سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«المصرى اليوم» تواصل كشف بؤر التلوث فى وسط الدلتا بالصور: مصانع منطقة مبارك الصناعية تضخ مياه الصرف الصناعى والصحى المباشر فى الخزان الجوفى ومصرف «الخضراوية» لرى 10 آلاف فدان
تكشف «المصرى اليوم» عن واقعة جديدة لرى المحاصيل الزراعية بمياه الصرف الصحى والصناعى غير المعالجة فى المناطق المحيطة بمدينة مبارك الصناعية فى قويسنا محافظة المنوفية لمساحات تصل لأكثر من 10 آلاف فدان بمحافظات المنوفية والقليوبية والغربية وتشكل تهديداً للصحة العامة والبيئة ويتم تسويق منتجاتها فى 4 محافظات وهى القاهرة والقليوبية والمنوفية والغربية. وكشفت جولة «المصرى اليوم» بهذه المناطق قيام عدد من مصانع مدينة مبارك الصناعية بالتخلص من الصرف الصناعى مباشرة بضخه فى مصرف الخضراوية الزراعى لتحويله لأكثر المناطق تلوثاً فى وسط الدلتا مهدداً الخزان الجوفى والموارد المائية طبقا لتقرير الشراكة المائية المصرية، وهى إحدى المنظمات المعنية بمكافحة تلوث المياه وأصدرته عام 2004. ويقوم المزارعون فى قرى كفور الرمل وبرة العجوز وشبرابخوم ومنشأة أبوذكرى ومنشأة دملو وأجهور الرمل بالاعتماد على مياه مصرف الخضراوية فى زراعة العديد من محاصيل الخضر مثل الكرنب والبطاطا والجزر ومحاصيل القمح والذرة، اعتماداً على هذه المياه الملوثة أو من خلال الخزان الجوفى الملوث أيضاً بمياه الصرف الصناعى للمنطقة الصناعية بقويسنا، وسط اتهامات للعديد من هذه المصانع بضخ مياه الصرف الصناعى فى الخزان الجوفى بالمخالفة لقوانين الزراعة والموارد المائية والرى والبيئة. وتأتى معظم مياه الصرف الصحى غير المعالج من منطقة مبارك الصناعية مباشرة دون معالجة كاملة من مصانع الجلود والورق ومصانع البلاط والسيراميك بما تحمله من عناصر ثقيلة ومواد كيميائية خطرة على الزراعة والصحة العامة، بينما تعانى هذه المساحات من الأراضى من انخفاض كفاءة الصرف الزراعى المغطى نتيجة انخفاض منسوبه عن منسوب مصرف الخضراوية الزراعى الذى ارتفع منسوبه بصورة ملحوظة أدت إلى ارتفاع منسوب الماء فى الأراضى مما انعكس على تدهور الإنتاجية للمحاصيل الزراعية بالمنطقة وتدهور جودتها، بالإضافة إلى تسرب مياه الصرف الصناعى والصحى إلى المناطق المجاورة لمصرف الخضراوية. واتفق خبراء الزراعة والرى على أن دراسة مصادر التلوث للمياه المستخدمة فى رى المحاصيل الزراعية وكذلك التربة الزراعية ذات التأثير الضار على الإنتاج الزراعى وبالتالى على إنتاج الغذاء بصورة آمنة وتأثيرها على الحيوان والنبات أمر مهم وضرورى لمجابهة الأخطار الناتجة عن تلوث المياه والتربة، مؤكدين أن تلوث مياه الرى يهدد الصحة العامة ويؤدى إلى إنتاج محاصيل غذائية ملوثة تنشر أمراضاً خطيرة مثل التيفود والسل والسرطان والفشل الكلوى والكبدى وسط مطالبات بالتحقيق الفورى فى المخالفات الجسيمة للمصانع المخالفة. من جانبه، أكد الدكتور أيمن فريد أبوحديد، رئيس مركز البحوث الزراعية، أن الضرر البيئى لإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى يتمثل فى مخاطر الملوحة والقلوية، مثل تراكم الأملاح فى منطقة انتشار الجذور بالإضافة الى مخاطر سمية، حيث يؤدى ارتفاع نسبة عناصر البورون والكلوريد والصوديوم والعناصر الثقيلة بتركيزات عن الحدود المسموح بها إلى احتراق أوراق النبات وتأخر مراحل النضج وتقليل الإنتاجية. وشدد على أن إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى تسبب مخاطر صحية تتمثل