مع قدوم المساء كل يوم، تتحول قرية شبرامنت والعزب المجاورة لها إلى مزرعة كبيرة للفئران حتى إن المواطنين لقبوا «عزبة جحا» التابعة لها، ب«عزبة الفئران» لكثرة الفئران بها ولمهاجمتها المواطنين بين الحين والآخر.. «شبرامنت التى تبعد عن القاهرة بحوالى 40 كيلو مترًا تتخللها ترعة المريوطية عند مدخل القرية لتفوح برائحة كريهة بسبب أكوام القمامة المنتشرة فى كل مكان». وكلما توغلت داخل القرية سترى ترعًا ومصارف تفوح براوئح كريهة اعتاد عليها المواطنون، إلا أن هناك منطقة أصبحت محظورة بالنسبة للجميع والمعروفة باسم «الرشاح» نظرا لكثرة الفئران وغيرها من الحشرات الغريبة - على حد وصفهم - وباتت منطقة الرشاح بمثابة مقلب قمامة عمومى للقرية، فالجميع يذهب بمخلفات منزله قاصدا هذا المكان الملاصق لمصرف «اللبينى»، وأصبح الرشاح هو منبع الحشرات الطائرة والزاحفة التى تهدد صحة المواطنين. وأخطر هذه الأمراض كما يراها فلاحو القرية هو الطاعون، لأنه وكما يقول رجب حمزة، البالغ من العمر 64 عاما: «يصيب الإنسان إذا هاجمه فأر وعضه فإنه ينقل له العدوى».. رجب يرى أن الحياة اختلفت كثيرا عن العقود الماضية، فعلى الرغم من انتشار الفئران والقوارض بالقرية فإنه يقول: «أهالى القرية أصبح لديهم وعى بالتنظيف والقضاء على الحشرات، ولكن ذلك لا يمنع وجود فأر فى المنزل بين الحين والآخر». خطر الفئران لا يكاد يتوقف على مهاجمتها سكان القرية فى ساعات الليل لكنه يصل إلى المدرسة.. يقول محمود صالح أمين، مخازن بمدرسة الإعدادية: «الفئران منتشرة فى كل مكان، ونضع سم فئران فى كل مكان، لكنها لاتزال موجودة وتتكاثر بشدة، وأخشى على وظيفتى كأمين مخازن من الفئران لأن وجودها بالمخزن يسبب كارثة للدفاتر، لذلك أحرص على وجود مصيدة فئران ووضع السموم لقتلها». الخطر الذى يواجهه المواطنون ليس فقط فى تعرضهم للمرض ولكنه أيضا أصبح يهدد الناس فى مصدر رزقهم، وهو ما يوضحه رمضان السعيدى، صاحب محل بقالة، إذ يقول: «الفئران تهاجم المحل لأنه دور أرضى، وفى مواجهة الترعة، وبطبيعة الحال نجدها فى كل لحظة وفى إحدى المرات ظل فأر يعيش بالمحل دون أن أدرى وكاد يتلف البضائع ومصدر رزقى لولا أننى حاولت إخراجه بجميع الطرق واضعا مصيدة وسم الفأر على ثمرة طماطم، إلى أن اصطدته وتخلصت منه فى الترعة». رغم ما يشاع عن أن القطط تبعد الفئران عن المنزل، فإن الواقع أثبت عكس ذلك، فكما يقول ماجد كمال، أحد السكان: «الفئران هنا متوحشة وكبيرة الحجم بشكل مبالغ فيه، ولم تعد القطط مصدر قلق بالنسبة لهم، لأن أعدادهم كثيرة جدًا ويستطيعون التغلب عليها، فالكثرة تغلب الشجاعة كما يقال». ويوضح ماجد أن المسؤولين عن النظافة بالمنطقة لا يقومون بأقل واجباتهم حتى يمكن القضاء على الفئران، لأن الزبالة فى كل مكان، كما أن الحشرات تطير علينا وتنقل لنا العدوى من الترع والمصارف دون اهتمام من المسؤولين بالقضاء عليها أو رش هذه الأماكن وتطهيرها». الحال التى يعيشها سكان «شبرامنت» لا تختلف كثيرا عن حالة المواطنين فى منطقة «أبوقتادة» الملاصقة لمترو أنفاق جامعة القاهرة، فبجوار المترو وأسفل كوبرى ثروت، توجد «ترعة الزمر» التى تحولت إلى مقالب للقمامة ومصدر للحشرات والفئران، فكما يقول مصطفى عشماوى، أحد سكان المنطقة: «لا نذوق للنوم طعما بسبب الحشرات التى تطير علينا من هذه الترعة، نتيجة لأكوام الزبالة المنتشرة فى كل مكان. كما أنه لا يكاد يخلو بيت من الفئران التى تهاجمنا كل يوم لولا أننا نضع مصيدة، بالإضافة إلى سم الفأر حتى نقضى عليها»، ولفت مصطفى إلى أن ترعة الزمر هذه تمت تغطيتها فى كل الأماكن التى تمر بها إلا أنها بجوار المترو لا تزال مكشوفة وتؤدى إلى وجود هذه الحشرات والفئران والروائح الكريهة».