ماجد عثمان مدير مركز المعلومات مجلس الوزراء يرد على سليمان جودة: الحكومة لن تكفى على «الخبر ماجور».. وسننشر نتائج الاستطلاعات حتى لو كانت سلبية

تعرض الأستاذ سليمان جودة فى عموده يوم السبت سبتمبر الجارى لنتائج استطلاع الرأى الذى أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار حول الصورة الذهنية للمواطن المصرى تجاه مجلس الشعب، وركز فى عموده على أحد أسئلة الاستطلاع وهو رأى المواطنين فى تخصيص نسبة ال50٪ للعمال والفلاحين فى مجلس الشعب، والتى أظهر الاستطلاع أن 71٪ من المصريين الذين تم سؤالهم يفضلون الإبقاء عليها.
وعمود الأستاذ سليمان فى «المصرى اليوم» هو إحدى المحطات الرئيسية التى يقصدها قراء الصحف ويسهم بشكل يستحق الإشادة فى إثارة حوارات مجتمعية حول عديد من القضايا التى تجمد عندها المصريون واعتبروها ثوابت لا تتغير حتى وإن تغيرت معطيات العصر ومن بينها تحديد نسبة 50٪ على الأقل من مقاعد مجلس الشعب للعمال والفلاحين.
وأنا هنا كقارئ دائم لهذا العمود أؤيد طرح القضية للنقاش العام بصرف النظر عن رأيى الشخصى فيها، إلا أننى أنكر على الكاتب ما ذهب إليه من اعتراض على قيام المركز بنشر نتائج هذا الجزء من الاستطلاع، ولا أخفى قلقى الشديد من هذه الدعوة لاسيما أنه كررها بصياغات عدة تبدو كما لو كان يعنيها بالفعل حيث قال «كان من المتصور أن تسارع الحكومة إلى إخفاء نتائج الاستطلاع» ثم قال فى نهاية عموده «وقد كان أجدر بالحكومة أن تكفى على نتائج استطلاعاتها أكبر ماجور» وأنهى عموده بأنه «كان أجدر بها (أى الحكومة) أن تستحى منه فلا تعلنه».
وقد تكون نتيجة الاستطلاع أقلقت الكاتب وربما جاءت مخالفة لما كان يتوقع، وهو ما أتفهمه، ولكنى أعترض على دعوته لعدم نشر هذه النتائج للأسباب الآتية:
1 - إن الحقيقة لها وجه واحد لكننا نراها بعيون مختلفة، فإذا كان من حق البعض أن يؤيد تخصيص نسبة 50٪ على الأقل للعمال والفلاحين فسيصبح من حقه أيضاً أن يدعو إلى منع نشر نتائج استطلاع للرأى إذا كانت غير مؤيدة لرأيه، وهو ما يفتح الباب لانتقائية فى نشر نتائج استطلاعات الرأى العام التى يفترض أنها وسيلة مهمة جداً للتعرف على اتجاهات المواطنين.
2 - إن منع نشر نتائج استطلاعات الرأى العام إذا كانت سلبية هى دعوة سيتلقفها البعض بسعادة غامرة لاسيما إذا كانت هذه الدعوة صادرة عن كاتب معروف عنه أنه تنويرى، وأخشى ما أخشاه أن يرى البعض عدم نشر معدلات البطالة إذا تراجعت معدلات التشغيل ودعم نشر معدلات التضخم إذا ارتفعت الأسعار وعدم نشر مؤشر إدراك الفساد إذا زادت الرشوة وهكذا وهو ما سيؤدى إلى حالة من التعتيم على مشكلات المجتمع تحول دون معرفة العلة وتشخيص الداء ومعالجته.
3 - إن أهمية رصد احتياجات الرأى العام لا ترتبط بإيجابية أو سلبية الاتجاه الذى تم رصده، وأزعم أن رصد الاتجاهات السلبية أكثر أهمية لأنه يرشدنا إلى مواطن الداء وهى أولى بتكرار الرصد حتى نستطيع فهم الظاهرة بقدر أعلى من العمق وبالتالى التعامل معها بقدر أكبر من الفاعلية.
4 - كم كنت أتمنى أن تكون لدينا استطلاعات الرأى التى تم إجراؤها فى الستينيات عندما أدخل هذا التعديل لضمان تمثيل العمال والفلاحين بنسبة لا تقل عن 50٪ ويكون لدينا قياسات متكررة لنسبة الموافقين على ذلك لنعرف هل تغير اتجاه المصريين وفى أى اتجاه كان هذا التغيير.
5 - لو كنت مكان الأستاذ سليمان جودة وقد أزعجته نسبة التأييد لطالبت مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بإعادة هذا الاستطلاع بشكل دورى لمتابعة اتجاهات المواطنين ولطالبت المركز بمزيد من المعلومات حول التباينات فى هذه النسبة حسب العمر والحالة التعليمية وهل تزداد النسبة بين الفلاحين والعمال أم لا؟ وهى أسئلة تفيد فى فهم الظاهرة وفى فهم التغيرات التى تطرأ على اتجاهات المصريين.
كلمة أخيرة، أكثر ما صدمنى فى مقال الأستاذ سليمان جودة أنه أطلق دعوة أظنه لا يقصدها ولكن قد يفهمها القارئ على أنها تبرر ثقافة الإنكار التى نعانى منها وتبرر تجاهل الرأى العام لو كان يختلف مع وجهات نظرنا، وكلى ثقة أن الكاتب والجريدة لا يقصدان ذلك.