أنا شخصياً كمسلم ضد سياسة القلب الطيب التى تستخدمها السعودية مع المتطرفين.. عندما فتحت لهم باب التوبة على اعتبار أنهم أولادها المضللون.. هى ترى أن أغلبيتهم ضحايا للتطرف والضلال وأن التسامح معهم يصحح مسارهم ويضعهم على طريق الهداية.. لكن الخبثاء فيهم الذين يضمرون شراً فى داخلهم لبلادهم بعد أن رفضوا الاستسلام فهم لا يستحقون هذا التسامح.. لا أعرف كيف هان عليهم أن يضربوا أمن وطن يعيش حياة الاستقرار.. فالسعودية تشهد الآن ولأول مرة فى عصر الملك عبدالله بن عبدالعزيز قيام نهضة عمرانية لم تشهدها البلاد، ملك لا يعرف البذخ ولا يعرف الفشخرة، أوقف بناء القصور للأمراء وأقام مدناً سكنية للغلابة والفقراء.. أعطى أوامراه بتمديد أول شبكة للصرف الصحى فى تاريخ البلاد، فخرجت أحشاء الشوارع وهى تحتضن بعد طول انتظار مواسير عملاقة محيطها يسمح بعبور سيارة لسحب مخلفات البيوت والمنشآت. إن التاريخ شاهد على الإنجازات التى تجرى الآن على أرض المملكة.. من بيئة تحتية لأحدث المشروعات العملاقة التى تخدم التنمية والاستثمار بما يحقق مزيداً من الرفاهية لشعب المملكة.. ويكفى الملك عبدالله فخراً ما يقوم به الآن لخدمة ضيوف الرحمن.. التطوير والعمران الذى تشهده منطقة الشعائر.. كوبرى الجمرات الجديد الذى كان نقلة حضارية فى تاريخ الأمة الإسلامية لحماية الأرواح التى كانت تروح فى رمي الجمرات فى مواسم الحج.. منطقة الحرمين.. والتوسعات الخارجية والداخلية التى تشهدها الآن.. صحيح أن خادم الحرمين هو للحرمين.. للمقدسات الإسلامية.. للمسلمين فى جميع أنحاء العالم الإسلامى.. وبعد كل هذا الإنجاز والإعجاز يصبح باب التوبة ثغرة للخبثاء يطلون منها برؤوسهم لضرب استقرار هذا البلد الآمن.. فالتعامل مع هؤلاء لا يستحق رحمة ولا شفقة لابد من ضربة بيد حديدية نارية. إن محاولة الاغتيال الفاشلة التى تعرض لها أمير الأمن والأمان الأمير محمد بن نايف تستحق وقفة.. فهى تطرح سؤالاً: هل اختاروا الأمير محمد لأنه الضلع الحديدى الذى يهدد حياتهم ويهدد أمنهم بعد أن نجح أبوه الأمير نايف بن عبدالعزيز فى اقتلاع جذور الإرهاب.. وقام بتجفيف منابعه.. أم أنهم قصدوا بهذه المحاولة أن يبعثوا برسالة إلى النظام الملكى السعودى.. المملكة تتعامل معهم على أنهم أعداء للدين قبل عدائهم لها.. والشعوب الإسلامية تلفظهم على اعتبار أنهم شياطين.. وقد صدق نايف بن عبدالعزيز عندما قال «الشياطين هم الأشرار الحاقدون.. الجهلة ومرضى النفوس.. أفعالهم لا يقرها دين.. ولا تؤيدها القيم ولا الأعراف»؟ وبمناسبة الحديث عن الأمير نايف وزير داخلية المملكة.. فالرجل له تجربة مع المتطرفين.. تجربة عمرها ثلاثون عاماً.. وقت أن تعامل بخبرته الأمنية وذكائه الفطرى فى التصدى لحادث الاعتداء على الحرم المكى الشريف من جانب مجموعة من المتطرفين.. تجربة لا يمكن أن تسقط من ذاكرة التاريخ.. العبدلله كان شاهداً عليها عندما سيطرت مجموعة من المسلحين على الحرم بعد أن نجحوا فى تسريب أسلحة خفيفة فى توابيت إلى الحرم على اعتبار أنها تحمل جثامين موتى للصلاة عليهم.. وقد تمكنوا من غلق الأبواب على المصلين لمبايعة قائد مجموعة المسلحين محمد القحطانى على اعتباره المهدى المنتظر. العالم الإسلامى كان يتابع عن قرب المذابح التى كانت تجرى داخل وخارج الحرم، والقوات السعودية بعد أن استصدرت عدة فتاوى شرعية باقتحام الحرم دخلت فى اشتباكات مع المتطرفين.. سقط منهم من سقط.. ونجح الأمير نايف فى استخدام غازات أصابت المسلحين بالشلل. وأذكر أن المرحوم سالم بن لادن وأخاه بكر بن لادن كانا من بين أعضاء غرفة العمليات التى يرأسها وزير الداخلية الأمير نايف، على اعتبار أن سالم وبكر بن لادن يعرفان تفاصيل بدروم الحرم غرفة غرفة لارتباطهما بتنفيذ مشروعات خادم الحرمين الشريفين لتوسعة الحرمين.. وكان سالم قد طلب منى مساعدته فى إرسال الخرائط الإنشائية لبدروم الحرم التى كانت فى حوزة المرحوم الأستاذ الدكتور محمد هلال أستاذ الخرسانة بجامعة القاهرة وهو الذى قام بالأعمال الإنشائية لتوسعة الحرم المكى.. وأرسلت له هذه الرسومات على طائرة خاصة.. استفاد منها الأمير نايف فى تحديد غرف البدروم وبواسطة الحفارات كانوا يسقطون قنابل الغاز على المسلحين حتى استسلموا وسقطوا فى قبضة القوات السعودية.. هذه أول عملية عسكرية تقوم بها السعودية فى مواجهة التطرف.. لكن الغريب أن تكون داخل بيت الله الحرام.. الحرم المكى الشريف.. هذا هو إسلام المتطرفين كما يرونه. إن ما حدث من محاولة اغتيال الأمير الشاب محمد بن نايف.. لم يكن رسالة للنظام الملكى السعودى وحده.. ولكنه رسالة للمسلمين جميعاً لكى يفيقوا ويتوحدوا ضد التطرف.. رسالة إلى رجال الأعمال فى كل بلد إسلامى أن يستثمروا أموالهم فى تنمية القدرات عند الشباب.. وألا يتركوا شبابنا للشياطين.. فليس من المعقول أن يتصدر أمير مثل الأمير الوليد قائمة الأغنياء بامتلاكه ما يزيد على 16 مليار دولار وأسطولاً للطائرات ومجموعات اقتصادية أمريكية وأوروبية.. والآلاف من الشبان السعوديين يبحثون عن فرص عمل ثم نطالبهم بأن يلتزموا الصمت أمام ما يقرأونه أو يسمعونه.. صحيح أن الدولة تتكفلهم.. لكن التعليم وحده لا يكفى.. والمخصصات الشهرية التى تدفعها لهم الحكومة لا تغطى طموحاتهم.. فلماذا لا يحتضن الأمير الوليد وغيره من رجال الأعمال هؤلاء الشبان بافتتاح مراكز تدريب مهنية لهم.. لو أن كل رجل أعمال فى كل بلد عربى احتضن مجموعة من الشبان لأصبحت عندنا كتائب من رجال الأعمال الشبان.. فإذا كان اعتناق الشبان للتطرف بسبب الفقر والفوارق الاجتماعية التى يعيشونها فى مجتمعاتهم.. فالسعودية ليست البلد الوحيد الذى فيه هذه الظاهرة فهى موجودة أيضاً فى كل المجتمعات العربية، ومصر على رأسها. [email protected]