مجدي مرشد نائب رئيس حزب المؤتمر ل"صوت الأمة": التدخل الرئاسي أنقذ الانتخابات.. ولا يوجد أي غبار على مجلس النواب الجديد    وزير البترول: اتفاقية الغاز مع إسرائيل تجارية بحتة وتعود ل2019.. ولا زيادات بأسعار المواد البترولية حتى أكتوبر 2026    رئيس مجلس القضاء الأعلى في العراق: لا يمكن دستوريا وقانونيا تأجيل أو تمديد جلسة البرلمان المقبلة    زيلينسكي: الولايات المتحدة تستهدف ضم روسيا وأوكرانيا على طاولة مفاوضات ميامي    إعلام عبرى: إسرائيل تدرس إقامة سجن أمنى جديد محاط بالتماسيح بطلب من بن غفير    انتصار صعب لليفربول على توتنهام بدون محمد صلاح    الاتحاد السكندرى يتعادل مع سموحة سلبيا فى كأس عاصمة مصر    وزير الشباب ومحافظ بورسعيد يقدمان واجب العزاء في وفاة السباح يوسف محمد    أسماء ضحايا ومصابي حادث تصادم تريلا وموتوسكلين بقنا    تموين الأقصر تضبط نصف طن لحوم بلدية و دواجن وشحوم فاسدة فى مكان تجهيز أحد المطاعم    جبر خاطره بحضن وأخذ بيده خارج الاستوديو.. مصطفى حسنى يصطحب متسابق بدولة التلاوة    دار الإفتاء توضح أفضل أوقات صيام التطوع.. وحكم صيام الاثنين والخميس    المصل واللقاح: انتشار الفيروسات التنفسية طبيعي في الخريف والشتاء.. و65% من الإصابات إنفلونزا    استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال غرب جنين    بيطري دمياط يحبط مخططات تجار الصحة ويُنفذ حملة موسعة على المطاعم والمجازر    وزارة العدل الأمريكية: لم ننقح أي ملفات لحماية ترامب عند إصدار وثائق إبستين    انطلاق الحلقة 12 من برنامج دولة التلاوة بمشاركة كبار القراء.. بث مباشر    وزير خارجية بوتسوانا: المنتدى الروسي - الأفريقي منصة مهمة لتحديد أولويات التعاون    مصر الاستثناء التاريخي.. من كسر لعنة الدفاع عن لقب أمم أفريقيا؟    نائب محافظ الجيزة يتابع مراحل تشغيل محطات رفع الصرف بأبو النمرس وحى جنوب    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    المستشفيات التعليمية تحتفل بمرور 100 عام على إنشاء معهد الرمد التذكاري    ايمي سمير غانم تعلق على فكرة زواج حسن الرداد للمرة الثانية    د. محمد العبد: مجمع اللغة العربية منارة ثقافية يواكب احتياجات التحول الرقمي| خاص    تحسين حياة المواطن بالأقصر تتصدر اهتمامات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة    أمين مجمع البحوث الإسلامية يحاضر علماء ماليزيا حول ضوابط الإيمان والكفر    منتخب مصر    محمد صبحي يكشف كواليس لقائه بأم كلثوم: «غنّت لي وحدي وأهدتني 50 جنيهًا»    تشكيل الزمالك - كايد في الوسط وعمرو ناصر يقود الهجوم ضد حرس الحدود    تشكيل الاتحاد السكندري لمباراة سموحة في كأس عاصمة مصر    الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري السابق يفتح ملف أمن مصر المائي في حوار مع «صوت الأمة»: القيادة السياسية لن تفرط في نقطة مياه واحدة.. والأمن المائي واجب وطني ومسؤولية جماعية    وزير الخارجية يلتقى مفوضة الاتحاد الأفريقى للتنمية الاقتصادية والتجارة    فولتماده: لا أعرف كيف تعادل تشيلسي معنا.. وجمهور نيوكاسل يحبني    النائب العام يوافق على رفع اسم علاء عبد الفتاح من قوائم الممنوعين من السفر    المتحف المصرى بالتحرير.. هل غابت شمسه؟    خلال 10 أيام.. التفتيش على 3605 منشآت يعمل بها أكثر من 49 ألف عامل    أهالى البلد اتبرعوا بسيارة هدية فوزه بالمركز الأول عالميا فى حفظ القرآن.. فيديو    رئيس جامعة بنها يحيل طبيبين بالمستشفى الجامعى للتحقيق    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    أمن الجيزة يلقي القبض على "راقص المطواة" بالبدرشين    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    صحيفة أمريكية تكشف تفاصيل جديدة عن العبء المالي على أوروبا في دعم أوكرانيا    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    غزة.. ارتفاع حصيلة ضحايا خروقات الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار إلى 401 شهيد و1108 مصابين    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    حقيقة فيديو تجاوز إحدى الرحلات الجوية طاقتها الاستيعابية من الركاب    رئيس هيئة التأمين الصحى فى زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    محاكمة 37 متهما بخلية التجمع.. اليوم    مقتل عروس المنوفية.. الضحية عاشت 120 يومًا من العذاب    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعرفة حرية


 (1)
منذ أيام كنت أجلس فى جلسة اجتماعية مع أحد الأصدقاء فى منزله، وجاء ابن هذا الصديق غاضبا من عمله لأن صاحب العمل أخذ يتحدث بشكل غير علمى فى موضوع من الموضوعات الخاصة بالعمل.. ولما حاول ابن صاحبى أن يصحح له ما يقول بحسب ما تعلمه وجد زملاءه يضيقون عليه، وفى نفس الوقت أخذ صاحب العمل يلاحقه فى الكلام بطريقة غير طيبة.
