لم تكن المباراة الفاصلة لحجز تذكرة التأهل إلى مونديال كأس العالم بجنوب أفريقيا بين المنتخب الوطنى ونظيره الجزائرى على استاد أم درمان مجرد مباراة فى كرة القدم داخل المستطيل الأخضر ولكنها شكلت الكثير للشعب السودانى الذى استقبل المباراة بود ليحقق من خلالها مكاسب اقتصادية وسياسية كان فى أمسّ الحاجة إليها. فكان لتوافد أنصار الفريقين مؤشرات اقتصادية مهمة، حيث استقبلت الخرطوم ما يقرب من 50 ألف مشجع بعد سنوات من الركود الاقتصادى الذى تعيشه العاصمة السمراء ووسط ضغوط سياسية وتوترات فى العلاقات الدولية واحتقانات داخلية بين شريكى الحكم فى وقت تقترب فيه العملية الانتخابية فى أبريل المقبل، ووسط كل هذه الظروف جاءت المباراة الفاصلة لتضع حداً لكل تلك الضغوط وتقرّب المسافات بين الحكومة والشعب السودانى، مما أجبر الأولى على الاهتمام بالمباراة لدرجة أن مجلس الوزراء عقد اجتماعاً لمناقشة تدابير الحفاظ على الأمن واجتمع الرئيس البشير بمسؤولى المنتخبين، وطالب بضرورة التآخى والتعاون واستثمار مناخات كرة القدم لتعزيز العلاقات بين الشعبين وتجاوز التوترات السابقة. وعلى الصعيد ذاته، شهدت الحركة الاقتصادية انتعاشاً واضحاً خصوصاً فيما يتعلق بالفنادق والعقارات وقطاع الاتصالات والنقل العام، حيث أفادت المتابعات الدورية على مدار الأيام الماضية ارتفاع حركة القدوم إلى مطار الخرطوم الدولى بنسبة بلغت أعلى سقف لها لتصل نسبة القادمين إلى 65٪ عن المعدل اليومى التقليدى مما ألزم سلطات المطار بالشروع فى استخدام صالات أخرى لاستقبال القادمين مع الفصل بين أنصار الفريقين فى صالات الوصول خوفاً من الاحتكاك، فيما ارتفعت أسعار إيجارات العقارات فى العاصمة بنسبة 200٪ ووضعت الفنادق شعار «لا توجد شواغر» فلجأ الكثير من القادمين إلى ضواحى العاصمة للسكن، فيما استضاف عدد من الأسر السودانية أعداداً مقدرة من المشجعين المصريين والجزائريينوعلى مدار الأيام الأربعة الماضية، عاشت الخرطوم حالة استثنائية، وشهدت شوارعها حالة من الرواج والزحام فى آن واحد، كما حصل الشعب السودانى على فرصة رائعة للانفتاح على شعبى مصر والجزائر، ومنحت المباراة الكبرى التى حظيت باهتمام عالمى الاتحاد السودانى لكرة القدم فرصة التواصل مع الفيفا والخروج بمكاسب كبيرة تتعلق بالتنظيم وإمكانية طلب تنظيم بطولات كبرى فى المستقبل إذا ما كان النجاح عنواناً لتنظيم المباراة.