تطالعنا الصحف ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية وشبكة الإنترنت كل يوم بسيل جارف من الجرائم المختلفة وقصص من الفساد الإدارى والأخلاقى والجنح والجنايات، التى يؤثمها العرف والقانون ويرفضها ضمير الإنسان فى كل زمان ومكان. تتنوع هذه الجرائم ما بين قتل واغتيال وتعذيب وخطف وسرقة بالإكراه، بعضها يهرول سريعاً فى طى النسيان، ولكن بعضها الآخر يستقر متشبثاً بالذاكرة لصيقاً بالوجدان، لأنه يحمل تفاصيل مروعة تقشعر لها الأبدان.. ولكن عاملاً مشتركاً يجمع بين كل هذه الجرائم، هو أن كل من يقترفونها آثمون، تجمدت ضمائرهم، وانسلخت عنهم آدميتهم وقت أن أخذوا أماكنهم فى «مسرح» الجريمة. فمن يصدق أن امرأة تواعد معشوقها ثم تقدم بقاياه عشاء لأبنائه.. أو أن رجلاً متقاعداً يغتصب ضحيته ويقتلها قبل أن يلتهم لحمها بالجزر والبصل. تستعرض «المصرى اليوم» ثلاثين حلقة من سلسلة طويلة من الجرائم التى جمعها الكاتب الأمريكى كليفورد إيرفنج بين دفتى مجلد ضخم يضم ال«الجرائم المائة وخمس الأسوأ والأشهر فى العالم». استعرض الكاتب الجريمة بأسلوب شائق ومشوق، ألقى من خلاله الضوء على تفاصيلها وزمانها ومكانها ولم يكتف بذلك، بل أتى بنتيجتها.. بل إن هناك جرائم ظلت محاطة بالغموض بلا حل أو نتيجة. نيلسون صاحب الوجه البرىء: «سأقتلكم أيها الأوغاد!» المكان : جراند هافن، ولاية ميتشيجان، الولاياتالمتحدةالأمريكية الزمان: الجمعة 18 أغسطس 1933 الجريمة: لم يكن هناك أى شىء يشبه الأطفال فى شخصية «ليستر جيليس»، الذى عرف بميوله المخيفة للعنف، سوى لقبه «نيلسون صاحب الوجه البرىء» الذى اكتسبه لبراءة ملامحه التى تشبه الأطفال، فدفعته ميوله العنيفة لقتل أكثر من نصف دستة من ضباط الشرطة الأمريكية. ولد «نيلسون» فى «شيكاغو»، «إلينوى»، فى السادس من ديسمبر عام 1908، وبدأ حياته الإجرامية فى سن صغيرة، وألقى القبض عليه فى سن الثالثة عشرة وتم إيداعه سجن الأحداث، وخرج بعد عامين بإطلاق سراح مشروط، ليعود بعد خمسة أشهر فى تهمة مشابهة. وألقى القبض على «نيلسون» فى الخامس عشر من يناير عام 1931، حيث تم الحكم عليه بالسجن لمدة عام، إلا أنه تمكن من الهرب فى السابع عشر من فبراير عام 1932 بعد سيطرته على أحد الحراس، وقام «نيلسون» لأول مرة بسرقة بنك فى الثامن عشر من أغسطس عام 1933، فى «جراند هافن» بولاية «ميتشيجان» بمساعدة لص الخزائن «إيدى بينتز»، حيث كانت السرقة بمثابة كارثة، إلا أن جميع من شارك فيها تمكن من الهرب، وانضم «نيلسون» إلى عصابة «جون ديلينجر» عام 1934، وأصبح «نيلسون» عدو الرأى العام الأول بعد وفاة «ديلينجر». النتيجة: ولقى «نيلسون» حتفه عقب وفاة «ديلينجر» فى السابع والعشرين من نوفمبر عام 1934، حيث طاردت الشرطة «نيلسون» وزوجته «هيلين جيليس» و«جون بول تشيس» أثناء قيادتهم سيارة فى مقاطعة «بارينجتون» خارج ولاية «شيكاغو»، وبسبب كراهيته الشديدة للشرطة وعملاء الوكالات الفيدرالية، قام «نيلسون» فى فترة من الفترات بتتبع سجلات السيارات غير المرخصة التابعة لهم، ومن ثم تمكن من تمييز السيارة أثناء مطاردتها لهم، ومعرفة أنها تابعة للشرطة، إلا أن السيارة سقطت فى حفرة فى نهاية المطاردة. «نيلسون» خرج من الحفرة شاهراً بندقية من نوع «تومبسون» صارخاً «سوف أقتلكم أيها الأوغاد!»، وبالفعل تمكن من إصابة كل من العميل الخاص «هيرمان هوليس»، 31 عاماً، والمفتش «صاموئيل كولى»، 35 عاماً، بإصابات بالغة، وعلى الرغم من إصابته لرجال الشرطة والمباحث الفيدرالية، فإنه تمت إصابة «نيلسون» ب17 طلقاً نارياً، ولكنه لاذ بالفرار فى سيارة المباحث الفيدرالية بمساعدة زوجته «هيلين» وصديقه «تشيس». فى صباح اليوم التالى، وجدت الشرطة جثتى العميلين «هيرمان هوليس» و«صاموئيل كولى» فى حفرة، كما وجدت جثة نيلسون «صاحب الوجه البرىء» داخل حفرة أمام مقبرة سانت بيتر الكاثوليكية فى «سوكى»، وعمره 25 عاماً آنذاك، وقالت زوجته «هيلين» لاحقاً إن «نيلسون» توفى فى تمام الثامنة مساء، وأنها لفت جسده ببطانية لأن «ليستر دائماً كان يكره الشعور بالبرد». ترجمة - شيماء يحيى