مرشحان في اليوم الرابع.. 7مرشحين يتقدمون بأوراقهم لانتخابات مجلس الشيوخ بالأقصر    "دوباي": خدمات المدفوعات الرقمية للمرتبات تعمل بكفاءة رغم حريق سنترال رمسيس    محافظ الجيزة يعقد اللقاء الأسبوعي لبحث شكاوى المواطنين بعدد من الأحياء    لقاء مرتقب بين الشرع ونتنياهو في واشنطن سبتمبر المقبل    إيران: واشنطن تسعى للعودة إلى الحوار والقرار بيد القيادة بعد تقويض الثقة    نتنياهو: آمل أن ننجز المفاوضات مع حماس    برنامج الأغذية العالمي: الحاجة في غزة كبيرة والجوع ينتشر    الحوثي: ملتزمون بحرية الملاحة للجميع باستثناء إسرائيل ومن يدعمها    مونديال الأندية.. تشيلسي يتقدم على فلومينينسي في الشوط الأول    «اتصالات النواب» توصي الحكومة بتقديم خطة ضمان عدم تكرار حريق سنترال رمسيس    المشدد 10 سنوات لعامل بتهمة حيازة حشيش وقيادته تحت تأثير مخدر بالقليوبية    بعد أزمة سرقة اللوحات الفنية.. ON تحذف برومو برنامج مها الصغير الجديد    رامي جمال يروي كواليس أحدث أعماله الفنية «محسبتهاش»    عودة الملك لير.. يحيى الفخراني يفتتح العرض الثالث بحضور وزيري الثقافة والخارجية    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    السفير الفرنسي بالقاهرة: «ندعم الموقف المصري الرافض للنزوح الجماعي وتهجير الفلسطينيين»    التعليم العالي: فتح باب التسجيل بالنسخة الثانية من مبادرة "كن مستعدًا" لتأهيل الطلاب    حسام عبد المجيد يرحب بتعديل عقده مع الزمالك    معتز وعمر وائل يتوجان ببرونزية التتابع في بطولة العالم للخماسي الحديث    مملكة الحرير.. الأشقاء يجتمعون مرة أخرى بعد انتشار الطاعون    فابيان رويز: نحترم ريال مدريد وسنقاتل على بطاقة نهائي المونديال بأسلوبنا    رئيس جامعة بنها يتفقد مستشفى الجراحة: تطوير ب350 مليون جنيه لخدمة مليون مواطن سنويا    تطورات الحالة الصحية للإعلامية بسمة وهبة بعد إجراء عملية جراحية    العثور على طبيب مصاب بجرح فى الرقبة داخل مستشفى بنى سويف الجامعى    شباب عُمان.. تتوج بجائزة مهرجان لوهافر للإبحار بفرنسا    تعليم الإسماعيلية تؤهل طلاب الثانوية لاختبارات قدرات التربية الموسيقية    إحالة الأم المتهمة بقتل أطفالها الثلاثة بالشروق للمستشفى النفسي    زحلقنا الأمريكان، مبارك يكشف في فيديو نادر سر رفضه ربط شبكات القاهرة بسنترال رمسيس    أجواء شديدة الحرارة ورطوبة مرتفعة.. "الأرصاد" تُحذر من طقس الساعات المقبلة    دينا أبو الخير: الجلوس مع الصالحين سبب للمغفرة    إصابة 3 أشخاص فى مشاجرة بالأسلحة النارية بقنا    بحوث الإسكان يناقش تخطيط وتنفيذ مشروعات الساحل الشمالي والتغيرات المناخية    كشف حساب مجلس النواب في دور الانعقاد الخامس.. 186 قانونا أقرها البرلمان في دور الانعقاد الخامس.. إقرار 63 اتفاقية دولية.. 