمان الموافقة على مشروعه دون أى معارضة. وانتقد المستشار رفعت السيد، نائب رئيس محكمة الاستئناف، رئيس نادى قضاة أسيوط، مشروع القانون المقدم من وزير العدل، مؤكدا أن الهدف الوحيد منه والذى يعلمه كل القضاة، هو أن يكون للوزير، كلمة داخل المجلس، وأن يضع من يعبر عن رأيه ووجهة نظره فى أعلى سلطة قضائية، وقال «هذا أمر مرفوض شكلا وموضوعا»، مشيرا إلى أن جميع أندية القضاة على مستوى الجمهورية رفضت بالإجماع مشروع «مرعى» على صورته الحالية، غير أنها قررت فى الوقت نفسه، أنه لا مانع من زيادة عدد أعضاء مجلس القضاء، بشرط أن يحمل الأعضاء الجدد ذات الحصانة التى يحملها الأعضاء الحاليون من أنه لا يجوز إلغاء ندبهم أو تنحيتهم عن مواقعهم بقرار مستقل من الوزير. ورفض السيد، التبريرات التى صاحبت المشروع باعتبار أنه يعالج عدم تمثيل القضاة فى المحاكم الابتدائية داخل المجلس، واستنكر قائلا: «وهل يمثل القاضى مستشارا؟»، مشيرا إلى أنه إذا كان الهدف هو التمثيل الفئوى لهؤلاء القضاة فإن الحل هو أن ينتخبوا من يمثلهم فى الجمعيات العمومية. وطالب السيد بتخفيض عدد أعضاء مجلس القضاء الأعلى، ال5 أعضاء فقط، مستندا إلى أن محكمة النقض يمثلها رئيسها وأنه لا داعى لوجود نائبيه الأول والثانى ضمن الأعضاء، وشدد على أن تحقيق الاستقلال يتطلب تفرغ أعضاء المجلس له، وليس ضم أعضاء جدد لن يتفرغوا حتما، وتساءل: كيف يترك رئيس محكمة ابتدائية كبيرة مثل شمال القاهرة شؤون محكمته التى تستغرقه طوال اليوم ليذهب إلى مجلس القضاء الأعلى؟». كما انتقد السيد طريقة تعيين رؤساء المحاكم الابتدائية، وأوضح أن رئيس المحكمة كان يختار بالأقدمية والصلاحية قبل نظام تعيينه من قبل وزير العدل الذى يتبع حاليا، وقال: «لا يجوز استثناء الأقدم والأصلح لاعتبارات تخص الوزير، لأن العمل القضائى لا يقوم على الحب والكره». وأشار المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض، إلى أن مذكرة وزير العدل التى تضمنت المشروع وصفت رؤساء المحاكم الابتدائية الذين يطالب بانضمامهم إلى مجلس القضاء الأعلى، بأنهم أقرب إلى الإدارة، واعتبر أن ذلك يؤكد رغبة مرعى فى أن يعزز سلطانه على المجلس وهو ما يرفضه القضاة نهائيا. وقال مكى:«إذا كنا نعانى من ضعف تشكيل المجلس الحالى الذى يتم تعيينه بالأقدمية دون الانتخاب فهل من المعقول أن نضيف له من يتحكم وزير العدل فى بقائه أو رحيله؟»، ووصف الأمر ب«المأساة»، إلا أنه أكد أن غضب القضاة أكبر من قدرة «مرعى» على تمرير مشروعه. وأكد المستشار هشام جنينه، نائب رئيس محكمة الاستئناف، أن هدف الوزير من مشروع القانون هو إحكام قبضة الوزير كسلطة تنفيذية على السلطة القضائية ممثلة فى مجلسها الأعلى، مضيفا أنه كان يتعين عليه أن يترك الأمر للمجلس الجديد ويتيح له فرصة مناقشته ثم رفضه أو الموافقة عليه». ووصف جنينة، إحالة الوزير مشروعه إلى مجلس القضاء فى يوليو الماضى، وموافقة مقبل شاكر رئيس مجلس القضاء السابق عليه، قبل يومين فقط من خروج الأخير إلى المعاش، ب «الأمر المثير للشبهات»، قائلا: أعتقد أن الهدف منه، كما ذكر «جنينه» مفارقة تتعلق بمشروع قدمه نادى القضاة عام 2006 أثناء فترة رئاسة المستشار زكريا عبدالعزيز، بهدف زيادة عدد أعضاء المجلس، غير أن الحكومة رفضته، متعللة بأن الوضع الحالى للمجلس مستقر، وأن أعضاءه السبعة عدد كاف للقيام بالمهام المنوط بها، ولا يوجد داع لتوسيع عضويته. وربط «جنينه» تلك الواقعة بالمشروع الذى يحاول وزير العدل تمريره الآن، قائلا: «الكل يعلم أنه ما من فائدة تذكر من توسيع العضوية».