مصر ليست فقط عربية وإن كانت لغتها هى العربية، وليست فقط إسلامية وإن كان دين الأغلبية هو الإسلام، وإنما مصر أيضًا أفريقية وآسيوية ومتوسطية نسبة إلى البحر المتوسط، ونيلية نسبة إلى حوض نهر النيل، وذلك فضلاً عن طبقاتها التاريخية المتراكمة من مصر القديمة (الفرعونية) إلى مصر اليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية، وهى جماع تلك الجغرافيا وذلك التاريخ. وطالما دعوت إلى مهرجان للسينما الأفريقية فى مصر، وثانٍ لدول حوض نهر النيل العشر، وآخر للسينما العربية، كما أن هناك مهرجانًا لدول البحر المتوسط فى الإسكندرية، ومن هنا اهتمامى الخاص بالسينما الأفريقية فى مهرجان «كان» وغيره من المهرجانات الدولية التى أحضرها. وقد تناولت أمس الفيلم الأفريقى الوحيد الذى عرض فى «كان» 2009، وهو الفيلم المالى الفرنسى «قل لى من أنت» إخراج سليمان سيسى، وكانت المعلومات المتداولة عنه أنه فرنسى مالى حتى شاهدت الفيلم وقرأت العناوين المطبوعة، وهى المصدر الأصلى لأى معلومات عن أى فيلم، ويعكس مستوى الفيلم المخيب للآمال الأزمة العنيفة التى تعانى منها السينما الأفريقية وأقصد هنا أفريقيا السوداء، وليس أفريقيا العربية وربما كان من أسباب ضعف الفيلم أن مخرجه رغم اسمه العالمى الكبير لم يقف وراء الكاميرا منذ عام 1995، أى منذ 12 سنة كاملة. والأزمة ليست أزمة إنتاج فقط، وإنما أزمة شاملة تتضمن التوزيع ودور العرض والاستديوهات والمعامل، ومن هنا فإن أغلب الإنتاج الأفريقى مدعوم بشكل أو آخر من البلاد الأوروبية التى كانت تحتل أغلب دول أفريقيا، خاصة فرنسا، وفى حوار منشور أجراه صحفى فرنسى مع سيسى يسأله عن رأيه فى قول ساركوزى رئيس فرنسا الحالى إن أفريقيا وضعت على هامش التاريخ، وكان رد سيسى البعض يعتقد أن ثقافته هى كل ثقافة العالم، وإذا لم تكن ثقافتنا معروفة لغيرنا فهذا ليس خطأنا، أفريقيا حقيقة، وقد مرت بكل العصور من الحضارات القديمة ومنها الفرعونية إلى العصر الحديث. وشهد المهرجان حفلاً لجمع التبرعات لبناء دور عرض فى أفريقيا دعا إليه المخرج الموريتانى عبدالرحمن سيساكو، وتبرع فيه جيل جاكوب، رئيس المهرجان، والممثلة العالمية جولييت بينوش كل منهما بخمسة آلاف يورو، كما شهد الإعلان عن المهرجان الثقافى الأفريقى الثانى فى الجزائر من 4 إلى 20 يوليو المقبل بعد 40 سنة من إقامة المهرجان الأول، ولكن التبرعات لن تنقذ السينما فى أفريقيا بالطبع، كما أن دور المهرجان المرتقب المساهمة فى الخروج من الأزمة بمبادرات جادة، وهذا ما نأمله وكل من يهمه الأمر. [email protected]