2230 طلب إحاطة باللجان النوعية    رئيس جامعة بنها يتفقد سير العمل والاطمئنان على المرضى بالمستشفى الجامعي    طريقة عمل كيكة الشوكولاتة بأقل التكاليف والنتيجة مبهرة    ننشر أسماء أوائل الصف الثالث للتمريض بمحافظة مطروح للعام الدراسي 2024 - 2025    بعد غياب 8 سنوات.. إليسا ووائل جسار يلتقيان في ليلة الأحاسيس بجدة    مدير أوقاف مطروح: آفة العصر إدمان السوشيال ميديا وسوء استخدامها    فودافون مصر تعزي "وي" في ضحايا حادث حريق سنترال رمسيس: "قلوبنا معكم"    الخميس.. الأوقاف تنظم 2963 مجلسا دعويا حول آداب دخول المسجد والخروج منه    سمير عدلي يطير إلى تونس لترتيب معسكر الأهلي    الشرطة الإسبانية تكشف نتائج التحقيقات الأولية حول وفاة جوتا    لرفع المعدلات البدنية.. المصري يتدرب على رمال شواطئ بورسعيد    البحر الأحمر تشدد على تطبيق قرار منع استخدام أكياس البلاستيك وإطلاق حملات لحماية البيئة البحرية    «الوطنية للانتخابات»: 311 مرشحا لانتخابات الشيوخ على الفردي.. .ولا قوائم حتى اليوم    غلق وتشميع 13 كافيتريا لإدارتها بدون ترخيص فى الزقازيق    الأردن يحصد برونزية البطولة العربية لسيدات السلة على حساب الجزائر    وزير الكهرباء و"روسآتوم" يتفقدان سير العمل في مشروع المحطة النووية بالضبعة    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء ينتمون للجماعة الإرهابية داخل مراكز الإصلاح    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    فرص جديدة واستقرار مالي.. اعرف توقعات برج الحوت في الأسبوع الثاني من يوليو 2025    وزارة الأوقاف تخصص 70 مليون جنيه قروضًا حسنة بدون فوائد للعاملين    وفّر في استهلاكك وادفع أقل في فاتورة الكهرباء    الداخلية تكشف ملابسات فيديو هروب الربع نقل على دائري المقطم في القاهرة    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    وزير البترول: تنفيذ مشروعات مسح جوي وسيزمي لتحديد الإمكانات التعدينية فى مصر    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    موعد مباراة تشيلسي وفلومينينسي في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا صغيرتى.. ليس كلُّ فأرٍ «جيرى»

علّق الأستاذ حمدى يوسف على مقالى السابق متسائلاً ماذا يفعلُ مع طفلته الصغيرة التى تطلبُ منه أن يأتيها بفأر أبيضَ لتربيَه؟ هو يكره الفئرانَ؛ لأنَّ لديه ميراثًا مريرًا معها، فيما طفلتُه لم تكوّن بعد ميراثَها الخاصَّ مع الفئران. كلُّ ما تعرفه أنها كائناتٌ ذكيّةٌ خفيفةُ الظلّ، تذكِّرها ربما بالفأر «جيرى» فى الكارتون الشهير.
هذه الطفلةُ الجميلة، وكلُّ أطفال الدنيا، يشبهون ذلك الكائنَ الفضائىَّ الذى تكلمنا عنه فى المقال السابق، من حيث أنَّ لا ميراثَ لديه مع الصرصار أو الفأر أو الفراشة أو سواها من كائنات الأرض، جميلها وقبيحها، حسب تقييمنا البشرىّ.
لهذا السبب، الأطفالُ علماءُ كبار. لديهم نظرةٌ صافيةٌ بِكرٌ للأشياء، لم تلوّثها بعدُ المعرفةُ المنقولةُ عن الآخرين. يمكن لطفلٍ صغير، إذا ما رأى صرصورًا، أن يركضَ وراءه بفرح، محاولاً الإمساكَ به واللعب معه. سوف تنهره أمُّه، ثم يبصرُها وهى ترفعُ حذاءَها، وعلى وجهها سيماءُ التقزُّز والنفور.
هنا سيتعلّمُ الطفلُ شيئًا جديدًا.. درسَه الأولَ حول تقييم الموجودات من خلال أعين الآخرين وعقولهم. سيتعلّم أنَّ هذا الكائنَ مُنفِّرٌ وغيرُ مرغوبٍ فى وجوده بيننا، نحن بنى الإنسان. تمامًا مثلما سيتعلم، عبر ابتسامة الراحة والنشوة فى وجه أمه، وهى ترقبُ فراشةً ملوّنة غافلتِ النافذةَ ودخلت غرفتَها، أن الفراشةَ كائنٌ عَذْبٌ جميل.
