تطالعنا الصحف ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية وشبكة الإنترنت كل يوم بسيل جارف من الجرائم المختلفة وقصص من الفساد الإدارى والأخلاقى والجنح والجنايات، التى يؤثمها العرف والقانون ويرفضها ضمير الإنسان فى كل زمان ومكان. تتنوع هذه الجرائم ما بين قتل واغتيال وتعذيب وخطف وسرقة بالإكراه، بعضها يهرول سريعاً فى طى النسيان، ولكن بعضها الآخر يستقر متشبثاً بالذاكرة لصيقاً بالوجدان، لأنه يحمل تفاصيل مروعة تقشعر لها الأبدان.. ولكن عاملاً مشتركاً يجمع بين كل هذه الجرائم، هو أن كل من يقترفونها آثمون، تجمدت ضمائرهم، وانسلخت عنهم آدميتهم وقت أن أخذوا أماكنهم فى «مسرح» الجريمة. فمن يصدق أن امرأة تواعد معشوقها ثم تقدم بقاياه عشاء لأبنائه.. أو أن رجلاً متقاعداً يغتصب ضحيته ويقتلها قبل أن يلتهم لحمها بالجزر والبصل. تستعرض «المصرى اليوم» ثلاثين حلقة من سلسلة طويلة من الجرائم التى جمعها الكاتب الأمريكى كليفورد إيرفنج بين دفتى مجلد ضخم يضم ال«الجرائم المائة وخمس الأسوأ والأشهر فى العالم». استعرض الكاتب الجريمة بأسلوب شائق ومشوق، ألقى من خلاله الضوء على تفاصيلها وزمانها ومكانها ولم يكتف بذلك، بل أتى بنتيجتها.. بل إن هناك جرائم ظلت محاطة بالغموض بلا حل أو نتيجة. كاثرين ويلسون.. آخر امرأة ينفذ فيها الإعدام علناً فى لندن المكان: بوستن، لانكولن شاير، لندن، إنجلترا الزمان: 1853 - 1862 الجريمة: بدأت كاثرين ويلسون عملها كمديرة لمنزل الكابتن بيتر ماوير فى منزله ببوستن، لانكولن شاير، لندن عام 1853، عندما كانت تبلغ من العمر 31 عاماً. وصار ماوير مولعاً بكاثرين وكشف لها عن نيته فى أن يترك لها شيئاً فى وصيته بعد وفاته. ولم يمض وقت طويل حتى قضى ماوير نحبه بجرعة زائدة من الكولتشيكوم، وهو نوع من النباتات العلاجية التى تستخدم بجرعات صغيرة، لكنها تصبح سامة إذا تم تناولها بكميات كبيرة وبما أنه كان معلوماً أن الكابتن مات بسبب مرض النقرس، فإن أحداً لم يشتبه فى مديرة منزله. وتقدمت كاثرين بطلب لشغل إحدى الوظائف بلندن وأقامت مع ماريا سواميس البالغة من العمر «48 عاماً»، فى منزلها ببلومسبورى. وصلت كاثرين مع رجل اسمه ديكسون وثمة احتمال أن تكون قد تزوجته. وسرعان ما تعثر الزوجان فى دفع الأجرة المستحقة عليهما، وقررت كاثرين أن أفضل أسلوب لمعالجة هذه الظروف «النحسة» التى ألمت بهما أن تقتل مالكة العقار الذى تسكن فيه. فى البداية، مات ديكسون، فى ظل ظروف غامضة، وجرى تشريح جثته ولكن الأطباء لم يلحظوا وجود مادة الكلوتشيكوم، وبعد مضى أربعة أيام، فارقت السيدة سواميس الحياة، وأخفق تشريح جثتها مجدداً فى الكشف عن هذه المادة. بعد ذلك انتقلت كاثرين إلى بركستون وجاء صديقها الثرى اتكنسون ليقيم معها، وفى اليوم الرابع من زيارته، تلقى اتكنسون برقية من كاثرين تخطره فيها بأن زوجته توفيت فجأة بعد أن سرقت كل أموالها. وعملت كاثرين بعد ذلك لدى سيدة اسمها سارة كارنيل، وبعد أن شعرت بالملل من استخدام مادة الكلوتشيكوم، قامت بإعطائها حامض الكبريت «مياه حارقة»، الذى بصقته سارة فى حين أن السائل حرق الفراش وتسبب فى خرقه، ولاذت كاثرين بالفرار ولكن تم إلقاء القبض عليها بعد ستة أسابيع لمحاولتها ارتكاب جريمة قتل، وجرت محاكمتهما فى منطقة «أولد بايلى». وتمت تبرئتها بعد أن أقنع محاميها هيئة المحلفين بأن أحد الصيادلة قام مصادفة بوضع الحامض فى زجاجة الدواء، لكن فور خروجها من قاعة المحكمة تم إلقاء القبض على كاثرين مرة ثانية، ووجه إليها الاتهام بقتل سواميس. ولم يكن أمامها مفر هذه المرة، وجرى إعدامها شنقاً أمام 20 ألف شخص فى 20 أكتوبر 1862 لتكون آخر امرأة ينفذ فيها حكم الإعدام علناً فى لندن.