تطالعنا الصحف ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية وشبكة الإنترنت كل يوم بسيل جارف من الجرائم المختلفة وقصص من الفساد الإدارى والأخلاقى والجنح والجنايات، التى يؤثمها العرف والقانون ويرفضها ضمير الإنسان فى كل زمان ومكان. تتنوع هذه الجرائم ما بين قتل واغتيال وتعذيب وخطف وسرقة بالإكراه، بعضها يهرول سريعاً فى طى النسيان، ولكن بعضها الآخر يستقر متشبثاً بالذاكرة لصيقاً بالوجدان، لأنه يحمل تفاصيل مروعة تقشعر لها الأبدان.. ولكن عاملاً مشتركاً يجمع بين كل هذه الجرائم، هو أن كل من يقترفونها آثمون، تجمدت ضمائرهم، وانسلخت عنهم آدميتهم وقت أن أخذوا أماكنهم فى «مسرح» الجريمة. فمن يصدق أن امرأة تواعد معشوقها ثم تقدم بقاياه عشاء لأبنائه.. أو أن رجلاً متقاعداً يغتصب ضحيته ويقتلها قبل أن يلتهم لحمها بالجزر والبصل. تستعرض «المصرى اليوم» ثلاثين حلقة من سلسلة طويلة من الجرائم التى جمعها الكاتب الأمريكى كليفورد إيرفنج بين دفتى مجلد ضخم يضم ال«الجرائم المائة وخمس الأسوأ والأشهر فى العالم». استعرض الكاتب الجريمة بأسلوب شائق ومشوق، ألقى من خلاله الضوء على تفاصيلها وزمانها ومكانها ولم يكتف بذلك، بل أتى بنتيجتها.. بل إن هناك جرائم ظلت محاطة بالغموض بلا حل أو نتيجة. محاكمات ساحرات مقاطعة ساليم المكان: ولاية متسوبيشى، أمريكا الزمان: الجمعة 10 يونيو 1692 الجريمة: يتم اعتبار «محاكمات ساحرات ساليم» على أنها واحدة من أكثر الجرائم «عاراً» فى تاريخ أمريكا، إذ نتج عنها مقتل 14 سيدة، وإعدام سته رجال وكلبين، ومن بين 20 إنسانا تم شنق 19 شخصاً، وتعذيب شخص حتى الموت. لم تكن «محاكمة السحرة فى مقاطعة ساليم» الحادثة الأولى من نوعها فى تاريخ أمريكا، ففى عام 1648 تم شنق ساحرة فى مدينة «شارلستون» وغيرها فى مدينة «بوسطن» عام 1655، إلا أن الأمر لايزال مختلفاً بالنسبة لمحاكمات سحرة ساليم. بدأت القصة فى أحد الأيام داخل بيت الكاهن صمويل باريس، حيث يجلس عشر بنات تتراوح أعمارهن بين تسع و17 سنة يسمعن الحكايات التى تقصها عليهن «تيتوبا» خادمته من غرب الهند عن المشعوذات والسحر الأسود. عقب ما قصته «تيتوبا»، فوجئ الجميع باستيقاظ إليزابيث «ابنة الكاهن»، التى لا يتجاوز عمرها التسع سنوات، من نومها على كابوس، ليصر الطبيب الذى فحص حالتها على أنه تم سحرها، وسريعاً ما ظهرت على بعض بنات الكاهن الأخريات علامات على أنهن مسحورات وهناك «روح شريرة» تسيطر عليهم. ونتيجة لما بدا على بنات الكاهن، تم اعتقال العبيد الثلاث تيتوبا وسارة جوود وسارة أسبورنى واتهامهن بالسحر والشعوذة، فضلاً عن سجن ما يتراوح بين 175 و200 شخص. كانت أول من تم شنقها الأسقف بريدجيت. وتوفيت سارة أسبورنى فى السجن فى 10 مايو قبل محاولة شنقها، إلا أنه تم شنق سارة جوود فى 19 يوليو، وفى 24 مارس تم القبض على دروثس وتم إجبارها على الاعتراف بأنها ساحرة وسجنت ثمانية أشهر حتى تم إطلاق سراحها. فى 19 سبتمبر من العام نفسه، صار (جيلسى كورى) الذى يبلغ عمره ثمانين عامًا، أول رجل يتم تعذيبه حتى الموت فى أمريكا، إذ تم اتهامه بالسحر إلا أنه رفض الدعوى الخاصة بمحاكمته. تم جر (كورى) إلى الحقل المقابل للسجن حيث تم تعريته تمامًا، وتم تقييده من يديه وقدميه على جذوع الشجر، وكلما تزداد الأحجار التى توضع عليه كان يقول فقط «المزيد من الوزن» لذلك مات سريعًا. الصدرى ورئتاه، وفى روايات أن لسان (كورى) تم سحبه وثقبه من فمه، حيث استخدم الشريف عصا ليخرجه، عانى (جيليسى) يومين قبل موته. فى عام 1641 أصبح (الموت الإجبارى) أمرًا غير قانونى وليس مسموحًا به فى ولاية متسوبيشى. نتائج الجريمة: يكاد يكون الرعب من الساحرات تلاشى تمامًا بشكل سريع مثلما تنامى فى البداية، فضلاً عن قرار أهالى البلدة أن الشباب المتهمين أخطأوا إلا أنه لم يتم معاقبتهم. كما برأت المحكمة العليا بولاية متسوبيشى الأسقف بريدجيت عام 1956.