تتقدم الشعوب حين تكون الديمقراطية فيها هى: حرية التعبير مع القدرة على التغيير، وبدون إحداهما فهى ديمقراطية عرجاء أو مكسورة الجناح. تتقدم الشعوب حين يتهدد الحكومة شبح هزيمة انتخابية مقبلة، وبدونها (الهزيمة الانتخابية المحتملة) تتحول الحكومة من خادمة للشعب.. إلى حكومة غير مبالية بهذا الشعب أو مستغلة لهذا الشعب. تتقدم الشعوب حين يصبح الحكم مدنيًا علمانيًا.. وذلك لوجود أعظم كلمة فى أى لغة ألا وهى كلمة نقد!.. وحين يكون الحكم عسكريًا أو دينيًا.. أو كليهما معا، تكون هذه الكلمة غائبة..! لأن النقد فى الحكم العسكرى.. خيانة وطنية! والنقد فى الحكم الديني.. حزب الشيطان! إذا طرق الرقى باب أمة سأل أولاً: هل لديهم نقد؟ هل لديهم حرية؟ فإذا أجابوه «نعم..» دخل وارتقت الأمة، وإذا أجابوه «لا..» ولى الرقى هاربًا وانحطت الأمة (فولتير). وكان فولتير يرى تحالف الحكام مع رجال الدين ضد مصالح الشعوب، فتمنى لو أنه خنق آخر سياسى بأمعاء آخر رجل دين! تتقدم الشعوب بالعلم لا الغيبيات.. فهى لن تصل بشعوبها إلى بر الأمان مهما كانت دوافع أصحابها نبيلة! أرادت إسرائيل أن تجعل من أينشتين أول رئيس لها (وهذا يعنى اختيار العلم) لرئاسة الدولة.. ولكنه رفض قائلاً: العلم لا وطن له ولا دين! نزعوا القداسة عن توراتهم.. وناقشوا نصوصها.. وكان أول من فعل ذلك اسبينوزا فى القرن السابع عشر، وجاءت الموسوعة اليهودية لتقول لنا إن التوراة كتبت بعد موسى بمئات السنين، ثم نجد فايتسمان يُعلن ويقول: توراتنا كقطعة قماش منقوعة فى الدماء، وقد آن الأوان أن نشفيها من هذا الدم، ويكتب سيجموند فرويد فى كتابه «موسى والتوحيد» إن إله اليهود كان فظًا، عنيفًا، ضيق العقل، متعطشًا للدماء، أعطى اتباعه سيفًا لطرد أناس من أوطانهم الأصلية (ص113)، وفرويد يهودى حتى النخاع! إن النصوص التوراتية تحتم رجم الزانية، وقطع يد السارق، وغنائم الحرب، وسبى النساء (التوراة عدد3) فهل يتم هذا الآن؟ أم أن حقوق الإنسان، ومعاهدة جنيف للحروب، هما اللذان يحكمان دولة إسرائيل؟! لقد فارق الواقع نصوصهم الدينية، فاقتصرت هذه النصوص على العبادات وهى ثوابت، وابتعدت عن الواقع وهو متغير. فى عصر الشتات.. اختلط اليهود بالدول الأوروبية، فعرفوا أن الفكر الدينى كاسح على المستوى النظرى، كسيح على مستوى الواقع العملى، ليس هذا فقط.. بل وجدوا شعوبًا تتقدم بالبوذية، والكنفوشيوسية، والزرادشتية، بل وشعوبًا بلا دين على الإطلاق (الالحاد فى ألمانيا وإنجلترا 90٪ تسعون بالمائة)، فعرفوا أن الإنسان يمكنه أن يعيش بلا دين ولكنه لا يمكن أبدًا أن يعيش بلا عقل! فذهب الرق، سبى النساء، وغنائم الحرب، وروح الاستعلاء، إلى غياهب الإهمال والنسيان، وكان لابد من الاجماع الصامت على نسيان هذه النصوص (هاملتون جبا). عرف اليهود أن نصوصهم الدينية تدفعهم للحروب وإسالة الدماء، بينما العلمانية تجعل شعوبها تتعايش فى سلام مع كل العقائد.. فنجد بن جوريون يعترف ويقول: تعلمت الإرهاب من التوراة! أصبح اليهود ملوك السينما فى أمريكا، وملوك الموسيقى فى ألمانيا، وأوروبا بالرغم من أن التصوير والموسيقى من المحرمات الدينية باستثناء العود والمزمار! من يصدق أن أستاذ الآثار هرتزوج يعلن: اليهود لم يدخلوا مصر حتى يخرجوا منها! ولم تقم عليه حسبة أو قضية، كما يكتب فنكشتاين وسيلبرمان «التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها» والأول أستاذ آثار يهودى فى تل أبيب، نسف التوراة نسفًا، والرجل كما هو.. لا سكين فى الرقبة، ولا رشاش فرج فودة! صحيح أن هناك تيارًا دينيًا متعصبًا من يهود سلفيين.. ولكنهم حفريات حية مصيرها إلى زوال. [email protected]