وعندما سمعت هذه القصة تذكرت كلمات قرأتها ودوّنتها منذ سنوات، لحوار دار بين هاملت ووزيره بولونيوس، وذلك حينما كانا ينظران إلى سحابة فى السماء كانت آخذة فى التشكل، فدار بينهما حوار حول الشكل الذى تتخذه السحابة وذلك كما يلى:
قال هاملت فى البداية: أترى تلك السحابة التى أخذت شكل الجمل؟
فأجابه بولونيوس: نعم أراها، وأقسم بأنها حقًا فى صورة الجمل؟
ثم عاد هاملت وقال له: لكننى أظنها أقرب إلى فأر.
فقال بولونيوس: الحق أن لها ظهرًا يجعلها كفأر فعلاً.
ثم غيّر هاملت كلامه مرة أخرى بقوله: أو هى تشبه الحوت؟
فأمّن بولونيوس على كلامه للمرة الثالثة بقوله: إنها أقرب- جدا- إلى صورة الحوت.
... وهكذا أيّد بولونيوس هاملت بحماس فى كل مرة غيّر فيها رأيه.
(2)
تعكس قصة هاملت كيف أن السلطة تهيئ لصاحبها أنه يمتلك الحقيقة من جهة، وأنه يمكن أن يغير رأيه كيفما شاء وفى أى وقت، وعلى الآخرين أن يقبلوا بما يقول من جهة أخرى، فالسحابة لدى الأمير مرة «جمل» ومرة «فأر» ومرة «حوت»، هكذا بحسب تقديره الشخصى وليس وفق معايير علمية.. ولأن المعرفة تصدر عن السلطة أكثر مما تصدر عن العلم والاختبار والتراكم والاطلاع فإن على المحيطين قبول ما يقال.. إنه سلوك ينتمى- بامتياز- إلى الثقافة الأبوية التى تجعل من لديه سلطة- أى سلطة- هو من يملك المعرفة الصحيحة وليس المعرفة فى ذاتها بما تحمل من منطق وجدة وجدية.. إنها إشكالية السلطة أى سلطة: المال، الدين، السياسة، السن، القوة...الخ.
سلطة القوى الذى صوّر للضعيف فى أحد الأفلام بأن العلبة المعدنية الصغيرة بداخلها «فيل»، فيقبل الضعيف كل ما يتناقض مع العقل والمنطق.. وهى نفس السلطة التى تعطى للدعاة الدينيين (على اختلافهم) لأنهم نجحوا فى استقطاب قاعدة جماهيرية كبيرة فى المجال الدينى- ولا اعتراض لنا على ذلك- وهذا يؤهلهم للحديث فى التنمية، مثلا، وفى موضوعات أخرى.. فنراهم دون أن يدروا يعيدون الحديث فى موضوعات تم نقدها وتجاوزها فى مجال التنمية والمجالات الأخرى خارج مجال الدعوة الدينية..
 ونراهم يبدأون فى هذه المجالات وكأنهم يعيدون اختراع العجلة من جديد بنفس الأخطاء من دون التعلم من خبرات الآخرين.. إنها نفس إشكالية صاحب العمل الذى يتصور أن امتلاك المنشأة/ المال يبيح له الحديث المعرفى كيفما شاء، وقد يكون منقطعًا عن العلم منذ زمن ويحول دون أن يعبر الشاب عن معرفته لأنه يعمل لديه.. وغالبا فى هذه الحالة فإننا سنجده يستعيد ما يعرفه الذى مر عليه عقود ورافضًا للجديد الذى لا يعرفه.
(3)
ولأننا لم نفطم بعد من الثقافة الأبوية فلم تزل «المعرفة أسيرة السلطة».
سلطة المال والجاه والمكانة... الخ.
بالرغم من أن المعرفة هى نتاج التجربة والاختبار القابل للتغيير وفق معايير علمية.. وقد آن الأوان لكى نتحرر من أسر السلطة فى تكوين معارفنا حيث نكتشفها وندركها من خلال الاختبار والتراكم.. ونضمن أيضا عدم التداخل بين المعارف.. فليس بالضرورة أن من يتميز فى مجال معرفى يكون متميزا فى مجال آخر من منطلق سلطة نجاحه فى المجال الأول.. وهكذا.
من حق أى أحد الحديث فى أى موضوع من منطلق معرفى وليس من منطلق السلطة.. ومن حق أى شخص أن ينتقد وفق قواعد وأصول علمية نتفق عليها.. وهكذا نضمن أن نعصم شبابنا من أن يسايروا من فى السلطة كما فعل بولونيوس، فيقبل كل ما يقول به الأمير.. وفى نفس الوقت نحميهم من الإحباط لأنه ليست لدينا تقاليد تضمن لهم أن يقدموا ما لديهم من معرفة جديدة مختبرة مثلما تعرض ابن صديقى عندما لم يتوفر له مناخ حوارى مع صاحب العمل.. وبغير ذلك لا تتقدم المجتمعات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.