هنا يبدأ الطفلُ فى تكوين إرثه المعرفىّ حول الأشياء. هو إرثٌ نَقْلىّ غيرُ عقلىّ تقريبًا. ذاك أنه يرانا، نحن الكبارَ الناضجين، نكرهُ ونحبُّ، فيتعلم، لا إراديًّا، أن يكرهَ ويحبَّ. والمؤسفُ فى الأمر أن معظم معارفنا نَقْليةٌ بامتياز، لا محلَّ للعقل فيها إلا أقلّ القليل. كلُّنا يقلّد أباه وأمّه ومعلّمَه وشيخَه وكاهنه وحبرَه، ولا نُعْمِلُ عقولنا إلا قليلاً!
وهنا، أنا لستُ أدعو إلى وأْد التراث، بل إلى تأمله جيدًا والتبصّر فيه. تجاربُ الآخرين توفّرُ لنا الوقتَ وتختصرُ الجهدَ، دون شك، لكنها تحرمنا لذّةَ الكشف الأول. لابد أن نخوضَ التجاربَ كى نفرحَ باكتشافاتنا واندهاشاتنا. للاندهاش متعةٌ فريدة لا تمنحها لنا النصائحُ الجاهزة المُعَلَّبة. لماذا لا نترك أبناءنا يخبرون كشوفَهم ويصادفون اندهاشهم بالأشياء، طالما أمِنّا عليهم من المخاطر؟
 لذا، ربما سأقترحُ على عزيزى الأستاذ يوسف، ليس فقط أن يأتى طفلتَه بفأر أبيض، ويتركها مع دهشتها الفَرِحَة الأولى به، بل سأدعوه أن يجرِّبَ معها كشفَها الخاصَّ الطازجَ بالفأر الصغير، ربما غيّرت الصغيرةُ إرثَه السلبىَّ القديم، ربما صالحته على كائنٍ تعسٍ لم يحبّه يومًا اسمه «الفأر».
وطبعًا على الفأر، أيضًا، أن يقدِّمَ أوراقَ اعتمادٍ جديدةً تجعله كائنًا جميلاً غير مقزز، وهو ما لا أضمنه أنا، لكننى، بكلِّ يقين، أضمنُ للأب والطفلة تجربةً جديدة تحملُ كشوفًا لا تخلو من متعة ودهشة.
أظنُّ أن الفنانين التشكيليين هم أوّلُ من أدركَ فرادةَ «عين» الطفل من حيث التقاطها البِكْر للموجودات من حولها. لذلك راح الفنانون يحاولون إبصارَ الأهداف التى يرسمونها من خلال عيون الأطفال الصافية. فى المراحل المتقدمة من تجربته الفنية، راح بيكاسو يرسمُ العالم كما لو بريشةِ طفل يلهو بالفرشاة ويعبث بالألوان.
وقال فى هذا: «هل كان علىّ أن أعيشَ ستين عامًا لأرسمَ كما يرسم الأطفال؟» كذلك الشعراءُ يحاولون ألا يكبرَ الطفلُ الصغير فى أرواحهم، من أجل أن يقبضوا على جمرة الدهشة الدائمة، تلك التى تموتُ موتًا بطيئًا كلما تقدمنا فى العمر، ونضجَ وعيُنا بالأشياء.
أنْ تظلَّ تندهشُ مما قد لا يُدهِشُ الآخرين، أنْ تجدَ الجمالَ فيما يراه الناسُ قبيحًا، أن تفتِّشَ بين خبايا الشىء عمّا لا يراه الآخرون، أن تظلَّ تُبهجُكَ ورقةُ الشجرة، وريشةُ الطائر، وشَقٌّ ضئيلٌ فى صخرة، ومَيْلٌ طفيفٌ فى ساق نبات، ونملةٌ صغيرة تسعى نحو جُحْرها، فأنتَ طفلٌ، وأنت عالِمٌ، وأنت، بالضرورة، شاعر.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.