فى تعرض الإنسان للبكتريا والميكروبات المرضية وتلوث المنتجات الزراعية والغذائية، بالإضافة إلى وجود بعض العناصر الثقيلة التى تتسبب فى أمراض تؤدى إلى الوفاة. ولفت رئيس مركز البحوث الزراعية إلى أن الآثار البيئية الناتجة عن استخدام مياه الصرف الصحى المعالج فى الزراعة تتمثل فى النتروجين الذائب الذى يتأكسد إلى نترات ويسبب أمراضاً للإنسان، حيث يصل أيون النترات والنتريت مع مياه الرى أو تختزنه بعض النباتات فى أنسجتها بنسبة عالية مما يفقدها الطعم ويتغير لونها ورائحتها.. وتنتقل النترات عبر السلاسل الغذائية للإنسان فتسبب فقر الدم عند الأطفال وسرطان البلعوم والمثانة عند الكبار. وأوضح أن وجود العناصر الثقيلة مثل النيكل – الكوبالت - الزئبق - الرصاص - الكادميوم - الفلوريد - السلينيوم فى مياه الصرف الصحى يؤثر على المخ والأعصاب بالإنسان، كما أن الكوبالت واليود يؤثران على الغدة الدرقية، كما يؤثر الزئبق والكادميوم على الكلى، وكذلك السلينيوم يؤثر على الأسنان، أما الرصاص فيسبب أمراض الدم والقلب والسرطان مشيراً إلى أن وجود العديد من البكتريا الضارة مثل بكتريا القولون البرازية والكلية التى تعتبر المصدر الرئيسى للأمراض المعوية وبكتريا السالمونيلا التى تسبب أمراض التيفود وبكتريا الشيجلا التى تسبب أمراض الإسهال. وأوضح أبوحديد وجود العديد من بويضات الطفيليات المسببة لكثير من الأمراض مثل البلهارسيا والانكلستوما والاسكارس والديدان الكبدية بالإضافة إلى وجود البويضات التى تسبب أمراضاً للماشية التى تنتقل للإنسان مثل التينيا سوليوم والتينيا ساجيتا بسبب وجودها فى مياه الصرف الصحى. وأشار أبوحديد إلى وجود تحذيرات عند استخدام مياه الصرف الصحى المعالج منها حظر استخدامها فى زراعة الخضر التى تؤكل نيئة أو مطبوخة أو فى أشجار الفاكهة دون قشرة مثل الجوافة والعنب والتوت، وكذلك يحظر استخدامها فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القطن والأرز والنباتات الطبية والعطرية، موضحاً أنه لا يتم استخدامها فى زراعة الأشجار الخشبية إلا بموجب ترخيص من الجهات المختصة ويحددها وزير الإسكان وتجرى فحوص دورية كل أربعة أشهر. وشدد على أن الخطة الاستراتيجية لاستغلال مياه الصرف الصحى فى مصر تركز على زراعة الغابات الشجرية وفى الظهير الصحراوى بالقرب من محطات إنتاج الصرف الصحى وزراعة الأشجار الخشبية كحزام أخضر حول المدن فى القاهرة الكبرى وزراعة أشجار إنتاج الزيوت مثل أشجار الجاتروفا والهوهوبا لإنتاج الوقود الحيوى. من جانبه، أكد الدكتور خالد أبوزيد، خبير الموارد المائية فى الشراكة المائية المصرية، أنه تم عقد ورشة عمل عام 2004 حول التلوث فى منطقة مبارك الصناعية وأوصت بضرورة القيام بإعادة تقييم الوضع البيئى بالمناطق الصناعية على مستوى الجمهورية، والتأكد من التزام هذه المناطق بالمعالجة السليمة للصرف الصناعى وعدم تلويث المجارى المائية والعمل على إخراج أى صناعات جديدة من مناطق وادى النيل والدلتا إلى المناطق الصحراوية لتوافر المساحات الكبيرة اللازمة لتطبيق أساليب المعالجة اللازمة للصرف الصناعى. وأشار إلى أهمية توعية الأهالى وأصحاب المصانع بضرورة حماية المياه الجوفية من التلوث نتيجة حقن الصرف الصحى والصناعى فى الخزانات الجوفية، وتوضيح خطورته مع العمل على توفير البديل وضرورة الالتزام الصارم للمصانع وجميع المنشآت بالقوانين الخاصة بحماية المجارى المائية وحماية البيئة، خاصة القانون 48 لسنة 1982 والقانون 4 لسنة 1994.